مدخل لبحث هجرة الأدمغة العربية
بقلم : لطيف عبد سالم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تكتسب ظاهرة نزيف العقول العربية يوما بعد يوم, أهمية مضاعفة في ظل تفاقم العديد من موجبات حضورها, فلا عجب من تزايد أعداد الكفاءات العلمية العربية المهاجرة, والتي من شأنها القيام بدور مؤثر في توجيه إدارات مختلف القطاعات في بلدانها, فضلا عن المساهمة بشكل فاعل في دعم برامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية, وتعزيز مهمة تمكين مؤسساتها وتطوير قدراتها في كافة ال جالات, إذ لا نبعد عن الصواب إذا قلنا إن المجتمعات العربية ما تزال بأمس الحاجة لخبرات العلماء في مختلف فروع العلم, ومؤهلات المتخصصين في مجالات الحياة كافة.

تعد البلدان العربية في طليعة البلدان التي تعاني من سلبية آثار هجرة المهندسين والأطباء وعلماء الذرة والفضاء , إلى جانب غيرهم من الكفاءات العلمية التي تعد من أفضل الخبرات على المستوى العالمي. وفي هذا السياق كشفت نتائج بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو والبنك الدولي, أن هجرة الأدمغة من البلدان العربية تشكل نسبة عالية تصل إلى ثلث إجمالي هجرة أدمغة البلدان النامية, فضلا عن هجرة نحو (50%) من الأطباء, و (23 %) من المهندسين, و (15%) من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة من الجامعات العربية إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا. ويضاف إلى ذلك ما أظهرته بعض الدراسات المعتمدة من أن قرابة (54%) من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج, لا يعودون إلى بلدانهم!.

لا ريب أن الظاهرة المذكورة تعد بوصفها أحد أبرز المشكلات التي تعانيها القيادات الإدارية في البلدان العربية, إذ أفضت هجرة الكوادر الوطنية خارج أوطانها إلى التأثير سلبا على تطور إقتصادات بلدانها التي يعاني أغلبها ترديا في الناتج المحلي الإجمالي, وتراجعا في مؤشر النمو. كذلك ساهم تصاعد وتيرة الهجرة في المنطقة العربية بإعاقة ما متاح من فرص التنمية والتطور, فضلا عما أفرزته من تبعات سلبية على مستقبل التنمية في تلك المجتمعات. ويضاف إلى ذلك ما ترتب بسببها على البيئة الإجتماعية من آثار ذات صلة بمواضيع عدة كالتركيب الهيكلي للسكان والقوى البشرية.

يعزو الكثير من الباحثين تسارع وتيرة هجرة الكفاءات العربية, فضلا عن ارتفاع معدلاتها في السنوات الأخيرة إلى تزايد القيود المفروضة في أغلب تلك البلدان على ممارسة الأفراد حرية البحث العلمي التي تعد في واقعها الموضوعي في طليعة العوامل فاعلة الأثر التي من شأنها إرساء أسس نشوء هذه الظاهرة, فلا مناص من الإقرار بأن حرية البحث العلمي تشكل إحدى الواجهات المهمة للحريات الفكرية; لذا لا يخامرنا أو يساورنا أدنى شك في تنام ي ما يترتب على هذا الواقع من تداعيات إنسانية مؤلمة تتعلق بشعور الكفاءات العلمية والفكرية العربية المتزايد بالاغتراب داخل أوطانها, ما يعني وقوعها تحت أحد أعمق التحديات المتمثلة بتعرضها لاستبداد داخلي ألزمها العيش في دوامة الترقب والانتظار حتى تحين فرصة الهجرة إلى خارج الوطن وضياع إمكانية الاستفادة من خبراتها في مجالات متعددة!.

يمكن الجزم بأن الاستمرار في حرمان البلدان العربية من كفاءاتها العلمية يعد من مظاهر الخلل في أداء حكوماتها, إذا ما أدركنا حقيقة الأخطار الجسيمة التي من شأنها التأثير على مستقبل مجتمعات هذه البلدان بفعل ا يتوقع أن تتعرض له من أضرار بليغة الأثر في مختلف مجالات الحياة الإقتصادية والثقافية والتربوية والصحية من جراء ضياع عقول وأدمغة أبنائها وخسارة خبراتهم اللازمة لتحريك عجلة التقدم

لعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن الواقع السياسي للبلدان العربية -. التي ما تزال أغلبها بعيدة جدا عن وتيرة الإجراءات والتدابير التي بوسعها المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة – يشكل أحد أبرز العوامل المساهمة في هجرة الأدمغة إلى مختلف بقاع العالم, إذ ليس خافيا على أحد ما شهدته غالبية تلك البلدان من اضطرابات سياسية وعمليات إرهابية, فضلا عن محاولات إشعال فتيل الحروب الأهلية بوتيرة غير مسبوقة مثلما ظهر من بوادرها الأليمة في أعقاب موجة (الربيع العربي); إذ أفضت تلك الحروب إلى التسبب في إحراق الأخضر واليابس, فضلا عن تحويل أروقة الكثير من المناطق الجميلة بتاريخها وتعايش أهلها إلى كوم من الرماد [19659010] العراق! / مناقشة 2 …

  كتب بتأريخ :  الجمعة 17-05-2019     عدد القراء :  1440       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced