وداعاً نورس المكسيك
بقلم : إياد الصالحي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

فجأة.. وبلا وداع، أغمضَ أحمد راضي عينيه متأثرًا بقبضة فيروس كورونا على رئتيه المتعبتين وهما بالكاد أبقياه سبعة أيام على سرير مشفى النعمان مترقبًا كل لحظة نقله الى عمّان للقاء عائلته المفجوعة بإصابته قبل موته.

فقدنا أحمد راضي الإنسان المُحب، واللاعب المعطاء، والمدرب الغيور، والبرلماني المجتهد، والمُعارض المهني لمنظومة كرة القدم على أمل فلاحهِ في انتخابات اتحادها لتصحيح مسيرتها، ودعم كل الكفاءات للعمل معه، ونقل اللعبة الى مصاف تستحقه بين شقيقاتها وصديقاتها.

كانت الحالة الصحية لأحمد راضي تهدّد حياته بين الحين والآخر مُنذ دخوله مستشفى النعمان بتاريخ 14 حزيران 2020 لشعوره بضيق التنفّس وارتفاع درجات الحرارة وسط اهتمام الملاك الطبي وإدارة المستشفى، وقبلهما وزارة الصحّة التي أكّدت متابعتها حالته بشكل يومي لتذليل معاناته، مع دعم وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي لرفع معنويّاته بعد يوم واحد من وفاة المدرب الخلوق علي هادي في الثالث عشر من الشهر نفسه، والتي شكّلت عاملًا رئيسًا في هزيمته لو لم يتعاط جيّدًا مع الحدث وينعش أمله بالشفاء والالتزام بتوجيهات الملاك الطبي على مدى الفترة من 14-21 حزيران 2020.

هل التزم أحمد بذلك؟ صبيحة الثامن عشر من حزيران 2020 حزم أحمد راضي حقيبة المغادرة طوعَ نفسه بعيدًا عن رقابة إدارة المستشفى بذريعة عدم تحمّله الإقامة ورغبته العودة الى عائلته لاستكمال العلاج في الأردن، وهو قرار انتحار دون أن يعلم، أفسد كل مرحلة العلاج للأيام الأربعة السابقة بخطأ كارثي لم يقدّر تبعاته الخطيرة التي تأكدت بعد 48 ساعة فقد عاد الى المستشفى مجبرًا حيث تهدّدتْ حياته نتيجة نقص نسبة الأوكسجين، تاركًا أسئلة محيّرة لم نجد لها أية إجابة حتى اللحظة: كيف تمكن أحمد راضي من مغادرة غرفته الى الشارع وهو مصاب بمرض فتّاك، أين كان الطبيب المسؤول عنه وقتذاك، ما موقف إدارة المستشفى من إخلاء المريض لغرفته ولم يكتسب الشفاء التام؟ ومعلوم أن الحكومة وعبر اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية وخلية الأزمة فرضت منذ 17 آذار 2020 إجراءات صارمة بحق المخالفين لحظر التجوال وألزمت المواطنين بارتداء كمامة الوجه وبعكسه فرضت عقوبات لمن لا يطبّق شروط السلامة.

كل المؤشّرات التي وردت من مستشفى النعمان أكدت تحسّن الحالة الصحّية لأحمد راضي يوم الجمعة الماضي، بعد أن بذل الملاك الطبي جهودًا كبيرة من أجل رفع نسبة الأوكسجين، ومساء أمس الأول السبت تحدّث بارتياح مع أسرته وطمأنها بقُرب لقائِه بها حيث نجحت مساعي اتصال د.حيدر العذاري سفير العراق في عمّان مع مسؤولين في الحكومة الأردنية بتأمين الموافقات اللازمة على هبوط طائرته الطبية في المطار ونقله فورًا الى إحدى المستشفيات التخصّصية تنفيذًا لأمر الديوان الملكي الهاشمي.

صراحة، كان موقف الأردن مُبهرًا في محنة أحمد الإنسانية، إذ بذل مسؤولوه في الحكومة والصحّة والإعلام كل جهودهم من أجل استقبالهِ بسلام والبِدء بالإجراءات اللازمة لاستكمال الشفاء، وبالفعل تم إنجاز ما مطلوب من جهة شقيقه الدكتور صالح راضي الذي رافقه طوال مدة الأزمة والجانب الأردني من جهة أخرى، وتأكّد ذلك عند الساعة السادسة من مساء أول أمس السبت العشرين من حزيران حيث تلقيتُ رسالة عبر (الواتساب) من الزميلة الأردنية هبة الصباغ طلبتْ الاتصال بأي شخص قريب من أحمد لبيان موقفه الصحّي وموعد مغادرته المستشفى ووصوله إلى عمّان، فأمّنتُ لها الاتصال بالدكتور صالح الذي بدورهِ أرسل لها رسالة صوتية وأكد جاهزية أحمد للسفر صباح أمس الأحد حال هبوط الطائرة الطبية التركية المُتفق مع شركتها الناقلة بعد تسلّم تأشيرة دخوله ومرافقيه من عائلته والملاك الطبي ولم يتبّق سوى ساعات قليلة ليكون راضي على أرض عمّان، وشكر صالح موقف رجال المملكة الأردنية الهاشمية على رأسهم جلالة الملك عبد الله الثاني والأمير علي بن الحسين رئيس اتحاد غربي آسيا ورئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم على متابعة صحّة شقيقه نجم الكرة العراقية والعربية والقارية.

مع إيماننا بقضاء الله وقدره، فإن موت أحمد راضي صبيحة الأحد الحادي والعشرين من حزيران 2020 يفتح ملفًّا موسّعًا عن اسباب التباين في المعلومات عن تذمّره تارة من عدم توفر الأجهزة الطبية المُعالجة لنقص الأوكسجين، وعدم تمكّنه من النوم لأيام متتالية ثم تحسّن صحّته وإشاعة أجواء تفاؤلية كأنه تعافى 90% ثم يغادر على مسؤوليته جزعًا من عملية تنفّسه عبر جهاز صناعي، ويعود للمشفى ثانية خائفًا من تدهور حالته، ويظهر في ظهيرة السبت الماضي محدّثًا أحد الإعلاميين بأنه يتحسّن تدريجيًا قبل أن يصدمنا أمس الأحد بوفاته!! سيناريو مؤلم ومرهق ومفزع يحتمل أكثر من رأي وتحليل بعيدًا عن الشكوك، وتبقى الحقيقة الأصوب لدى إدارة المستشفى وشقيقه صالح.

رحم الله أحمد راضي نورس قلعة الزوراء منذ عام 1980 حتى عام 1999، ولاعب القرن الشهير برفقة حسين سعيد منذ عام 1981 يوم دعاه شيخ المدربين الراحل عمو بابا أول مرّة للمنتخب الوطني وعُمره لم يتجاوز السابعة عشر، حيث قضى مسيرة رائعة في المستطيل الأخضر المحلي والدولي توّجها بتسجيله أول هدف للعراق في مرمى الحارس البلجيكي جون ماري بفاف يوم 8 حزيران 1986 في ثاني لقاءات المجموعة الثانية بين العراق وبلجيكا ضمن منافسات الدور الأول لبطولة كأس العالم 13 في المكسيك، وظلّ وفيًا للوطن ما بعد عام 2003 برغم إقامته مع أسرته في الأردن، حيث عمل في لجنة الشباب والرياضة البرلمانية عن كتلة جبهة التوافق عام 2008 ومن ثم نقيبًا للرياضيين عام 2019 وأعلن رسميًا قبل شهر ونيف ترشيحه لرئاسة اتحاد كرة القدم في الانتخابات المقبلة بعد أن منحه شرار حيدر رئيس مجلس إدارة نادي الكرخ كتابًا لتمثيل النادي اعتزازًا بتاريخه وخدماته التي قدّمها للكرة الصفراء يوم مثّل العراق في البطولات المحلية والعربية والآسيوية باسم نادي الرشيد.

وداعًا أحمد راضي.. غيابك يشعرنا بخيبة أمل كبيرة لاحتفاء لم يتحقق، فكثيرًا ما أبكيت العراقيين فرحًا بأهداف وكؤوس عربية وخليجية وآسيوية، وكانوا يترقبون هدفك الحاسم لتهزم مرضك وإذا بك تُبكي الجميع حزنًا على فقدك، ليهرعوا بتبادل برقيات العزاء على وقع اختطاف كورونا لأغلى الناس.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 22-06-2020     عدد القراء :  1296       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced