انفرجت اساريرها ، وسرت الدماء في اخاديد وجهها المتجعد، المتعب من جور السنين، ولاحت ابتسامة امل في وجهها، عندما جاءها تلفون ( يبشرها ) ان احدى المنظمات الخيرية ترمي الى تكريم الارامل، مما دعاها الى زيارة جارتها بسرعة واخبارها: ماتدرين مو تذكرونه، اجابتها الجارة متسائلة ومتشككة ها خير اشوفج فرحانة منو التذكرج؟ ردت مو اكو منظمة ايكولون مهتمه هل ايام بالارامل وتوزعلهن اشكال بمناسبة عيد نهاية السنة، وذكرى عاشوراء وخابروني بالتلفون يردون حضوري.
قبل عيد راس السنة بيومين تجمعت اكثر من سبعين ارملة من نساء محافظة بابل، وهن يتسائلن عن فرحة العيد وماتحمله لهن، منذ سنوات وهن منسيات في الدروب المظلمة، يعانين من وحدة رفقة الحبيب الذي رحل قبل اوانه وتركهن فريسة الوضع الاجتماعي الذي لايرحم والاقتصادي الذي لايوصف الا بالعوز، وارتداء السواد لتتحول حياتهن سواد في سواد، ويحاسبن ويتهمن على الضحكة، او نزع السواد، واكثرهن قد فارقن الاحبة في عز شبابهن وفي غفلة من الزمن! لم يفكرن في حياتهن وما يفرحهن ويدخل البهجة فيها بقدر مايفكرن بتربية (الحمل) الكبير الذي تركه الاباء، وهو الاطفال، وتوفير لقمة العيش .
(أ) تقول اتصلوا بي قبل ايام والمساعدة في الحصول على تلفونات وعناوين عدد كبير من الارامل، منهن ارامل السجناء المتوفين، لاعطاءهن هدايا من قبل احدى عضوات البرلمان، واثار هذا الخبر النساء الارامل، بان احدى عضوات البرلمان والتي تمتلك راتبا عاليا اولا، وثانيا تتراس منظمة انسانية وخيرية ( راح ايخلن ايدهن بالدهن كما يقولون) ، المهم بعد اتصالات وتبادل ارقام تلفونات، تم تحديد اكثر من سبعين أرملة من مناطق مختلفة من محافظة بابل.
وتضيف(أ) هناك من اتت على كرسي متحرك ومن تتكيء على عكازة، وبانت في وجوههن اثار التعب والقهر، يجرجرن بعباءاتهن.
اما نزار من مؤسسة السجناء، فيقول، احدى جاراتي لاتمتلك اجرة السفر، اقرضتها (25) الف دينار املا في ارجاعها لي عند استلامها الهدية من قبل عضوة البرلمان ورئيسة المنظمة.
في حين اشارت زميلة له تعمل في نفس المجال وهي سجينة سابقة، صديقتي اتت من منطقة ابو غرق، التي تبعد عشرات الكيلو مترات عن مركز المدينة، وقضت الليلة عندي، وهي ايضا لاتمتلك اجرة السيارة، فاقرضتها الاجرة قلت لها رجعيها من تستلمين الهدية، اكيد هدية دسمة.
ما أطيل السالفة عليكم تقول (أ) تجمعت عشرات النساء الارامل في مكان مخصص للاحتفال بهن والتكريم، وهن يتطلعن لتلك اللحظة التي سوف يقبضن على الهدية، ثم جاء خبر ان مكان التجمع قد تغير الى اخر ابعد منه، فاصاب النساء المسكينات المترملات التململ والازعاج، وبالرغم من ذلك فقد ذهبن للمكان الاخر، يتهامسن عن ثقل الهدية، احداهن اشارت اكيد مو اقل من (200) الف دينار.
جاءت عضوة البرلمان وبرفقتها عناصر حمايتها الخاصة، وكاميرا صغيرة لتوثيق التوزيع وعضوات في المنظمة، وبعض موظفي مؤسسة السجناء ترافقها اكياس سوداء تحمل قطع القماش، خطبت العضوة ورئيسة المنظمة بالنساء ، وركزت على الوضع الامني، واشارت من جملة حديثها الى ما يلي: (لاتكولن الوضع ماتحسن بالعراق ولاتحجن على الحكومة، واردفت بحدة قائلة: اسأ لجن قبل تغيير النظام جنتن تاكلن موز وتضوكنه ها، هسه تشترن موز وتاكلن، اشتردن بعد!!!.
اثارت هذه العبارة استغراب النساء وتساءلهن (اشجاب الموز على الوضع الامني !.
بعدها تم توزيع الهدايا التي اثارت استغراب واستنكار النساء، وهي عبارة عن قطعة قماش سوداء نوع قديفة رديئة، مع مبلغ (5 ) الاف دينار لاغير.
تعلق (أ) قائلة اصبحت (ابنص اهدومي من الخجل) واحسست بالاهانة اولا لانني قد ساهمت بتجميع النساء المسكينات ومن مناطق بعيدة، منهن اتت من الكفل، والاسكندرية، والمسيب، وابي غرق، والمدحتية هذه المناطق تبعد اكثر من (50) كيلو متر، واجور النقل كلفتهن اكثر من (15) الف دينار، وتفتيش السيطرات ومتاعب الطريق، واكثرهن كبيرات السن ، وقطعة القماش لايساوي سعرها ألفين دينار, ومن النوع الرديء جدا.
وبالتالي فقد شعرت بانها اهانة لجميع النساء ممن حضرن وتضيف (أ) بمرارة ماذا اقول لهن، احداهن سمعتها تقول وبألم (جان خجلن من نفسهن من وزعت خمس تالاف دينار علينه، عبالك انكدي ، مرمطتنه مناك لهناه وعايفين شغلنه وبيوتنه، وكاننا لسنا من البشر حتى تعيرنا باكل الموز).
اشار احد موظفي مؤسسة السجناء، ان الانتخابات قادمة، وهذه الهدايا هي عربون محبة لكي يضمنون الناس في الانتخابات ولكن اكثرهم بات يعرف الصادق من الكاذب، والجنة من النار، واضاف ليتركوا هذه الاساليب الملتوية في خداع الناس واهانتهم.
كتب بتأريخ : الأحد 03-01-2010
عدد القراء : 2600
عدد التعليقات : 0