أقطاب .. وذيول!
بقلم : علي رياح
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هل يتوجب على الصحافة، في كل حين وتحت أي ظرف، أن تنزل إلى مستوى إدراك الناس وأعمالهم ورغباتهم مهما تدنـّت لدى القليل أو الكثير منهم، كي تحظى بالرضا والقبول؟

الصحافة إن فعلت ذلك تحوّلت إلى أداة تزيد التدنّي تدنيا، فتجد نفسها في خاتمة المطاف وقد هبطت بشكلها ومضمونها إلى مستوى ذلك المغني ـ ولا أقول المطرب ـ الذي يردد الجمل الهابطة والكلمات الركيكة تواصلاً وانسجاماً مع ما يريده أصحاب (الأذواق) الرديئة ممن يشكلون فريقاً عريضاً للأسف الشديد ، لكن ذلك لا يعني بالقطع أنه الفريق الذي يمتلك الذائقة!

إنه فريق يتحكّم وفقاً لسياق الاعتياد ، بشباك التذاكر ، لكنه لم يكن في يوم من الأيام مؤشراً حقيقية على سلامة الأداء أو العرض!

الصحافة أداة للبناء حتى لو استباحها محدثو النعمة من أصحاب الأموال ، وشذاذ الآفاق ، ومتصيدو الأرزاق في أوقات الشدة والأزمة وأنصاف الأمّيين ، وهذا الدور يملي عليها ـ حسبما نرى ـ أن تكون لينة حينا وقاسية في أحيان أخرى ، حتى لو جرت كلماتها مجرى مشرط الجرّاح في قلوب الناس .. فالصحفي قد لا يجد غير التناول الصادم يهز به الأفكار والعقول والضمائر قبل أن تستشري الأمراض والأوبئة وقبل أن يصل الحال إلى نقطة اللارجوع واللاحل ..

لهذا ، قد يتهم البعض الصحافة الصريحة الموضوعية بالقسوة ، لكنها ليست كذلك عندنا ، فهي صحافة لا تجري وراء مصلحة ذاتية أو خاصة ، ولا تريد الانتقاص من فكر أو شخص أو مشروع من أجل إعلاء فكر أو شخص أو مشروع مقابل قد يتصور البعض أنها تتبناه ..

على العكس من ذلك نحن على قناعة راسخة بأن الصحفي يجب أن يسعى إلى كشف الحقيقة مهما كلفه ثمن ذلك ، لا أن يجلس على التل انتظاراً لما سيؤول إليه مجرى الأحداث .. إنها مهمة صعبة قد تجد الرفض لدى فئة المصالح الضيقة ، لكنها تجد القبول حتما لدى الناس حين يتأكدون أن إحساسهم الأولي بشعور الصدمة أنفع وأجدى من ترضيتهم بكلمات هابطة فيها الكثير من الزيف والمجاملة!

لهذا ، فان الصحفي قد يكتب ما لا يريده الناس للوهلة الأولى ، في مسعى منه لقول كلمته في أوانها ، لعل الأيام بعد ذلك تثبت سلامة نيته وصدق مفرداته .. وخير للصحفي أن يجد نفسه وقد غادر ميداناً أو موقعاً لأنه لا يستطيع أن يغير قناعاته ، فهو يخلص دوماً للمهنة ولا يتوجب عليه أن يرفع سيفه دوماً للدفاع عن أصحاب الأموال إذا كانت مواقفهم متذبذبة وركيكة ومتبدلة وساذجة ، لا لون لها ولا طعم ، وهنا يجدر بالصحفي أن يحمل قلمه ويرحل صوب محطة أخرى في رحلة مهنية ستنتهي حين يشاء الله!

الصحفي مطالب بأن يكون أداة للتغيير نحو الأحسن .. هو الذي يرسم للجميع بشائر المستقبل .. وهذه ليست مثالية مفرطة منا ، إنما هي الحقيقة حتى لو لم نتمثلها أحيانا في عملنا .. فمن واجب الصحفي أن يسهم في التغيير نحو الأفضل .. ذلك صعب حتماً ولكنه ممكن .. غير أن من المستحيل حتماً أن يتمكن الصحفي من جعل (الذيل) قطباً ولو بكل أقلام الدنيا .. وأموالها!

  كتب بتأريخ :  السبت 19-12-2020     عدد القراء :  888       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced