ليتهم كانوا طليان
بقلم : علي حسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ما أن ننتهي من قراءة كتاب ممتع ومؤثر، حتى نتساءل من أين استمدّ الكاتب موضوعه ؟ لسنوات كنت أعتقد أن ألبرتو مورافيا كاتب مهتم بالنساء وعلاقاتهن، مجرد حكايات عن العشق والجريمة راح المؤلف ينفخ فيها بأسلوبه ومخيلته.

لكنني اكتشفتُ وأنا أقرا كتبه بإمعان أن الإيطالي العجوز الذي عاش أكثر من 80 عامًا وكتب أكثر من 40 كتابًا، كان يدرك أن "الخراب ينشأ في العالم عن الجهل واللامبالاة والافتقار إلى الفهم الذي يتوهم أصحابه بأنهم يعرفون كل شيء، ومن ثم يدّعون لأنفسهم الحق في خداع الآخرين".

أرجو من جنابك ألّا تسخر من سذاجتي وتقول "يا رجل"، تتحدث " بالطلياني " في الوقت الذي تتدخل تركيا في شؤون العراق؟، ولكننا ياعزيزي في هذه البلاد، ننتخب ونصفق لمَن لا يريد الخير لهذه البلاد، ونهتف بحياة من يمارس السياسة على أنها خطب وتسلّية.

مشكلتنا ياعزيزي أنّ المسؤول عندنا أهمّ من الدولة، في حين أنّ إيطاليا التي عيّنت محاميًا مغمورًا في أعلى منصب تنفيذي، وأعني جوزيبي كونتي هي نفسها التي منعت سياسيًّا من عيّنة سيلفيو بيرلسكوني من الوصول إلى كرسيّ رئاسة الوزراء، بل إنها حكمت عليه بعقوبة "الخدمة الاجتماعية" في إحدى دور رعاية المسنّين على خلفيّة الحكم الذي صدر بسجنه بتهمة التهرّب الضريبي، أما في هذا البلد المشاع، فيمكن أن يعين النائب السابق مستشارًا، وأن يظل جالسًا على الكرسي طوال العمر، ما دام هذا الكرسي يجلب الكثير من الأموال .

كنّا جميعًا، أنتم وجنابي، نحلم أن يكون العراق بعد عام 2003 بلادًا للرفاهية والعدالة والقانون، وأن يخرجنا قادةُ العراق الجدد من عصور الخوف. لكنّ الذي حدث كان خارج الأحلام. اختُطف التغيير من قبل أحزاب سعت إلى أن تفصِّل الحكم على مقاسها الخاص، وأصبحت العدالة الاجتماعية، والتسامح والعيش المشترك مؤامرة ماسونيّة. ولم يتحقّق سوى شيء واحد: "دولة الفرهود".

في كل يوم يكتشف المواطن العراقي أنه على حافة المجهول. والمجهول في كل مرة مؤلم، لأنه يتعلق بمستقبل الملايين من الناس الذين لا تعنيهم معركة أحزاب السلطة على كراسي الحكومة، ما دام الخراب يخيم على مؤسسات الدولة .

في هذه البلاد التي يراد عليها ان تعيش تحت ظلال الصواريخ ، سوف تسمع عبارة واحدة يطلقها السياسيون الذين شاركوا في تقاسم الغنائم والمغانم منذ سبعة عشر عاما، والعبارة هي نحن معارضة، اما الخراب الذي حصل والمدن التي دمرت والملايين التي شردت، والمليارات التي نهبت ، فهي حكاية من حكايات الخيال .

كان ألبرتو مورافيا يقول: لا يمكن أن تكون هناك إيطاليا إلا إذا اعترف السياسيون أن هناك دولة إيطالية قبلأن يكون هناك سياسيون، مشكلتنا أن السياسيين يعتقدون أنهم وُلدوا قبل الدولة والوطن.

  كتب بتأريخ :  الخميس 09-07-2020     عدد القراء :  1251       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced