لافروف عن الدروس والمهام في ضوء جائحة كورونا
بقلم : د. فالح الحمـراني
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

رصد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن انتشار وباء فيروس كورنا أصاب العلاقات الدولية، وأظهر تناقضاً صارخاً في الردود عليه.

ولاحظ ظهور معسكرين دوليين في هذا السياق حيث سعى الجناح الأول الى تعبئة الجهود الدولية وتضافرها لمواجهة الجائحة، من خلال تعليق الخلافات والتناقضات ووقف العقوبات الاقتصادية، والسماح بتبادل الإمدادات والمعدات الطبية وتبادل الخبرات، فضل المعسكر الآخر (الغربي بوجه خاص )انتهاج، بحكم ما يتمتع به من أنانية، النهج الذي عفى عليه الزمن ولم يعد قابلاً للقرن الواحد العشرين.

وقال لافروف في مقال نشرته صحيفة " غلوبال تايمز" الصينية : عن الوباء: العقبات والدروس : إن الجائحة كشفت في العديد من الأمثلة عن وجود نقص في النزعة الإنسانية. ويمكن أن يُعزيها البعض الى الارتباك في وجه التهديد الزاحف. ولكن لافروف يرى أن لهذا النقص "طبيعة عميقة ويعود الى أنانية عدد من الدول ونُخبها الحاكمة، غير القابلة للعلاج حقاً" . ولاحظ بأنه وبدلاً من توحيد الجهود والسعي إلى التفاهم المتبادل، فإن من وصفهم بالذين "اعتادوا على إعلان ـ أو ـ التغني ـ بقيادتهم الأخلاقية وتقاليدهم الديمقراطية الغنية، يتخلون عن أبسط قواعد اللياقة ويبدؤون في العمل وفق " قانون الغاب"". والمثل السافر برايه هي، محاولات إلقاء أعباء تهمة انتشار العدوى على الصين، أو التكهنات البغيضة بشأن مساعدة روسيا لعدد من الدول، والمقدمة بناء على طلب حكوماتها. "ووصل الأمر الى حد توجيه التهم غير المعقولة لموسكو في الرغبة باستخدام المساعدة الإنسانية والطبية من أجل "تعزيز نفوذها الجيو سياسي"". وحتى فرض الحظر المهين، وانتهاكاً لأسس المعايير الدبلوماسية، على الحصول من روسيا على المساعدات الإنسانية ـ وبغض النظر عن مدى خطورة الوضع. "ويتضح أن التضامن المزعوم القائم على النموذج الأوروبي ـ الأطلسي، أغلى من حياة وصحة عشرات الآلاف من المواطنين العاديين". ولفت الى "إضفاء بعض الدول الطابع السياسي على القضايا الإنسانية والسعي لاستخدام الوباء من أجل معاقبة الحكومات غير المرغوب فيها، وبهذا يمكن تفسير عدم رغبة عدد من البلدان الغربية التي تجادل كثيراً حول ضرورة مراعاة حقوق الإنسان، بالامتناع عن استخدام القيود الاقتصادية ضد الدول النامية ـ على الأقل حتى تطبيع الوضع الوبائي العالمي فأن، مثل هذه العقوبات، بما في ذلك حتى بتقدير الأمم المتحدة، تقلص إمكانية المواطنين العاديين في ممارسة حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وتُعقد بشكل خطير الجهود المبذولة لحماية صحة السكان، وتضرب في شرائح المجتمع الأكثر ضعفاً وغير المحمية".

وأكد أيضاً أن "روسيا تعارض بحزم وثبات مثل هذه الممارسات اللاإنسانية"، واعتبرها أمراً غير مقبول أثناء الكوارث البشرية. وأعاد الأذهان الى المبادرة التي طرحها طرح الرئيس فلاديمير بوتين خلال قمة "مجموعة العشرين" الطارئة في 26 آذار، مبادرة إنشاء " ممرات خضراء" خالية من الحروب التجارية والعقوبات على الإمدادات المتبادلة للأدوية والمواد الغذائية والمعدات والتكنلوجيا. "ونحن بالطبع رحبنا ودعمنا بيان أمين عام منظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي دعا أطراف النزاعات المسلحة الإقليمية بوقف العمليات القتالية على الفور، والبدء بوقف إطلاق النار". وبالطبع " لا ينبغي ان تكون أي هدنة بمثابة ذريعة، لإعفاء الجماعات الإرهابية، المعترف بها هكذا من قبل مجلس الأمن الدولي، من المسؤولية".

وقال : إن محاولات استخدام الوضع الحالي لتقويض المبادئ الأساسية لعمل منظمة الأمم المتحدة، خطرة للغاية. وينبغي أن تظل مؤسساتها آليات تنسيق رئيسة للتعاون المتعدد الأطراف من أجل الحل الفعال للمشاكل المشتركة للبشرية جمعاء. وفي هذا الصدد تبعث على القلق الشديد الخطوات الرامية لتشويه سمعة منظمة الصحة العالمية التي وبإجماع الغالبية العظمى من الدول ـ إنها منذ الأيام الأولى في طليعة مكافحة وباء فايروس كورنا، وتساعد جميع البلدان للاهتداء في الوضع الوبائي المتغير بسرعة، واختيار الطرائق الصحيحة للرد على التهديدات الناشئة. ومن دون ريب، يجب على منظمة الصحة العالمية، ومثل أي هيكل متعدد الأطراف، تحسين أنشطتها والتكيف مع الظروف الجديدة. ولهذا، من غير الضروري تدمير المنظمة، بل المحافظة على حوار بناء لجميع الدول الأعضاء، لتطوير ردود مهنية مشتركة على التحديات الجديدة.

وعن الفشل الذي صاحب الدول حتى المتطورة منها في مواجهة الجائحة لفت لافروف الى "أن الوباء فَضَحَ مرة أخرى الأسطورة التي ترسخت في الغرب عن "نهاية التاريخ""، وعن "التقدم الظافر لنموذج التنمية الليبرالي القائم على أساس مبادئ الفردية والإيمان بقدرة طرائق السوق حصراً، على حل أي مشاكل. وقام هذا النهج بمزحة ثقيلة مع أنصاره". ووصل: "أن البلدان المكتفية ذاتيا التي لديها آليات تعبئة جيدة الأداء ومصالح وطنية واضحة المعالم وأسس قيماً أصيلة، أظهرت ثباتاً أكثر أمام الصدمات. إن الذين ساروا على طريق إضعاف الاستقلال، والتخلي بلا مبالاة عن جزء من السيادة، مُنيوا بالخسارة".

وقال من الواضح اليوم "إن الدول ذات المصالح الوطنية، لا تزال اللاعب الأساس في الساحة الدولية. ولكن هذا لا يعني ولا يحدد سلفاً الحياة في نظام التنافس والانقسام. بل على الأرجح يجب أن يؤدي الى الجمع بين العديد من الإمكانات الفريدة، وتوحيدها من أجل الحل الفعال لمشاكل العصر الرئيسة".

وحث لافروف على إطلاق "تشاور وتفاهم دبلوماسي عالمي تؤدي فيه منظمة الأمم المتحدة دور المنسق المركزي". " وإدراك انه لا يوجد بديل عن النظام الدولي الذي تكون مركزه منظمة الأمم المتحدة، النظام الذي تم تشكيله في ضوء نتائج الحرب العالمية الثانية، وقد اجتاز اختبار الزمن، وله مخزون كبير للصمود. إن المبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة ما زالت الأساس الثابت لتنظيم الاتصالات الدولية حتى في الظروف المعاصرة".

وأشار الى أن الفايروس الذي أصاب الإنسان، ضرب نمط الاقتصادي التعاوني" .وقال إن تباطؤ نشاط الأعمال، وقطع سلاسل الإنتاج العالمي، أصبحت صدمة حقيقية بالنسبة للاقتصاد العالمي، ويتوجب مساعدته على اجتياز هذه المرحلة المعقدة، ومن ثم بالجهود الجماعية توفير التعافي الارتقائي لما بعد الأزمة. وفي الوقت نفسه عدم السماح بان يلحق تعكر الأجواء الضرر في التعاون الدولي، ويؤدي الى تفاقم نقص الثقة، وإثارة جولات جديدة من النزاعات الجديدة في الشؤون الدولية.

ولاحظ بانه من الناحية المثالية، "ينبغي أن توحدنا هذه المهمة ـ لأن رفاهية مواطني جميع الدول من دون استثناء تعتمد على نجاح معالجتها. ومن الضروري أن نبحث بصورة مشتركة عن نقاط جديدة للنمو، بمقدورها ان تساعد على التغلب على الركود العام". وأعرب عن القناعة بأن دول الاتحاد الأوروبي ستستفيد، إذا شاركت في هذا العمل. وستتمكن من خلال الانضمام الى الجهود المشتركة، من ضمان مكان لائق لها في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، والأكثر عدالة وديمقراطية. وحث الدول الأوروبية للكف عن عزل نفسها عن القارة الأم والتطلع الى الإرشادات الوجودية في أجزاء أخرى من العالم ودعوتها للوجود العسكري الخارجي للمرابطة في أراضيها الذي لا يعزز وحسب أمنها، بل يحرم أيضاً الاتحاد الأوروبي من أن يصبح مركزاً مستقلاً له نفوذ دولي في عالم متعدد الأقطاب. وعلى أي حال، فإن الخيار يعود إلى الشركاء الأوربيين.

واختتم بالقول :" لقد حان الوقت للتخلي عن عقلية قوة الاستمرار بمقتضى العادة، القائمة على القوالب النمطية التي مضى زمانها، والبدء، أخيراً، في التصرف من المواقف الأخلاقية، لأن المستقبل المزدهر لجميع سكان الأرض، بيتنا المشترك ـ موِضوعَ على المِحك" .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 09-06-2020     عدد القراء :  1374       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced