أمنياتُ روحٍ نبيلة
بقلم : لطفية الدليمي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

كثيرةٌ هي كتاباتي عن الفيسبوك والجواهر الضائعة فيه وسط ضجيج الصخب والرثاثة . تقلّبُ صفحات الفيسبوك ، ثم تلتمع أمامك جوهرة تبوح بخواص كاتبها ومواصفاته النفسية والعقلية . هذه هي المكافأة الحقيقية للسياحة الفيسبوكية إضافة إلى المتعة العابرة والإطلالات التي يحتاجها أكثرنا وبخاصة ممن لاتتاحُ لهم فرص التواصل الإجتماعي الحقيقي لأسباب شتى .

تقول أمثولة أميركية " القبورُ مليئة بعقول لايمكنُ الإتيانُ بأمثالها " . كل شخص ولِد ومات ( أو سيولد وسيموت ) على هذه الأرض هو فرد متمايز عن سواه . أفكّرُ دوماً في هذه الحقيقة المؤلمة : كلّما زادت سنوات عيش كلّ منّا وتعاظمت خبراته ومعارفه صار أقرب إلى حقيقة الفناء الجسدي ومغادرة عالم الأحياء ، ومع كل شخص مغادر تغيب حصيلة كاملة من الخبرات والمعارف المميزة (حتى لو كانت شديدة البساطة) ، ويتعاظم الشعور بالخسران مع مغادرة عدد كبير من العلماء والفلاسفة والخبراء المعروفين بطلائعيتهم الريادية في فضاءات معرفية محدّدة . كم أتوق ( ويشاركني هذا التوق كثيرون) إلى أن ينجح البشر في إبتكار وسيلة ثورية تمكّننا من الحصول على نسخة رقمية لذاكرة الأشخاص ذوي التجارب الملهمة تضم كل خبراتهم وتمثّل مقاربة معقولة لبلوغ نمط من الخلود الرقمي الذي تعدُنا به بحوث الأنسنة الإنتقالية وعالم مابعد الإنسانية .

واحدةٌ من الجواهر الفيسبوكية تلك التي قرأتها قبل أيام ، كتبها الصديق الفيسبوكي بمناسبة إكماله السنة السابعة والخمسين من عمره . الصديق أحمد المفتي عراقي تحصّل على الدكتوراه في الهندسة المدنية ويقيم الآن في كندا بعد أن أضطر لمغادرة العراق ، كشأن بعض أبنائنا الذين نجوا من غول الحرب والطائفية . عندما اطلعت على الصفحة الفيسبوكية للدكتور المفتي لإضافته صديقاً، قدّرتُ كثيراً نمط كتاباته الرفيعة التي تتناول موضوعات معرفية وحياتية مهمّة لاشأن لها بالمناكفات والانشغالات العابرة أو اللحظية. انطوت جوهرة المفتي التي عنيتها على مجموعة أمنيات مكتوبة بلغة أقرب ما تكون لخلاصات ثمينة محبوكة بطريقة خوارزمية فيها بساطة الخبرة العرفانية التي تنبئ عن مقولات أولية لايمكن اختزالها إلى عبارات أبسط، وقد ذكّرتني هذه العبارات بثلاث مقالات كتبتُها في صحيفة المدى قبل بضع سنوات بعنوان (خوارزميات الحياة ) .

يؤكّد الصديق أحمد المفتي في منشوره بدءاً : "كانت لي مساوئي وحسناتي .. علمتني الحياة كثيراً وعلمتني الكتب ما ليس بالقليل "، ثم يتابعُ تعداد أفكاره وأمنياته التي أنقل بعضها هنا :

- تعلمت أن أعيش مرتاح الضمير ؛ فكان ذلك أروع شيء تعلمته ؛ ولكني تمنيت لو تعلمت ذلك مبكراً

- تمنيتُ اليوم لو أني قلت كلمة رقيقة لكل أنثى قابلتها في حياتي

- تمنيت لو أني أظهرت محاسن كل إنسان قابلته أو عرفته

- تمنيت لو استطعت أن أحافظ على وزني ولياقتي

- تمنيت لو أني استطعت أن أخدم الناس أكثر

- تمنيت لو أني لم أقترف ذنباً بحق أحد أبداً

- تمنيت لو أني قلت الحق ولم تأخذني فيه لومة لائم

- تمنيت لو أني زرعت الحب بين الناس وزرعتُ حب العلم فيهم

- تمنيت لو عشت حراً مذ وُلِدْتُ

ثم يختتم السلسلة بأمنية أخيرة :

- أمنيتي اليوم أن أعيش لأكتب وأنفع الناس من بعدي

نعم . هناك عقول وأرواح يمثل غيابها خسارة حقيقية لنا إذا لم نطلع على علمها ومعارفها التي قد تغير حياتنا.

كم هي صادقة تلك الأمثولة الأميركية !

  كتب بتأريخ :  السبت 19-12-2020     عدد القراء :  1212       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced