لم توفر "بعض القوائم" أية وسيلة لكسب الأصوات دون ان تستخدمها في الانتخابات السابقة، سواء كانت الوسيلة شرعية أو غير شرعية، فهي لا يهمها ذلك. وعلى هذا الطريق فرضت قانونا للانتخابات يصب في مصلحتها، وشكلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفق المحاصصة المقيتة، ولم تكف عن محاولات التأثير عليها، واستخدمت المال السياسي لشراء الأصوات، ووزعت البطانيات والمدافىء والمنح المالية لإغراض انتخابية. ولم تكتف بكل ذلك بل استغلت المناصب والمواقع الحكومية وإعلام الدولة، وأطلقت وعودا لم تفِ بها، ولجأت إلى أساليب الترغيب والترهيب سيئة الصيت، فضلا عن استغلالها للشعائر المقدسة وأسماء المرجعيات الدينية في الدعاية الانتخابية.
ويبدو ان "بعض القوائم" لا تريد أن تغادر تلك الأساليب غير الشرعية والبعيدة عن القيم الديمقراطية وستمارسها في الانتخابات البرلمانية المرتقبة أيضا. والمتابع لتحضيرات "بعض القوائم" يدرك انها ستضيف إلى ترسانتها الانتخابية أساليب جديدة أخرى، ومنها استئجار شركات الدعاية العالمية لتنظيم وإدارة حملاتها الانتخابية.
فالحديث الذي يتداوله المتابعون اليوم هو تعاقد "بعض القوائم" مع كبريات شركات الدعاية وبمبالغ كبيرة جدا تجاوزت عشرات المليارات من الدنانير. والسؤال التقليدي الذي سيبقى مفتوحا في العراق ما دام الفساد يعبث بالموارد والأموال هو: من أين لك هذا؟ كيف حصلت "بعض القوائم" على تلك الأموال الطائلة وعن أي طريق؟ من المؤكد انها لم تجمعها عبر اشتراكات أعضائها وهبات منتسبي أحزابها وتبرعات أنصارها، فمن مارس بيع وشراء الأصوات لم ولن يساهم في بناء قيم التطوع والتبرع.
وفي نفس الوقت، لم تكن من ضمن أساليب مرشحي "بعض القوائم" دعوة الناس لدعم قوائمهم ماليا، بل ان تلك القوائم هي التي تعودت أن تغدق في توزيع "الهبات" مقابل اخذ التعهدات بالتصويت لحسابها.
ومن جهة أخرى فان المواطنين الذين قضم التضخم القسم الأعظم من دخولهم ولفَّت البطالة القسم الآخر، ان فقراء العراق هؤلاء لم يستطيعوا ادخار شيء يدعمون به قوائم لم تقدم لهم غير التلويح، كل عام، بإلغاء البطاقة التموينية او تقليصلها، أثناء مناقشة الموازنة السنوية.
لا يحتاج المتابع لأي جهد كي يكتشف مصادر تمويل "بعض القوائم"، فهناك دول إقليمية وجدت في الاستثمار السياسي في العراق أفضل مجال للتدخل بشؤونه والتحكم به وبإمكانياته. وارتضت "بعض القوائم" ان تكون أداة لهذا الاستثمار، فيما وفرت قوائم أخرى أموالها عبر الصفقات والعقود بعيدا عن أعين مفتشي هيئة النزاهة التي لم تستطع ان ترصد كل شيء، وان رصدت فسادا ما فلم نتلمس منها إجراءا فعالا، إلا ما ندر.
يعد الفساد أحد أهم التحديات أمام العراقيين، فهو الوجه الآخر للإرهاب، لذا يعتبر رصد الحملات الانتخابية وحجم الإنفاق عليها واجبا وطنيا وأخلاقيا هاما. ومن المؤكد ان الذي يعبث بأموال العراقيين ويستخف بعقولهم، ويراهن على بساطتهم لا يؤتمن على مستقبل العراق، ولديه اهداف أخرى لم تكن من بينها سعادة الإنسان العراقي وحفظ كرامته.
عند الحديث عن المبالغ الطائلة التي ستصرفها "بعض القوائم" على دعاياتها الانتخابية، تتضح أهمية المقاعد البرلمانية للبعض، إذ ستكون مواقع لعقد الصفقات وجني المزيد من الأموال على حساب الشعب ومعاناته. وبالتأكيد لن يشغل بال من يلهث وراء المقعد بكل السبل، المواطن والوطن، وإنما شيء آخر...
ومن يتابع جلسات البرلمان والموقف من القوانين التي تنصف المواطن وتنتصر له سيتبين له "الخيط الأبيض من الخيط الأسود " !.
طريق الشعب
كتب بتأريخ : الخميس 07-01-2010
عدد القراء : 2268
عدد التعليقات : 0