اثير سابقا وحاليا ، وما زال ، كثير من الإشكاليات بشأن آلية التعيينات في وزارات الدولة ومؤسساتها ، في حين ان هناك الأكثر و"الأقمش" بخصوص شراء المواقع العامة في الدولة ، حيث يتواصل لغط كبير لا اول له ولا آخر. ووصل الامر حد الحديث عن صفقات بمليارات الدنانير العراقية ، ولَم نسمع بعد كلمة تميط اللثام عن حقيقة ما كان وما يجري الآن .
ومن المؤكد ان القضايا لا تنسى بالتقادم ، لا سيما وان هناك من يتحدث عن ثقة بالأدلة التي بحوزته وهي كثيرة ومتعددة ، وبضمنها ما أعلنه الراحل احمد الجلبي ويستند اليه العديدون. وهناك شهود عيان احياء ما ان تختلي بهم ويطمئنون إليك حتى يسردون لك حكايات "علي بابا " ، وانت مندهش لا من وجودها ، بل من حجمها وضخامتها وتعدد الجهات التي ترعاها وتنسقها وتوفر الحماية للقائمين عليها ، وفِي حالات كثيرة يبدو لك " ان حاميها هو حراميها ".
نعم هي قضايا تتضمن قصصا اقرب الى الخيال ، ويصعب تصور حدوثها في بلد مثل العراق ، يفترض انه تحكمه قيم تحدّ على الأقل مما يحصل. ولكن أنّى للفاسدين والمفسدين احترام القيم والمبادئ التي يتشدقون بها ليل نهار!
ربما يقول القارئ: وما الجديد في هذا الموضوع الذي كتب الكثير عنه حتى غدا واضحا جدا ، لكنه بقي ملتبسا عن عمد على البعض ؟ نقول: صحيح انه قديم متجدد ، ولكن لم تتخذ حتى الآن الاجراءات الكفيلة بالتصدي له رغم كل الصخب الاعلامي ، وفوق ذلك تسمع كل يوم روايات جديدة ، تجبرك على عدم البقاء صامتا .
على ان الدافع المباشر الى اعادة الكتابة هنا امران : اولهما اعلان رئيس الوزراء عن وجود ١٣ الف ملف فساد. فهل ان طرح الموضوع بهذه الصيغة هو رسالة تفيد ان لا أمل في رؤية إجراءات سريعة ازاء ضخامة مؤسسة الفساد المتشعبة ، والمنتشرة حتى في الدوائر التي تتصدي لها؟ أم انها رسالة تحذير وتوجه جدي نحو مكافحة الفساد ؟! لنأخذ الامر بجانبه الإيجابي ، خصوصا وان الكابينة الوزارية لم تكتمل رغم مرور ٥٠ يوما على المباشرة بتشكيلها ، ونقول للسيد رئيس الوزراء ناصحين ، أن باشِرْ من دون تردد ، وابدأ بما ثقُل وزنه من الملفات ، قديمها وجديدها .
اما الأمر الثاني فيتعلق بالتعيينات في وزارة التربية ، وما أثير حولها من إشكالات تتواصل تداعياتها في عدة محافظات ، كذلك ما قيل ونشر عن مؤسسات غيرها. فيما تعج مواقع التواصل الاجتماعي بتفاصيل معيبة ومقلقة ، لاسيما وان الحكومة والوزراء الجدد ما زالوا في بداية المشوار. فالقلق كبير ، وقد يغدو الامر مأساويا اذا وصل الى نهايته مع استمرار الحال على ما هو عليه.
ولا بد ان رئيس الوزراء سمع وعلم بما حصل بالنسبة لتعيينات التربية في عدد من المحافظات ، خاصة وان تظاهرات صاخبة خرجت في بعضها تحتج على ما حصل.
لسنا هنا بصدد الاتهام او التصيّد في الماء العكر او تضخيم الامور ، لكن هذه قضايا تتكرر على كل مسمع ، صباح مساء ، فهل من اجراء ؟ وهل من خطوة في الاتجاه الصحيح بخصوص إسناد الوظيفة العامة ، كي تكون حقا لمن يستحقها ؟ وان تسعى مؤسسات الدولة، قولا وفعلا ، الى توفير الفرص المتكافئة لجميع المواطنين ، وليس حصر التعيين بمن هم حول الوزير او المدير ، او من هو في موقع المسؤولية في مختلف مؤسسات الدولة ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، او من يستطيع الدفع لشراء الوظيفة أيا كان عنوانها ومستواها .
ووسط هذا الغيض من الفيض ، هل يرى مجلس الخدمة الاتحادية النور في هذه الدورة البرلمانية ، وهل يشكل على أسس سليمة بعيدا عن المحاصصة المقيتة ؟
انه رهان من بين رهانات ، وان مؤشرات البدء تقول ان ضغط الناس ودعم من يريدون من النواب الاصلاح والتغيير حقا ، ما زال مطلوبا .. بل وملحّا