الدولة الوطنية والطائفية السياسية
بقلم : لطفي حاتم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يسعى الطور الجديد من التوسع الرأسمالي الى احتضان ومساندة القوى الطبقية الفرعية تماشياً وقوانين التبعية والتهميش الملازمة للرأسمالية المعولمة. وطبقاً لهذه المساندة تزدهر الطبقات الفرعية – البرجوازية الكمبورادورية والفئات الطفيلية والرأسمالية الربوية – وتنسج علاقات تحالفية مع الوافد الأجنبي بهدف صيانة مواقعها الطبقية الجديدة وخشيتها من التغيرات الوطنية.

وتماشياً مع فكر الطبقات الفرعية الايديولوجي تعمل الرأسمالية المعولمة على انتاج ومساندة الطبقات الهامشية وما ينتجه ذلك من تهميش الدولة الوطنية وطبقات تشكيلاتها الاجتماعية.

انطلاقاً من الرؤية الفكرية العامة أحاول بتكثيف بالغ دراسة مواقع وادوار الطبقات الفرعية في مرحلتي رأسمالية المنافسة والرأسمالية المعولمة.

-- تتجسد التباينات بين طوري رأسمالية المنافسة والرأسمالية المعولمة في نشاط وأدوار الطبقات الفرعية في التشكيلة الاجتماعية في كلا المرحلتين من التطور الرأسمالي متمثلة بـ :

أولاً- مساعدة الدول الكولونيالية في مرحلة المنافسة الرأسمالية على بناء دول وطنية لتشكل أداة ضامنة للهيمنة الاجنبية بينما نجد ان الرأسمالية المعولمة تعمل على تفكيك وتهميش الدول الوطنية بهدف تحويلها الى دول فاشلة تعيش على تصدير موادها الأولية تتنازع تشكيلتها الاجتماعية الصراعات المذهبية والاقتصادية.

ثانياً—غياب السيادة السياسية للطبقات الفرعية في المرحلة الكولونيالية بسبب سيادة وتحالف قوى وطبقات أساسية أخرى -- منها الطبقة الاقطاعية وفئات من البرجوازية الوطنية وشرائح المؤسسة العسكرية العليا المنحدرة من الإمبراطورية العثمانية المنهارة.

ثالثاً-- ساهمت مرحلة المنافسة الرأسمالية بتطوير التشكيلات الاجتماعية الوطنية وبنيتها الطبقية حيث نمت وتوسعت الطبقة العاملة في القطاعات الاقتصادية الوطنية المختلفة يتقدمها -السكك الحديدية -استخراج النفط وتصديره – الموانئ -- بينما ازدهرت البرجوازية الصغيرة في أجهزة الدولة الإدارية فضلاً عن انتشارها وشرائح من الطبقة البرجوازية الوسطى في الصناعات الخفيفة التي ساعدت التغيرات الاجتماعية على انتشارها.

رابعاً- شهدت المرحلة الكولونيالية بناء المؤسسة العسكرية الوطنية وما رافقها من تجذر الأفكار الراديكالية المناهضة للهيمنة الأجنبية فضلاً عن دفاعها عن مصالح البلاد الوطنية.

خامساً-- رغم هيمنة الطائفة السنّية على السلطة السياسية في العراق إلا أن الطائفة الشيعية احتلت المراكز التجارية في التشكيلة الاجتماعية خاصة بعد تهجير اليهود العراقيين وسلب ممتلكاتهم وانهيار مراكزهم التجارية.

سادساً-- أفضت العولمة الرأسمالية الى هيمنة الطبقات الفرعية ونزعتها الطائفية على الحياة السياسية بينما تشهد الأحزاب السياسية والنقابات العمالية تراجعاً في مهامها الوطنية بسبب الاحتلال الأميركي وهيمنة الطائفية السياسية على الكثير من مفاصل الدولة الوطنية وتشكيلة البلاد الاجتماعية.

سابعاً-- أدت العولمة الرأسمالية الى تراجع دور الدولة الوطنية ومكانتها في تطوير بنيتها الاجتماعية وما نتج عن ذلك من تدني فعالية طبقات تشكيلتها الاجتماعية العاملة على صيانة سيادة بلادها الوطنية.

قبل الخوض في تسمية تراجعات فعالية الأحزاب والقوى الوطنية لابد من تحديد طبيعة الأحزاب الطبقية ونهوض الطائفية السياسية ودورها المعاصر في التشكيلات الاجتماعية.

-- تعبر الأحزاب السياسية عن التمايزات الطبقية في التشكيلات الاجتماعية الوطنية وتسعى الأحزاب السياسية الى توحيد كفاحها السياسي -الطبقي بهدف الحصول على مكتسبات اجتماعية وضمانات سياسية لبرنامج نشاطها -- السياسي – الاقتصادي-- المنبثق من مصالحها الطبقية.

--استناداً الى ذلك فإن الحزب السياسي يمكن توصيفه بكونه تشكيلاً اجتماعياً- طبقياً يعبر عن مصالح طبقته الاجتماعية وكفاحها الهادف الى تلبية برامجها الاقتصادية - الاجتماعية.

بهذا التحديد يعتبر الحزب الطبقي شكلاً سياسياً متطوراً من أشكال النضج السياسي للطبقة الاجتماعية وإدراكها لطبيعة مصالحها الذاتية استناداً الى تنازع مصالحها الطبقية في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.

التناقضات الأساسية بين الحزب الطبقي والطائفة السياسية

إن طبيعة الحزب الطبقي وبرامجه السياسية وتوجهاته الوطنية يتناقض مع الطائفية السياسية المرتكزة على الموضوعات التالية –

-- تتشكل أيديولوجياً الطائفة السياسية من أحداث وروايات تاريخية ورؤى غيبية محاطة بقدسية دينية لشخصيات تتمتع بهالة رمزية يتم التبرك بها وتمجيدها لغرض حبس الوعي الاجتماعي في إطارات سلفية.

- تساهم أيديولوجيا الطائفة السياسية في ركود التشكيلات الطبقية وتعثر تطور بنيتها الاقتصادية وما ينتجه ذلك من تحجيم وعيها السياسي وتحويله الى مسارات طائفية فرعية.

-- تعكس أيديولوجياً الطائفية السياسية مصالح - الشرائح الكمبورادورية وفئات البرجوازية الطفلية والبرجوازية المالية - المسندة من فتاوى وتعاليم وشعائر المؤسسة الدينية.

-- تسعى أيديولوجيا الطائفية السياسية الى ركود البنية الاقتصادية -الاجتماعية وحبس النزاعات الوطنية في الأطر الطائفية وذلك لغياب مصلحتها الطبقية في تجديد الدورة الإنتاجية واعتمادها على انتاج السلع التراثية.

-- إن الموضوعات المشار اليها تتجلى نتائجها في الحياة السياسية للبلد استناداً الى العناوين التالية--

العنوان الأول – تسعى العولمة الرأسمالية والطائفية السياسية الى تحجيم بناء وتطور الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية اعتماداً على تفتيت الطبقات الاجتماعية وتحويل نزاعاتها الطبقية الى صراعات طائفية.

العنوان الثاني –العولمة الرأسمالية والطائفية السياسية تهدفان الى تشظي طبقات التشكيلة الاجتماعية الوطنية وتوزيع ولاءاتها الطبقية والوطنية الى ولاءات طائفية.

العنوان الثالث – تتلحف أيديولوجيا الطائفية السياسية بنزعتي الانعزال ومناهضة القوى الديمقراطية مستندة بذلك الى احتكارها وتفسيرها النصوص الدينية المقدسة بما يتناسب وهيمنتها الطائفية.

العنوان الرابع – تفضي الولاءات الطائفية الى تشظية الوعي الوطني وتعريض البلاد الى التبعية والإلحاق لدول الهيمنة الدولية.

ارتكازاً على الموضوعات المثارة يواجهنا السؤال التالي- ماهي ضمانات بناء دولة وطنية مستقلة بعيدة عن الحروب الداخلية والتبعية الخارجية في المرحلة الراهنة من العولمة الرأسمالية؟ وما هو دور القوى الوطنية الديمقراطية في مواجهة أيديولوجيا الطائفية السياسية المتسمة بالتشظي والتناحر الاجتماعي؟

للإجابة المكثفة على مضامين الأسئلة المثارة نتوقف عند الموضوعات التالية-

أولاً—بناء شرعية الدولة الوطنية على أساس توازن مصالح الطبقات الاجتماعية الفاعلة في تشكيلتها الاجتماعية.

ثانياً - شرعية الحكم الوطنية تحددها الشرعية الديمقراطية المرتكزة على قوانين الشرعية الانتخابية المسندة من التوازنات الطبقية والابتعاد عن المحاور الدولية.

ثالثاً-- اعتماد الشرعية الديمقراطية للحكم على البرامج الاجتماعية – السياسية المنبثقة من مصالح طبقاتها الاجتماعية وما يشترطه ذلك من تحجيم ايديولوجيا الطائفية السياسية وقواها الكمبورادورية.

رابعاً– تحجيم الأضرار الوطنية للطائفية السياسية باعتبارها أيديولوجية الطبقات الاجتماعية الفرعية والهادفة الى إعاقة البناء الديمقراطي للدولة الوطنية وتوطيد التحالفات الدولية مع الوافد الأجنبي.

خامساً – مراقبة نشاط الطبقات الفرعية وتحالفاتها الخارجية المثيرة للنزاعات الاجتماعية والعاملة على تحجيم الروح الوطنية وتسويق مبررات الحماية الدولية.

سادساً– احترام الأديان السماوية والعمل على صيانة وحرية مشاعر الطوائف الدينية بعيدة عن التجاذبات السياسية.

سابعاً-- العمل على تطوير التشكيلة الاجتماعية استناداً الى تلبية مصالح مكوناتها الطبقية وضمان حرية نشاطها السياسي في الدولة العراقية.

ثامناً-- الابتعاد عن التحالفات العسكرية الإقليمية واحترام سيادة الدول المجاورة وعدم التدخل في نزاعاتها الداخلية ناهيك عن احترام خياراتها الوطنية.

إن الموضوعات المثارة تضيف رؤى جديدة الى المشاريع الوطنية ومنها المشروع الوطني الديمقراطي المستند الى تطور الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية المعبر عنها بالوطنية الديمقراطية الهادفة الى التطور الديمقراطي المستقل والتنمية الوطنية.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 17-08-2020     عدد القراء :  1443       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced