ما جعلني أتامل وضع العراق الحالي، بعد قرن من تاسيس الدولة العراقية عام 1921، وحوالي 90 عاماً على الاستقلال، هو إننا نسير نحو الانحدار وبسرعة .
تساؤلان يشغلان بالي في هذا المجال سأحاول أن اتناولهما من وجهة نظري ببعض من التحليل وسأطرحهما على شكل تساؤلات .
هل كان العراق دولة قبل دخول الانكليز ؟
حكمت الدولة العثمانية هذه المنطقة تقريباً 375 عاماً ، وبقي العراق على شكل ثلاث ولايات هي الموصل وبغداد والبصرة. لا يجمع بينهم جامع اطلاقاً، وتدار كل واحدة منها من قبل اسطنبول. ولم يكن هناك لا نظام مالي ولا قانون واضح لجباية الضرائب . ولم تقم السلطة العثمانية بانشاء نظام تعليمي ولا صحي ، بل اعتمدت بالكامل على المساجد وتعليم القرآن. وظهر هنا وهناك أفراد أرادوا مواصلة تعليمهم فكان عليهم الذهاب الى اسطنبول وبضمنهم الضباط أيضاً.
وسيرد علي البعض وماذا عن الدولة العباسية في بغداد ؟. العباسيون ليسوا عراقيين وانما قريشيين قدموا من الجزيرة العربية عبر صراع دامٍ بينهم وبين الأمويين القريشيين أيضاً. والسؤال الذي يجول في خاطري هنا ولكن ليس إجابته من ضمن هذه المقالة هو: لماذا أقام الامويين دولتهم في الشام وليس مكة؟ ولماذا اقام العباسيون دولتهم في بغداد وليس مكة أيضاً؟ ساترك هذا السؤال جانباً الآن وأعود الى جوهر الموضوع .
الدولة العباسية هي دولة المدنية ، اي بغداد، ووسعت اطرافها وعرفت بالدولة الاسلامية، اي بمعنى اخر لم يكن هناك شيء اسمه الدولة العباسية في العراق بل السائد الدولة العباسية في بغداد.
ما أعقب ذلك تجلى في الصراع الحاد بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية في أرض العراق ، والدولتان تستندان في دحر الأخرى على طائفة معينة. فعلى سبيل المثال اذا انتصر العثمانيون فإنهم يحولون المراكز الدينية الى مباول، وان انتصر الفرس حولوا المراكز الدينية الى مرابط الخيل( يمكن الرجوع في هذا كمصدر إلى مؤلفات الدكتور رشيد الخيون) .
هذه المنطقة، في عشية وأثناء الحرب العالمية الاولى لم تكن تعي لما يجري حولها، أقصد العراق. وعندما دخلها الإنكليز سعياً لتقاسم أملاك الامبراطورية العثمانية ومحاولة قطع ربط العراق بالمانيا بسكة حديد بغداد برلين ، فاكتشفوا النفط الذي أصبح عصب النهضة الصناعيه لغالية تسعينيات القرن الماضي . فكان عليهم إنشاء كيان سياسي للتعامل معه بهذا الخصوص.
ما هو البناء الاجتماعي بعد الحرب العالمية الثانية في العراق؟
كانت هناك قبائل و أفخاذ موزعة على عموم العراق تمتلك تأثيرها عبر العادات والتقاليد العشائرية. أما ملكية الأرض فقد كانت محصورة بالكامل للباب العالي العثماني، وهنا اقتضى على السياسة الانكليزية المتسمة بالواقعية الشديدة، وليس الأيديولوجيات والمثاليات الاستناد الى شيوخ العشائر وكسب ولائهم عبر توزيع الأراضي عليهم، فجرى تحول شيخ العشيرة الى إقطاعي. وكذلك كان هناك هبات من البيت العالي لبعض العوائل العراقية عبر تمليكها الاراضي. الى جانب هذا كان هناك لبنات صغيره مدنية في مراكز المدن تتكون من اليهود والمسيحيين استند عليهم الانكليز في البناء الإداري للدولة، واحتكر القرار السياسي في قمة السلطة.
لم يتفق العراقيون على من يكون الملك على العراق الجديد فجرى اختيار ملك هاشمي من قريش ربما يتفق عليه الشيعة والسنة.
اما التبجيل لحد القدسية لثورة العشرين فهذا غير صحيح لأنها لم تطرح أية مطالب وطنية بل دينية في تحريم حكم الكافر على المسلم. ومما يدعم وجهة نظرنا هذه هو خلو فترة الحكم العثماني والفارسي من أية ثورة ضدهم من قبل قادة العراق آنذلك، إلا هنا وهناك في مجال جباية الضرائب في الغالب.
هل ينفرد العراق بكونه دولة مصطنعة من الخارج ؟.
لا أود هنا أن اتناول الموضوع من الناحية النظرية بل من الناحية الواقعية، ولكوني مؤمناً بأن أفضل سياسة هي الواقعية.
كيف تأسست الولايات المتحدة الأميركية ؟ كيف تأسست كندا؟ أستراليا ونيوزيلندا؟ اليابان بعد الحرب العالمية الثانية ؟ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وتخليها عن أراضٍ لفرنسا لتوقيع انتهاء الحرب؟
أما عن التعددية : فماذا عن الهند و سويسرا والولايات المتحدة و استراليا ...الخ؟
في هذا الجانب اكتفي بطرح الأسئلة