ماذا حققت الانتفاضة؟
بقلم : محمد حميد رشيد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ما ترتاح لأن سديت أذانك من ضميرك صاح

وهي مزنة وثكيلة وعاصف وحالوب

يردلهن سكف مصبوب موش الواح

عريان السيد خلف

كجزء من الحملة للقضاء على الإنتفاضة التشرينية وتحيد تأثيرها قبل إجراء الإنتخابات القادمة ولتهيئة الأجواء لقمعها أو إنهائها والتأثير النفسي السلبي على ثوار الإنتفاضة بدأت بالإنتشار مقولة ظاهرها في بعض الأحيان التعاطف مع الثوار ((وماذا قدمت الإنتفاضة للشعب العراقي غير مزيداً من البؤس ومزيداً من الشهداء والجرحى والمعوقين والمخطوفين والمغيبين والسجناء والمطاردين ومزيداً من الأمهات الثكالى والإيتام والأرامل وبقت الوجوه الكالحة الفاسدة كما هي وزاد الفساد وتنوع مثل ما كان قبل الإنتفاضة وزداد القتلة المجرمون في غيهم وجبروتهم؟!)

وهكذا تبدو أن الإنتفاضة فشلت ولم تحقق سوى فتات لا يتناسب مع حجم الخسائر التي تكبدها العراقيون وقد ترسم هذه الأفكار ظلالها على بعض الثوار فيصابوا بالإحباط واليأس وتضعف شكيمتهم ويلين عضدهم وهي كذلك تؤثر على قسم من الشعب العراقي المساند للإنتفاضة فينفضوا عن الثوار وهم سند الثورة ومادتها! .

واجه المنتفضون تهم وإفتراءات كاذبة مختلفة وتعرضوا إلى حملة قوية من التشكيك والشبهات والطعون في وطنيتهم ونزاهتم وأستهدفت وحدتهم وسعوا إلى شق صفهم وكان جزء من ذلك ما تقدم من سؤال تشكيكي ماذا حققت الإنتفاضة ؟ وبرزت إجابتين في الإعلام متناقضتين وكلاهما خاطئ

الأدعاء الأول: هو أن الإنتقاضة حققت كامل أهدافها وأقالت حكومة (عادل عبد المهدي) وهي من جاءت بحكومة (الكاظمي) وغيّرت قانون الإنتخابات وحققت الإنتخابات المبكرة والأمر الآن متروكٌ إلى الإنتخابات (النزيهة) التي ستقوم برعاية ورقابة دولية . لذا فأن الإنتفاضة نجحت وحققت كامل أهدافها وعليها أن (تنفض) ولا حاجة للإعتصامات والتظاهرات في إنتظار انتخابات القادمة وهي مَن تحدد العراق الجديد. وهذه الدعوى باطلة لإنها تنهي الإنتفاضة بطريقة ناعمة ورشيقة بل هي تمهد الأجواء وتعطي المبررات لقمعها والتخلص منها!.

لأن الإنتفاضة (وعي) جماهيري عام بأن الشعب خضع طيلة سبعة عشر عاماً إلى عملية خداع كبرى تغلفت بغلافات شتى أهمها غلاف (قدسية الدين) وأن العملية السياسية الحالية جاءت بالأحزاب الإسلامية و(أنصار الطوائف) بل هي عدلت الإنحراف والخلل التاريخي بل هي أمتداد لولاية الفقيه نائب الإمام المنتظر! لذا لا بديل للطائفة عنها ولا يجوز الخروج عنها ولابد من موالاتها والإنصياع لحكم الشرع والدين! لكن الإنتفاضة كسرت هذا الحاجز الولائي المقدس المتشبث بالسلطة والنفوذ والثروات وكشفت كذبه وفساده . هذا الوعي يجب أن لا يتوقف وأن يتطور ويمتد إلى كل نواحي التجهيل السياسي والإقتصادي (بل وحتى الديني) التي خضع لها الشعب العراقي . لا يمكن للوعي أن يتوقف في مرحلة ما فهو الضمان لعدم حدوث خدع وظلالات جديدة وأن الإنقلاب على الفساد (وعي) وأن النجاح والتحضر والتقدم يحتاج إلى (وعي)؛ وإن الثورة على الفشل والعمالة والفساد تحتاج إلى (وعي ثوري) متجدّد ومتواصل لا يتوقف عند مرحلة أو يكتفي بإنجاز محدود. وفي لحظة توقف(الرقابة الوعية) نعود إلى التجهيل والتحمير برعاية الفساد والتخلف.

