[email protected]
و على ضوء معلومات متواصلة نشرتها وكالات انباء متنوعة عربية و دولية، و مواقع هامة كـ ويكيليكس، الغارديان، الواشنطن بوست، و غيرها منذاك و اكملها سياسيون و وزراء عراقيون و برلمانيون سابقون و لاحقون على الفضائيات و مواقع التواصل ، عملت سلطات الإحتلال على تكوين دولة على اساس طائفي عرقي تحاصصي يقوم على توافق سياسي عسكري (ميليشيات)، بين اطرافها، على اساس دستور حمّال اوجه.
فمنذ الإحتلال الاميركي في 2003 الذي تم بالتعاون غير المباشر و غير المعلن مع ايران و فصائلها الولائية المسلحة و غيرها آنذاك، ساد مفهوم (الفوضى الخلاقة) لكوندوليزا رايس لـ (تأسيس مجتمع و دولة جديدة) كما عبّر المفهوم، الذي طبّقته قوات الإحتلال و حاكمها بريمر في العراق الذي حلّ الدولة و الجيش العراقي و باشر العمل بذلك المفهوم لتثبيت الوجود و النفوذ الاميركي في البلاد من جهة، و بتشجيع دوائر ايرانية نافذة للعراقيين الموالين لها، منظمات و افراد من جهة اخرى، للعمل بنفس الوجهة لتحقيق مصالحها الانانية و للانفراد بالعراق بعدئذ بواجهة اخراج الاميركان . .
فاضافة الى المحاصصة في مجلس النواب و الحكومة و رئاسة الدولة، و لغرض عدم الخروج على تلك الخطط، امتدت المحاصصة الى ملكية نفوط و آبار و وسائل نقل ـ تابع ميناء الحكيم النفطي في اليصرة ـ و حقول مواد اولية من اقصى البلاد الى اقصاها، و محاصصة في البنوك و مزاد العملة و مُلكيات العقارات و الاراضي و وكالات الشركات العالمية و القضاء و القوات المسلحة . .
بدأت بها قوات الاحتلال الاميركي سرّاً او غضّت النظر عنها بوجود مشترين (1) و بدفع عمولاتهم، تماشياً مع عقليتها و منظورها لبناء دولة و مجتمع جديد يحقق مصالح ثابتة لها، دون الانتباه الى خطط الدوائر الايرانية و الخليجية التي كانت تتحرك بنفس السرعة و الوجهة لتحقيق مصالحها الانانية ذاتها مستغلة سقوط اجهزة الدولة في البلاد.
لتتواصل العملية السياسية على تلك الاسس التي تفاقمت بالنهب، و استولت على الدولة و كوّنت دولتها العميقة بقيادة رؤساء الكتل الطائفية و العرقية، الحاكمة الفعلية باموالها و سلاحها و مصارفها و قضائها و وزاراتها و اعلامها و غيرها، مع دفع حصص من شكّلها و يدعمها، بعيداً عن الاهتمام بالشعب بمكوناته و بالحكومة الرسمية و مؤسسات الدولة الرسمية العلنية التي تخدم الشعب في العادة كما يجري في كل دول العالم . .
الدولة العميقة التي يصفها خبراء بكونها، الممثلة لطبقات رأسمالية طفيلية متنوعة حاملة بكل نفاق رايات الحسين، التي استولت بالقوة و (اشترت) البلاد و مرافقها الاساسية و تستمر على مراكمة اموالها غير القانونية دولياً ، تضبطها كتل المحاصصة الطائفية ـ العرقية الحاكمة، لتحقيق اعلى الارباح لها و بحماية الميليشيات الولائية المسلحة التي تفاقم عدد افرادها الى مايقارب النصف مليون، و صارت تقتل و تخطف المحتجين بنساءهم و رجالهم و متظاهري الشعب الذي يتضوّر جوعاً.
لتتواصل العملية السياسية وسط جموح و السعي المحموم للكتل (الشيعية)(2) الحاكمة الى زيادة الاستحواذ على مؤسسات الحكم و الهيئات المستقلة و البنك المركزي و القضاء و الاعلام، و احتكار الحكم لها وحدها و لمؤيديها و الى انهاء التبادل السلمي للسلطة . . بدعم دولة جارة (ارجنتينية)، شكّلت لها من ذلك مصدراً اساسياً لأرباح فلكية تساعدها على فكّ حصارها و على ضمان استمرار حكمها لبلادها هي، من حكّام ربطوا مصيرهم بها و ليس بشعبهم، و حوّلوا بلادهم الى دولة (شبه مُستَعمرة) على حد وصف القاموس الاقتصادي السياسي و لوائح الأمم المتحدة . (يتبع)
29 / 4 / 2020 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. ـ تشير تقارير متنوعة الى دور المال الخليجي و خاصة القطري، و اموال حزب الله اللبناني التي كدّسها من تجارة المخدرات في اميركا الجنوبية و اوروبا، راجع فضيحة تبييض اموال مخدرات حزب الله اللبناني في البرازيل و اسباب تحريم نشاطه مؤخراً في المملكة المتحدة.
2. ـ وضعت كلمة الشيعي بين اقواس لأن الكتل الحاكمة باسم المكوّن الشيعي لا تمثّل المكوّن الشيعي العراقي الاصيل بل اساءت اليه .