تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من أكبر المخاطر التي تواجه الطفل اذ اخذت بالتزايد وبشكل كبير، اما أسبابها فتعود إلى ارتفاع نسبة البطالة وتفشي الفقر وفي اغلبها ترتبط بالظروف السياسية والاقتصادية التي مر بها العراق، والعمل المبكر يعني حرمان الاطفال من طفولتهم وحق العيش بكرامة، اذ يلحق بهم أضرارا جسمية تؤثر على نموهم البدني والعقلي، بالإضافة إلى استغلالهم وإبعادهم عن عوائلهم، ويتبعه زيادة احتمالات إصابتهم بأمراض خطرة تنسف حياتهم.
قامت منظمة العمل الدولية بتقديم تقديرات عالمية عن عدد الأطفال المزاولين للأنشطة الاقتصادية حول العالم والذي يفوق عددهم 250 مليون طفل، منهم 120 مليون طفل في الدول النامية، والذين تتفاوت أعمارهم ما بين 5-14 سنة، فيما رجحّت المنظمة بأن الفقر والأمية (الافتقار للتعليم) وضعف الدعم الأسري هو السبب الرئيس وراء تفشي المشكلة، وبغية القضاء عليها لابدّ من التخلص من الفقر أولاً لتأثيره الكبير على مستوى التعليم والخدمات الصحية، كما يزيد من فرص لجوء الأطفال للعمل خاصةً في حال عدم قدرتهم على مواصلة التعليم، ويجعلهم مجبرين على العمل كخدم مأجورين لتوفير احتياجات عوائلهم فيتحولون من اطفال إلى معيلين لأسرهم في سن مبكرة، واحيانا يؤدون الأعمال الموكلة لإبائهم، وبذلك يصبح أمر استغلالهم سهلاً جراء العمل لساعات طويلة وبأجر أقل من المقرر، ومن الممكن استخدامهم في أعمال خطرة لصالح الأهل، كالتجنيد القسري، وربما تحدث الوفاة في بعض الأعمال.
تسبب عمالة الأطفال الحرمان من التعليم، والتأثير السلبي على نموهم العقلي والبدني، والجهل بالمخاطر التي تواجههم أثناء العمل، ويكون الطفل محروما من التفاعل مع مجتمعه وأقرانه والاندماج مع أسرته، مما يؤثر على تنمية شخصيته ودعمه العاطفي، فضلا عن الإصابات البدنية والتشوهات الناتجة عن استخدام الآلات والأدوات الخطرة في المزارع والمصانع، والتسمم من مبيدات الآفات، ونقص النمو والأمراض التنفسية كالربو والحساسية، وغيرها من الأمراض العقلية أو المنقولة جنسياً، حيث يتعرض ما يفوق المليون طفل سنوياً للاعتداءات الجنسية أثناء العمل.
إن عمالة الأطفال المبكرة هي نتيجة لمجموعة من العوامل المتداخلة والمتشابكة مما يتطلب وضع استراتيجيات من قبل قطاعات متعددة وعلى مستويات اجتماعية مختلفة (العمالية، الاجتماعية، التنموية، التعليمية، التخطيط، الشباب، النساء) ومختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية للاتفاق على أسلوب فعال في مكافحة عمالة الأطفال بشكل يضمن حق الطفل في العيش الكريم.
هناك حاجة إلى تخفيض معدلات الفقر من خلال التنمية الاقتصادية، وتحسين أوضاع النساء بما يساعدهن في تربية أطفالهن وتعليمهم وحمايتهم، وتشجيع إدخال تغييرات في قوانين التعليم الالزامي الأساسي مثلا ان يشترط على الأسرة أن يكمل أطفالهم الابتدائية والمتوسطة لضمان وصولهم إلى فرص تعليم اعلى، ان هذا كله يحتل عناصر جوهرية في الاستراتيجية الفعالة للتصدي لمشكلة عمالة الأطفال ومعالجتها.