وهم القيادة
بقلم : د. أثير ناظم الجاسور
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

في العراق والقضية ليست وليدة اليوم التي تصور كل مشاكلنا وأزماتنا وأفراحنا وأحزاننا والتي لطالما تمحورت حول شكل ومضمون القيادة وتجلياتها والإطار الذي تحيط نفسها به،

القيادة التي يتحدث عنها الجميع دون أن يتصوروا أن هذا القائد الذي يبحثون عنه ليس بالضرورة يوجه صوب الاعتدال والاستقرار، فلطالما حدثنا التاريخ عن قيادات طموحها فاق تصور العقل البشري فما كان نتاجها سوى حروب ودمار وخراب،

فالقائد في العراق بالضرورة يُصنع ضرورة حتى وإن كان سبباً في عجز الجميع عن ايجاد حياة كريمة هكذا يراه الكثيرون، فما أن نختلف أو نواجه أزمة لا حلها لها من وجهة نظرنا حتى نصل الى نتيجة لا حقيقة لها إننا نفتقر للقيادة بالرغم من تعدد القيادات بعد العام ٢٠٠٣ وبحاجة ملحة لها، فالأخيرة عملت بشكل واضح على تعزيز سلطاتها وهيمنتها من خلال اللعب على وتر الجهل بالشيء وساهمت في ترسيخ مفاهيم من شأنها تعزز مكانتها وديمومتها، عدم إدراك طبقات كثيرة لحجم ما هي تعيشه جعلها مصرّة على أنها لا بد أن تكون تحت غطاء قائد مهما كانت توجهاته وتبنياته، وهذا ما عزز سلطة القيادات التي كانت هي أساس الأزمات والمشاكل المعقدة والمركبة التي انهكت البلاد منذ تأسيس الدولة ولغاية اليوم.

الكثيرون اليوم يعيشون على أمل أن تتكون في القريب العاجل قيادة تساهم على الأقل في تحديد ملامح مستقبلهم وتخليصهم من معاناتهم، والبعض الآخر مصرٌّ على اتباع قيادات تعمل وفق خارطة مرسومة لا جدال فيها، في كل ركن من أركان الحياة هنالك تمجيد لقائد سواء في الدولة بشكل عام أو في المؤسسة أو البيت أو الشارع الخ....، إلى جانب خلقه على أنه رمز أو الإصرار على تكوينه بالرغم من أن الأمر لا يتطلب خلق هذا الكم الهائل من القيادات التي بتضارب توجهاتها بالتأكيد هذا حال العراق، قد سار البعض إلى خلق هذه الجدران الكونكريتية التي لا يجوز المساس بقدسيتها المرسومة وساهم في ترسيخ مفاهيم لا تبت للحياة والعقل والمنطق بصلة، فقضية التمجيد وخلق القصص والخرافات التي تدور حول هذه الشخصية أو تلك لا تزال عالقة في المخيلة العراقية التي تحاول بين الحين والآخر أن تتشبث بشخوص هي بالحقيقة غير قادرة على تغيير واقع المجتمع لاعتبارات يعلمها القاصي والداني، فالغالبية من المجتمع تجهل هذا المفهوم والعناصر التي تساعد على تشكيل شخصية القائد والإحاطة بمنطلقاته ووعيه وخبرته وكل ما يتعلق بتشكيل هذا الكيان، كل ما يحاول أن يكونه المجتمع هو إن هذا القائد لا بد أن يكون هدفهم في سبيل العبور.

لا يفرق الأغلب بين مستويات هذه القيادة فمنهم من يريد أن يشكلها لتسييره ومنهم من يحاول أن يجعل منها شماعة لأخطائه والآخر يحاول أن يجد المبرر لأن يكون جزءاً من منظومة غير قادر على اختراقها دون وجوده، بالتالي نجد المجتمع ووفق هذا المفهوم مقسم ومع حلول الأزمات التي هي بالحقيقة لا تنتهي يبدأ صراع المؤيدين والمريدين لا لشيء إلا لعدم المساس برأس الهرم، إن خلق هذا الكم من القيادات في بلد مضطرب مثل العراق ما هو إلا دليل على الفوضى التي تجتاحه وعدم القدرة على إدارة شؤونه ومسؤولياته، فالكل يعيش بهذا الوهم الذي ما أن تنجلي مرحلة أو تبدأ أخرى جديدة مختلفة بمعطياتها وتجلياتها حتى نلاحظ تساقط العديد منها لأنها بالحقيقة بعيدة عن معنى ومضمون وشكل القيادة التي هي في الحقيقة اما صنيعة شعب أو صنيعة مرحلة ملحة اضطرارية ساعدت على وجودها، بالمحصلة هذا المفهوم هو من صنع الخيال الشعبي المضطرب الذي يحاول أن يجد سبيلاً للخلاص من بؤسه وانكساراته وأزماته وهو يعلم ( المجتمع) إنها ليست بقيادات، والمجتمع يعلم أن قياداته ترقص على جراحه وتلعب على مشاعره تارة بالدين وتارة بالقومية وأخرى من أجل الخلاص وكلها لا معنى لها حين يفقد الإنسان إنسانيته.

بالتالي فإن قياس قوة القيادة تظهر من خلال بناء مجتمع قوي بثقافته ووحدته ووعيه وحرص الأولى على أن يكون الثاني ذو مكانة عالية وله سلطة امتلاك القرار، مجتمع يعرف كيف يدير نفسه ويميز بين الحقيقة والخيال لا يؤمن بالخرافات حتى تستمر حياته، بل يعمل من أجل أن يستمر وتستمر الأجيال بالعطاء، مجتمع متمكن أن يصنع قيادة حكيمة وقراراً حكيماً وأن يكون فاعلاً في إدارة الدولة هنا نستطيع أن نقول إن الدولة وقيادتها قوية، وإنها تسير وفق معادلات منطقية لتعطي مخرجات ناجحة، بالتالي لا قيادة حقيقية من غير وعي اجتماعي يدرك المخاطر التي تحيط به ويدرك مصالحه ويدرك أن أمنه وأمانه وحياته تكمن في تحمله المسؤولية.

  كتب بتأريخ :  السبت 28-11-2020     عدد القراء :  1005       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced