يعلن العديد من اركان الحكومة والاجهزة الامنية المعنية انهم يسعون الى توفير الحماية للمتظاهرين من " المندسين والمخربين والبعثيين والارهابيين ..." . ويفهم من هذا ان هؤلاء الاخيرين مشخصون ومعروفون ، والا كيف جرى وصفهم بهذه الصفات التي تكررت منذ تظاهرات شباط 2011 حتى اليوم ؟.
هؤلاء اذن ليسوا مجهولين بحسب التصريحات الرسمية، التي وضعت قائمة اولية بـ 100 من " المارقين ". فلماذا ياترى لا تبادر الى اعلان اسمائهم وهوياتهم، ومن يقف وراءهم ويمولهم ويدعمهم ويوفر الاطارات المطاطية لهم؟.
وعلى ذكر الاطارات .. كتب كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي يقولون ان حكومتنا بعد ان طبقت بنجاح كبير شعار حصر السلاح بيد الدولة ، شرعت في تطبيق شعار حصر الاطارات بيد الدولة ! وهذا شعار مستحدث سبقنا فيه دول الاقليم والعالم. ومن يدري؟ فقد تقودنا فوبيا " المندسين " الى رفع شعار آخر: حصر الحجارة بيد الدولة! مع الاعتذار من اخواننا الفلسطينيين الذين يستخدمون الحجارة ضد همجية اسرائيل وعدوانيتها !
استقر الرقم اذن على ان عدد من يريدون التخريب لا يزيد على مائة . وبما انهم معروفون ايضا ، فلا نجد سببا لتركهم كل هذه المدة طلقاء، والانتظار الى حين تجدد التظاهرات حتى يعلن عن وجودهم! ام انهم يأتون الى العراق في وقت التظاهرات فقط ثم يختفون؟ ام ماذا ؟ الامر حقا يفتقر الى الوضوح، مثلما يبقى الغموض الشديد يلف الاعلان الآن، الآن فقط، في وقت التظاهرات، عن توفر سيولة نقدية وفرص للتعيين؟ انه امر جيد ان تخصص هذه المبالغ لاهل محافظاتنا، الذين وصلت معاناة اغلبيتهم الحد الاقصى. ولكن السؤال الحارق هو : لماذا جرى انتظار اندلاع التظاهرات حتى برز كل هذا الحماس في اتخاذ مثل هذه الاجراءات ؟
على ان العبرة كانت وتبقى في التطبيق وحسنه. وسنرى كيف تترجم هذه القرارات الى واقع على الارض؟ كل الامل ان تطبق حزم الاجراءات التي جرى حسمها بسرعة متناهية يحسد عليها من قام بها ، فيما يوجد شعور عام بانها ليست الا " فرة عرس "! وحالما تهدأ الاوضاع ويتم امتصاص " النقمة "، تعود " حليمة" الى عادتها القديمة ، حيث ان اصل المشكلة باق ولا احد من المتنفذين يريد الاقتراب منه ، فهو كابوس مفزع لهم .
نعم، الحديث يتكرر ليل نهار عن حماية المحتجين والمتظاهرين، وهم في اغلبيتهم الساحقة وباعتراف الحكومة " صاغ سليم " ، ولا هم للمتنفذين الا حمايتهم والاستماع باصغاء الى مطالبهم.
والسؤال هنا : كيف تجسدت هذه الحماية ؟ نشير جوابا الى ما قالته مفوضية حقوق الانسان العراقية والعديد من المنظمات المحلية والدولية وكذلك الامم المتحدة، وما نشر على نطاق واسع في الصحف العراقية :
- جرى استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين مما ادى الى سقوط شهداء وجرحى .
- جرى استخدام الغازات المسيلة للدموع والماء الحار .
- ملاحقة المتظاهرين حتى بعد ان يتم تفريقهم .
- استخدام الضرب الشديد والمبرح بهدف الايذاء .
- ملاحقة المتظاهرين حتى في المستشفيات التي توجهوا اليها بعد اصابتهم سواء بالغاز او بضرب الهراوات. ومستشفى الشيخ زايد في بغداد مثال واحد .
- اعتقالات واسعة وعشوائية شملت حتى ناشطين معروفين .
- استخدام التعذيب والضرب على نطاق واسع ضد المعتقلين .
- العودة الى اسلوب "البراءة" الذي كانت الانظمة الدكتاتورية المقبورة تتبعه ضد الناشطين من المعارضين السياسيين ، ويتجسد الان باسلوب التعهدات المسيئة المخالفة للدستور والقانون ، وهو ما يتوجب ان تعلن الحكومة صراحة انه باطل ويتم الغاؤه .
- انتزاع الاعترافات تحت التعذيب
- حالات اغتيال غامضة لعدد من المحامين العراقيين في هذه الفترة بالذات. والبعض يقول انها لاسباب جنائية ، ولكن لماذا تحدث الان ؟!
- قطع الانترنت .
فهل هذه الاجراءات وغيرها هي ما تقول السلطات عندنا اليوم، انها اتخذتها وتتخذها لحماية المتظاهرين؟! .ورغم ما حصل من قمع متفاوت من مدينة الى اخرى ، تبقى سلمية التظاهرات قوة لها .