في الوقت الذي بدا فيه رئيس مجلس الوزراء السيد الكاظمي بضرب اسماك كبيرة للفساد التي يمكن ان تصل الى حيتانه او وصلت لبعضها بالادلة، و بدأ بمواجهة الارهاب . . اللذين اثارا تفاؤلاً، بعد سبعة عشر عاماً من حكم الفساد و الميليشيات و الوعود و الكلمات الطنانة، التي لم تنتج الاّ الخيبة و عدم الثقة بالاحزاب الاسلاموية الحاكمة على حد تعبير ابرز الوجوه الاجتماعية و من داخل كتل حاكمة علناً . .
تستمر الإحتجاجات المطالبة بالحقوق الانسانية الاساسية و بمعاقبة قتلة المتظاهرين و الناشطين الذين لاتزال اعدادهم في ازدياد مؤلم حتى وصلت الى الالف شهيد و عشرات آلاف الجرحى و المعوقين، وفق مصادر التظاهرات و مواقع التواصل التي يمكن الركون اليها . .
اثر تزايد الوعي الشعبي باطيافه بالحقوق المشروعة و بواجبات الدولة و الحكّام، التي عبّأت بها انتفاضة تشرين الشبابية السلمية التي احدثت ثورة في الوعي و في روح الاستعداد للتضحية في سبيل " وطن " و اثر معرفة الشباب و الشابات بالفساد و بكبار الفاسدين، و بكيفية ترابط الفساد بالارهاب، و انكشاف ان الوعود الحكومية و الشعارات الداعية الى محاربة الفساد، لم تكن الاّ وسيلة لتهدئة الناس و ان الفساد هو الحاكم.
الفساد الذي ادىّ الى افلاس الدولة و الى فشلها المالي و فشل حتى سياسات تحويل الدولة الى دولة ريعية لتكون تابعة، و ادىّ الى القروض في زمن كورونا الذي شلّ الاقتصاد العالمي و في زمن الازمة الاقتصادية الهائلة التي تواجه البلاد اثر الانخفاض المريع لاسعار النفط، و الى انهيار الرواتب الحكومية بانواعها . .
في وقت تتساءل فيه اوسع الاوساط في زمن انهيار البلاد، لماذا لايسلّم الناهبون ما نهبوه بطرق سلمية و لو على دفعات، و يعلنون عن اخطائهم بشرط عدم تكرارها، ليصونوا نظافة اسمائهم على الاقل بمساهمتهم بانقاذ البلاد، بدل التحقيقات و الاجراءات الانضباطية و العقوبات، في وقت تخلّفت فيه الاحزاب الاسلاموية الحاكمة مالكة المال، حتى عن التبرع لانقاذ مصابي كورونا و دمّرت سمعتها و اساءت للمقدّس الذي ادّعت به.
و يرى الكثيرون بان اسباب التظاهرات قد ازدادت لتزايد الاعباء و انخفاض ما قُتّرْ، لعدم توفّر حلول، و لا حتى بداية ملموسة لحلول متواضعة تحسّن قليلاً من احوال يعيشها الناس، حلول متواضعة تحرّك حياتهم باتجاه الافضل حتى الآن . . وسط مشاعر قلق من أن تكون جهود مكافحة الفساد ظرفية او لوقت محدد، قد تكون لإسكات الشارع العراقي الغاضب، و من ان حصول اي هدوء او توقف من اللجنة التحقيقية العليا في عملها قد يؤدي إلى انهيار جهود الكاظمي جميعها.
في وقت تسعى فيه جهات من الميليشيات و من كبار الكتل الحاكمة بشكل محموم الى اعاقة جهود رئيس مجلس الوزراء ، كي لاتصل نيران التحقيقات اليها و تتكبد مواقع و خسائر مالية هائلة، فالتحقيقات لا تهدف الى تشخيص الفاسدين و القاء القبض عليهم و معاقبتهم فقط، و انما تستهدف اساساً استعادة الاموال الفلكية المسروقة بعدة اشكال من خزائن الدولة و الشعب، في ظروف الفاقة التي تعيشها البلاد.
و يرى مراقبون بأن اطرافاً تسعى الى تشتيت جهود السيد الكاظمي بتصعيد اعمال الاجرام المتنوع، و اخرى برلمانية تسعى الى تبويش الاجراءات بتفاسير فقرات دستورية تعيق تلك الجهود لفترات زمنية لتعود الى الفهم، امام حكومة مضى على تشكيلها اربعة شهور فقط و امامها تركات ثقيلة متنوعة لحكومات مضت.
اضافة الى توجه احزاب اسلاموية حاكمة الى حشود المتظاهرين لتأليبهم على السيد الكاظمي، و اخرى الى محاولات زرع الفتن بين تلك الحشود لتصل الى صدامات، لإبعاد المتظاهرين عن تأييد اجراءات الكاظمي و نقل الصراعات اليها، في وقت يتهيّأ فيه التشرينيون الى تصعيد نشاطاتهم في الذكرى السنوية الاولى لإنطلاقتهم و تصعيد مطالباتهم بمعاقبة قتلة المتظاهرين الذين يُخلّدون دمائهم بـشعار "شهداؤنا قادتنا" ، و نداءات : الوطن، الدولة المدنية القائمة على الهوية الوطنية، الغاء المحاصصة، انتخابات نزيهة بتوفير الامن و متطلباتها الدستورية.
و يحذّرون من الحشود الايرانية غير المنضبطة القادمة لزيارة الاربعين للامام الحسين، التي تظهر طلائعها في الشلامجة و معابر البصرة، كونها معبّئة بوحدات خاصة لدوائر ايرانية، تحمل اسماء جديدة اثر تزعزع ثقتها بالميليشيات العراقية . . وحدات تعمل على احداث صدامات مع المتظاهرين بحجة الثأر لمقتل الجنرال سليماني، و تعمل على اعاقتهم من المشاركة بالمراسيم الشعبية السنوية للاربعينية، بعد النجاحات التي حققوها يوم عاشوراء الفائت.
و يؤكدون على المتظاهرين بضرورة الانتباه الامني و اليقضة و الحذر، و الحفاظ على الوجوه العلنية للحراكات . . و العمل على خطط الدفاع عن النفس من الاغتيال و الاختطاف و التنكيل، و إخبار الجهات الامنية الموثوقة عن مصادر الاجرام و الفساد الكبير و مصادر الخطر على الدولة، و تنفيذ اجراءاتها في حصر السلاح بالقوات المسلحة النظامية و الاسراع في تعميق مكافحة الفساد . .
20 /9 / 2020 ، مهند البراك