لجان مكافحة الفساد
بقلم : د. أثير ناظم الجاسور
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بالعادة أية قضية تحدث في العراق ويكون أحد أطرافها شخصية حزبية سواء كانت متنفذة أو غير ذلك ويستشكل عليها رجال القانون والدولة والمواطن نجد أن في ثناياها مجموعة من القضايا أيضاً التي تتطلب الدراسة والفحص والتمحيص لما تحمله من خطورة تهدد كيان الدولة والمجتمع وخصوصاً إذا كانت قضية فساد،

قد تتطلب قضية مكافحة الفساد قوة منقطعة النظير خصوصاً في دولة مثل العراق ضعفت فيه سلطة الدولة والقانون مقابل سلطة الأحزاب التي رسمت وخططت وهندست لعراق خالٍ من الكفاءات والامكانيات بعد أن تم استهدافهم بشكل مباشر أم غير مباشر، يعد الفساد واحد من الأسباب التي جعلت من العراق يتذيل القوائم في التعليم والأمن والاقتصاد والسياسة وأيضاً فيما يخص مستقبله وطريقة عمل الدولة في الوقت الحاضر وفي أي وقت، بالمحصلة الفساد أصبح حاجزاً أو قد نسميه جداراً صلباً يحتمي به العديد من الأحزاب والشخصيات الحزبية بعد أن استمكنوا من أن تكون ادواته الوصفة التي ترهم لكل طبخة سياسية تتم صياغتها بعد كل مرحلة انتخابية تثير الشكوك.

أما ما يخص لجان مكافحة الفساد فهي بالحقيقة سواء بالأمس أو اليوم هي تشكل من أجل كشف ملفات معقدة متشابكة يحيطها الشك والريبة وأساسها تبديد الأموال وتبييضها الخ، بالتالي فإن العمل الذي على أساسه تشكل هذه اللجان قد يتعارض مع تطلعات الأحزاب وخطواتها التي تنتهجها في العراق منذ العام 2003 ولغاية اللحظة على اعتبارها هي من عززت هذه الثقافة التي نخرت بجسد الدولة إلى أن جعلته خاوٍ من أموالها وكفاءتها وكل شيء، فقبل أن تسير الحكومة في تشكيل لجنة او لجان لمكافحة الفساد عليها أولاً النظر في حال السلطتين التشريعية والقضائية بعد ان عملت الأحزاب على جعلهما مؤسستين غير قادرة على تحقيق تطلعات الناس وطيلة هذه الفترة كان أداء هاتين المؤسستين غير مجدٍ بعد أن سيطرت الأحزاب على الدولة وبسطت نفوذهما وسيطرتهما على الوضع السياسي والاقتصادي، فمن غير الممكن ان تحاول تشكيل لجنة تحاسب جهات او شخصيات حزبية على تبديد أموال او ضياع ارض دون أن تكون قد استندت على أرضية صلبة تحيطها القوانين والتشريعات التي تساهم في تقوية كل ما له علاقة بمصير الدولة، ومن غير الممكن أن تحاسب من كان مسؤولاً عن خراب العراق من دون نزع دون نزع السلاح وفرض القانون على الجميع دون استثناء، فهم يرون أن هذه الدولة هي ومواردها من حقهم ولا يمسح لأي كائن كان أن يتعدى عن هذا الحق.

القضية الأخرى والأكثر أهمية هي أن كل من أضر بالصالح العام سواء بالفعل أو القول من مسؤولي الخط الأول والثاني والثالث لم نر أنهم تمت محاسبتهم أو سؤالهم على الأقل على ما اقترفوه ، الذي حصل تمت مكافئتهم على كل عمل قاموا به ابتداءً من اختلاساتهم وتلاعبهم بمقدرات الدولة والمواطن انتهاء بالأعمال الغير منطقية التي كانوا يمارسونها في مؤسساتهم، الذي حصل أيضاً قامت الجهات الحزبية من خلال متنفذيهم في السلطتين التشريعية والقضائية بتبرئة من قامت بتبرئته والقسم الآخر عزلهم عن مناصبهم والحاقهم بالسفارات والملحقيات لكي يستجم المسؤول ويرفع عن عاتقه حمل العراق وعمل مؤسساته، والشواهد كثيرة من وزراء ومحافظين ووكلاء وزارات ووزراء ومدراء عامين ومدراء وحدات إدارية وقانونية الخ فالقائمة تطول إذا ما أي مواطن بسيط سرد الأسماء وأفعالها في العراق وخارجه، أيضاً أن الطبقة الحزبية الحاكمة للعراق اليوم عززت الفساد وساهمت في انتشاره في سائر أرجاء العراق حتى أصبح ثقافة ترسخت في أفعال وسلوكيات الكثيرين الذين كانوا جسراً للأفعال الغير منطقية والتي أسهمت في عدم استقرار العراق.

الأكثر سخرية أن المواطن العراقي بات على يقين من أن أي لجنة تشكل من قبل الحكومة للبت في قضية فساد أو أي قضية أخرى فهي بالحقيقة عملية تمييع وتستر تصاحب هذه القضية مما يؤدي إلى أن هذه اللجان ستعمل على أن تكون القضايا التي شكلت على أساسها قضايا أقل من الثانوية إذا ما قلنا تزول بمجرد الإعلان عن تشكيل تلك اللجنة أو اللجان، هذا التفكير الجمعي عن شكل اللجان وتشكيلها وعملها سيجعل من أي قرار يصدر عنها مصدر سخرية وعدم اكتراث من قبل المواطنين ويستمر التشكيك، إلى جانب أن هذه اللجان لا تستطيع أن تعمل في أجواء السيطرة الحزبية والسلاح المنفلت الذين في كل محاولة للتصحيح يعترضون ويعارضون أي من هذه الخطوات، إن عمل هذه اللجان محاط ليس فقط بالشك والريبة واحتمالات الفشل إنما أيضاً محاط بالمخاطر والضغوطات التي يتعرضون لها أعضائها، بالتالي فإن تشكيل لجان لمكافحة الفساد يجب أن يسبقها خطوات لتفعيل القوانين والعمل على أن يكون للقانون مكانة عند المسؤول قبل المواطن وأن يعمل الجميع وفق قاعدة المصلحة العامة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 09-09-2020     عدد القراء :  936       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced