قبل أن تدمع عيون محافظ بيروت حزناً وألماً على ما ألم ببيروت من كارثة الانفجار الرهيب والمروع لمرفأها ولناسها وأهلها ونحو ثلث مناطقها .. ترقرقت أيضاً عيون آلاف العراقيين حزناً وغضباً على ما حلّ بالمدينة التي أحبوها خاصة أولئك الذين مروا بها أو أقاموا فيها للدراسة أو العمل أو السياحة أو ..
اللجوء القهري هرباً من القمع في بلدهم ومحبة العراقيين لبيروت مثل محبة مواطني البلدان العربية والأجانب الذين عرفوا المدينة بأنها واحة للحرية والجمال والخضار .. مدينة التسامح والصفح والمحبة والكرم .. مدينة الثقافة والتنوير .. مدينة لا تأنس جبالها إلا أن تغسل أرجلها بماء البحر الأزرق الذي تطل عليه وتحرسه من العاديات ، مدينة كل اللبنانيين من الجنوب والشمال والشرق .. مدينة مضيفة كريمة للاجئين الفلسطينيين والسوريين وغيرهم .. وهذا هو بعض ما آثار شجون ودموع من حزنوا عليها وتضامنوا معها وعلى شعب لبنان بأسره .
أما هذا الحزن العراقي على كارثة بيروت ومأساتها فقد أثار لديهم المخاوف أيضاً القديمة – الجديدة من وقوع انفجارات مماثلة من تخزين الأسلحة والعتاد والذخائر والمواد المميتة في مخازن بين الاحياء السكنية وباساليب وطرق لا تلتزم بأصول وقواعد الخزن الآمن وهو الأمر الذي جرى التعبير عنه بوقوع عدة انفجارات بمواقع مختلفة داخل بغداد وخارجها خلال السنوات الماضية : ولذلك يصبح مشروعاً تماماً أن ترتفع الأصوات عالية مطالبة بنقل الأسلحة والعتاد والمواد المتفجرة بعيداً عن المناطق السكنية الشعبية وغير الشعبية .
لقد استقبل اللبنانيون هذا الحدث الجلل المفجع بحزن وألم كبيرين ، لكن بأمل وعزم على تجاوز المحن – الحدث والنهوض ببيروت مجدداً واعتبار يوم 4 آب هو يوم فاصل وإن قبله ليس ما بعده بالنسبة للطبقة السياسية المتحكمة بمصيرهم ومصير بلدهم ، مثلما اعتبروا يوم 17 تشرين الأول من العام المنصرم ، تاريخ انطلاق الثورة يوماً فاصلاً من تاريخ الشعب اللبناني ولبنان وتاريخ نظامهم السياسي الذي اعتبره الثوار فاشلاً ومتعفناً .
وفي لحظة غضب مشروع اعتبر سعد الحريري ابن بيروت ونجل الشهيد رفيق الحريري كارثة انفجار المرفأ هي اغتيال لبيروت كأغتيال والده العام 2005 ، لكن بيروت وكما يعرف السيد سعد نفسه واجهت عملية اغتيال فاشلة ولم تمت لأنها عصية على الموت وإرادة شعبها مثل إرادة كل اللبنانيين أقوى وأشد من أن يُميتها مثل هذا الانفجار ، فبيروت كطائر الفينيق ستقوم مما هي فيه الآن .. وربما افضل واجمل مما كانت ، خاصة عندما يرد اللبنانيون و(البيارتة) وكل محبي لبنان وبيروت الاغنية الجميلة للسيدة فيروز : لبيروت .. سلاماً لبيروت ، من قلبي سلاماً لبيروت وقبل للبحر . والبيوت
وأضيف : وسلاماً لشعب عصي وعنيد لا يموت