الولايات المتحدة الأميركية وانهيار مسؤوليتها الدولية
بقلم : لطفي حاتم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في المصاعب الكبرى التي تجتاح دول عالمنا المعاصر وبغض النظر عن نظمها السياسية تتطلع الشعوب الى حكوماتها ناشده حمايتها من الكوارث الطبيعية والصحية العابرة للحدود الوطنية وبهذا المسار لجأت الشعوب الى حكوماتها طالبة درء المخاطر الكبيرة التي أصابت دول العالم من انتشار مرض الكورونا وكوارثه الإنسانية.

- القلق الشديد على مستقبل البشرية واجهته دول العالم بمختلف الإجراءات بهدف التقليل من مخاطره.

-- في هذا السياق يهمنا التوقف عند سياسة الولايات المتحدة وموقفها (الإنساني) من الأزمة الصحية الدولية العامة عبر موضوعات سياسية –فكرية مكثفة —

أولا – انهيار المسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة الاميركية

يمكننا متابعة انهيار المسؤولية الأخلاقية الدولية للولايات المتحدة الاميركية ورصدها من خلال المؤشرات التالية-

أولا- لم تتخذ الوليات المتحدة إجراءات وطنية مبكرة كفيلة بتقليل الأضرار الناتجة عن الجائحة الدولية لكنها تصدت ضد الجائحة بعد فترة ليست قصيرة.

ثانيا – لم تنهض الولايات المتحدة بمسؤوليتها الاخلاقية كدولة قائدة في التشكيلة الرأسمالية العالمية من خلال تصدرها التعاون الدولي بل حاولت سرقة الاكتشافات العلمية للدول الأخرى لمحاربة كرونا والتحكم بنتائجه لغرض جني الأرباح.

ثالثاً – بدلاً من روح التضامن والتعاون الدوليين أقدمت الولايات المتحدة على تأجيج خصومتها التجارية مع الصين الشعبية لغرض إجبار الأخيرة على دفع تعويضات مالية الى أمريكا بزعم معرفة الصين المبكر عن المرض وعدم اتخاذ اجراءات ضرورية لذلك.

رابعاً – أقدمت الولايات المتحدة على قطع معونتها المالية عن منظمة الصحة العالمية في محاولة منها لإلقاء مسؤولية فشلها في التصدي للفايروس على الدول والمنظمات الدولية الأخرى.

خامساً – استمرارها بفرض العقوبات الاقتصادية – السياسية على الدول الوطنية رغم تعرض تلك الدول الى الجائحة الدولية وشُح مواردها في التصدي لتلك الجائحة فضلاً عن فقدانها آلاف الأرواح البشرية.

سادساً – المواقف المتشدّدة التي اتخذته الولايات المتحدة إزاء الدول الحليفة التي استعانت بالخبرات الكوبية والروسية للتقليل من أضرار الجائحة الدولية.

إن السياسة الاميركية التي عبرت عنها تصريحات المسؤولين الاميركيين ورغم خسائرها البشرية الفادحة دلّلت على أن النظام الرأسمالي بصيغته المعاصرة يتخلى عن نبض التعاون الإنساني ويفتقد روح التعاون والتعاون الدولي في الظروف العصيبة التي تعيشها شعوب دول العالم.

ثانياً – التعاون الدولي المشترك وصيانة المصالح الوطنية

انطلاقاً من غياب المسؤولية الأخلاقية لدى المراكز الرأسمالية وضعف الاكتراث في مواجهة الكوارث الطبيعية تعمد الى إثارة الموضوعات التالية –

-- اثبتت الجائحة المرضية الدولية أهمية وضرورة التعاون الدولي المبني على العمل المشترك الهادف الى صيانة السلام والامن وصحة شعوب دول العالم.

-- أهمية توصل العالم ودوله الى دواء تنتفع به البشرية وتوفيره لدول المنظومة الدولية بغض النظر عن موقعها في طوابق التشكيلة الرأسمالية العالمية.

- توفير الدواء لشعوب دول العالم بأثمان رخيصة لعدم قدرة الدول الفقيرة من شرائه بأسعار لا تستطيع تحملها لغرض صيانة الأمن الصحي للبشرية.

-- التوقف عن إثارة التوترات السياسية والحروب الإعلامية وتأجيج النزاعات الداخلية لأسباب سياسية.

إن الملاحظات المثارة هي دالات عملية مستعجلة لشد لحمة التعاون الدولي لمواجهة الأزمة المرضية العاصفة ورغم معرفتنا الأكيدة أن البناء الرأسمالي المعولم والمنافسة الرأسمالية الدولية فضلاً عن روح الهيمنة الدولية عوامل كابحة أمام التعاون الدولي.

ثالثاً - بنية النظام الرأسمالي وإعاقة التعاون الدولي.

اعتماداً على ما جرى تناوله يمكن تحديد عوامل إعاقة التعاون الدولي بآلية النظام الرأسمالي وسماته الاقتصادية وانعكاسها على سلوكه السياسي مع الدول الأخرى عبر الرؤى التالية –

1—تناقضات النظام البنيوية تكمن في التناقض الأساس بين العمل الاجتماعي والملكية الفردية لوسائل الإنتاج.

2—التناقض بين فردية التملك وجماعية الإنتاج ينعكس على المنافسة المحتدمة بين التعاون الدولي وبين طموح المراكز الرأسمالية للهيمنة الدولية.

3-- تتجلى روح الهيمنة الدولية بتأجيج ومساندة الحروب الإقليمية والتراخي في التصدي للأوبئة العالمية باعتبارها آليات مهمة في ديناميكية الاستغلال والربح السريع.

4-- علاقات الهيمنة الدولية التي تعتمدها المراكز الرأسمالية الكبرى تبقى أدوات محركة لسيطرة المراكز الرأسمالية في العلاقات الدولية.

5- تتجلى علاقات الهيمنة والسيطرة من خلال العقوبات الاقتصادية وسياسية التدخل في الشؤون الداخلية وإثارة الحروب الإقليمية والنزاعات الوطنية.

6- تساهم العقوبات الاقتصادية على الدول الوطنية في انتشار الأمراض والأوبئة وما ينتجه ذلك من ازدياد الضحايا البشرية وإعاقة تطور البلدان المستهدفة.

7-- الاستهانة بالروح البشرية يعري طبيعة المراكز الرأسمالية اللاإنسانية ويساعد على بقاء الأنظمة الشمولية في إدارة شؤون البلاد السياسية.

إن السمات المشار إليها التي تتحكم بها عقلية الربح والهيمنة على حساب البشرية وسلامتها تهيئ الفرصة لعلاقات دولية جديدة ترتكز على صيانة الكرامة الإنسانية وتطورها والتي أراها بـ –

رابعاً- ملامح العلاقات الدولية الجديدة.

في خضم التطورات الدولية المتسارعة التي أحدثتها الجائحة الدولية وما نتج عنها من انهيارات اقتصادية وعثرات -مالية – ومصاعب معيشية لقوى العمل تبرز أهمية تعاون الأسرة الدولية الهادف الى بناء علاقات دولية جديدة ترتكن على المحددات السياسية التالية-

أولا –تطوير التعاون بين دول التشكيلة الرأسمالية العالمية على قاعدة العمل الدولي المشترك لبناء آلية دولية تتصدى لمواجهة الأخطار الناشئة عن انتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية.

ثانياً –منع النزاعات والحروب الأهلية بين القوى الاجتماعية المتنازعة في التشكيلات الوطنية والدفاع عن السلم والأمن لشعوب دول التشكيلة الرأسمالية العالمية.

ثالثاً – احترام تطور التشكيلات الاجتماعية الوطنية المستقلة ومساعدتها بحل نزاعاتها الوطنية ناهيك عن التخلي عن سياسة الانحياز لأحد الأطراف المتنازعة.

رابعاً -عدم التدخل في اختيار الشعوب لطرق تنميتها الوطنية الهادفة الى تطوير اقتصاداتها الوطنية وحماية طبقات تشكيلتها الاجتماعية.

خامساً– عدم التدخل في النزاعات الوطنية وبناء علاقات دولية تستند على التعاون الدولي وما يحمله ذلك من ضرورة التخلي عن نهوج التبعية والتهميش والالحاق.

إن المسؤولية الأخلاقية التي يفرزها عالم متكافئ السيادة بين الدول ومصالحها الوطنية تتجلى ملامحها الإنسانية في التصدي المشترك لطبيعة المخاطر السياسية والاجتماعية المواجهة لتطورها ووحدة مسارها الدولي الأمن.

  كتب بتأريخ :  الخميس 11-06-2020     عدد القراء :  1479       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced