شبكة الاعلام العراقي كما يقول قانونها هيئة مستقلة تعمل على تعزيز ودعم المبادئ والممارسات الديمقراطية، وتشجيع تقبل الرأي الآخر وثقافة التسامح، وعلى عكس مختلف الآراء والاتجاهات السياسية والفلسفية والدينية والعلمية بشكل شامل ومحايد وموضوعي وفقا للقانون. كذلك الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في العملية السياسية.
هذه المعايير وغيرها التي ينص عليها قانون الشبكة، هي ما يتوجب ان يحكم عملها، وهو ما يفترض ان يترجم على ارض الواقع من قبل الوسائل الاعلامية المختلفة التي تشرف عليها الشبكة، كونها المسؤولة عن أدائها وما تقدم من برامج ومواد إعلامية. فإلى اَي حد نجد تحقق هذا في الواقع وتلتزم به الشبكة؟ خصوصا وان الشبكة وما يتبعها من وسائل إعلامية ليست جهة حكومية او تابعة الى حزب او تحالف معين، سواء كان حاكما ام معارضا. ولهذا يفترض بها ان تراعي التنوع في مجتمعنا، وفِي مقدمته السياسي والفكري، وتسعى الى تجسيده في فعالياتها ونشاطاتها وتغطياتها الاعلامية.
الكثير من الملاحظات اثيرت سابقا وتثار الآن بشأن مدى حيادية الفضائية التلفزيونية العراقية خصوصا، ووقوفها فعلا على مسافة واحدة من الجميع، بما في ذلك من السلطتين التنفيذية والتشريعية.
الملاحظة بشأن عدم الحيادية تجددت مرة ثانية في الأسبوع الماضي، وكانت فاقعة. فقد عقد مؤتمر أكبر تجمع للقوى المدنية الوطنية وكان يمثل طيفا واسعا في مجتمعنا، لا يمكن تجاهله او تناسيه في اَي حال. فلم تتعب الفضائية والمسؤولون عنها أنفسهم في بث مجرد خبر عنه، ونقل ولو جانب منه، في حين تغطي فعاليات احزاب وكتل اخرى من ألفها الى يائها، وتتسابق مع غيرها من الفضائيات التي تمتلكها تلك الاحزاب والكتل السياسية. والأمر الاخر ان هذه الفضائية تناست وتجاهلت تماما مسيرة الاول من أيار التي ينظمها الحزب الشيوعي العراقي والاتحاد العام لنقابات عمال العراق كل عام ، وانحازت في تغطيتها ولقاءاتها الى مجموعة معينة. وربما أغرى الفضائية المكان الذي أقيمت فيه فعالية هذه المجموعة، وما كان موضع اعتراض على ذلك لو ان الفضائية ومن يقف وراءها كانت قد التفتت الى كل الفعاليات ذات العلاقة بالمناسبة ، من دون تمييز او محاباة لجهة معينة، خصوصا وان المسيرة التي أشرنا اليها طافت في شوارع بغداد على مرأى ومسمع من الجميع ، وكانت لها مثيلات في العديد من محافظات الوطن من جنوبه الى اقليم كردستان .
لا شك ان هذه الملاحظة جديدة قديمة ما يفرض على مسؤولي الشبكة ومجلس النواب ولجانه المختصة، وهي الجهات المسؤولة عن متابعة اداء وسائل الاعلام التي تمول من أموال الشعب العراقي، ان تلتفت الى عمل الفضائية التابعة الى الدولة وان تلزمها بأن تنفتح على الجميع، باعتبار ذلك من صلب واجبها وما يمليه عليها الدستور وقانون الشبكة الذي ينظم عملها.
لقد اثيرت مثل هذه الملاحظات سابقا، وسرعان ما تأتي الوعود بتلافي ذلك وتجاوزه، ويتم القول بان ما حدث قد حدث سهوا وانه غير مقصود. ولكن الواقع كان باستمرار يقول غير ذلك. ويبقى المستقبل أمامنا لنرى صدق المواقف وجدية المعلن من الأقوال.