أما الأدعاء الثاني بأن الإنتفاضة لم تحقق شيء وقدمت مئات الضحايا بلا مبرر وأخرت تقدم الدولة وساهمت في الإنهيار الإقتصادي للدولة ودفعتها إلى إتخاذ قرارات خاطئة ومكنت أميركا والدول الإستعمارية وأعداء العراق من الدول المجاورة ومن البعثين وأولاد السفارات والجوكرية ... من النيل من العراق ودولته وأستهدفت إسقاط العملية السياسية الناجحة في العراق ؛ لذا فهي لم تحقق شيئاً بل هي عبئاً ومرض وخلايا سرطانية يجب التخلص منها وقمعها بكل وسيلة!

وبغض النظر عن تفاهة هذه الأدعاءات وكذبها والتي قد لا تنطلي على أغلب الناس الذين وعوا إجرام الطبقة السياسية وفسادها وتخلفها وانكشفت ألاعيبها وتعرى خطبائها وخطابها نجيب على السؤال هل حققت الإنتفاضة شيء؟

لابد بدءاً من القول إن ليس من مهام المنتفضين السلميين لوحدهم إسقاط حكومة الفشل والفساد الطائفي والمجيء بحكومة وطنية نزيهة وأمينة وإصلاح العملية السياسية الطائفية والمحاصصية وإبداها بعملية سياسية وطنية والقيام بإنتخابات نزيهة وإعتقال الفاسدين ومحاكمتهم والمنتفضون السلميون من شباب هذه الأمة البسطاء لا قبل لهم بكل هذا رغم أنهم كانوا في مقدمة المضحين وكان لهم كلمة السبق في الإصلاح لكن ذلك من مهام الشعب العراقي مجتمعاً وقواه الوطنية وتياراته الشعبية الواعية وكبار المسؤولين المدنين والعسكريين الشرفاء في الدولة وقادة الأمة ومفكريها ومثقفيها وخواصها وعامتها وعلماء الدين مجتمعين والمراجع الكبار؛كل أولئك مسؤولون عن ماحل بالأمة من دمار وأذى وفساد ومن العيب عليهم أن يسكتواعلى هذا المنكر ويسمحوا باستمراره وإلا كانوا مساهمين فيه وداعمين له.

ولعل من أهم ما حققته الانتفاضة :ــ

1. (عودة الوعي) لشباب الأمة وتكسير الكثير من (الأصنام المقدسة) التي كانت تعبد من دون الله ومسحت الكثير من الخطوط الحمر وخلعت الكثير من (تيجان الرأس). التي ما كان أحد يجروء على مسها او الاقتراب منها !

2. من المؤكد أنها غيّرت الكثير في الواقع السياسي العراقي ولازالت تسعى للتغيير وستنجح إذا ما آزرها الشعب العراقي و وقف معها.

3. إستعادة الإنتفاضة الوحدة الوطنية المجتمعية ونشطت (الخطاب الوطني) وكرهت الخطاب الطائفي وخلقت وعي جماهيري (شعبي) وطني رافضاً للطائفية والتعصب القومي بكل أشكلهما ويدعو إلى (الوحدة الوطنية) ؛ بعد أن ساد الفكر الحزبي الضيق وتعمقت جذور الطائفية السياسيةفي المجتمع.

4. دعت الإنتفاضة إلى (أعادة تشكيل العملية السياسية) على أسس عادلة مدنية ووطنية جديدة بعد أن كانت مبنية على الأحزاب السياسية الفاسدة أستطاعت الانتفاضة إسقاط هذه الاعمدة بنظر الناس وأصبح وجود تلك الأحزاب مرهوناً بالقوة والعنف والمليشيات التي أرهبت الناس والتي سقطت هيبتها هي الأخرى.

5. أسقطت القانون الانتخابي القديم الذي كان يمهد لتولي الأحزاب الكبيرة السلطة ويضمن بقاء حيتان الفساد وفرضت تعديله إلى قانون يمهد الأرضية لإصلاح عملية الانتخابات إلى حد كبير وأعطت فرصة جديدة لغالبية الشعب الممتنع(80‎%‎) للتغيير نحو الأحسن•

6. أعطت الانتفاضة مكان أفضل (أقوى) لصوت الشعب حينما وحدت الناس على صعيد المطاليب الموحدة التي جمعت الامة وأسقطت (نظرية الفقاعة). وأصبح (وعي الأمة) خطراً يتهدد الأحزاب الفاسدة وحيتانها .

7. عرّت العملية السياسية الفاسدة المقامة على محاصصة الفساد والجريمة وهي (تسعى) لإبطالها ونبذها إلى بديل عادل وشفاف وأكثر نزاهة وحرفية.

8. أسقطت التيار الإسلامي المشوه وكل أحزابه الفاسدة والمتخلفة والذي أساء إلى الدين وإلى الإسلام وإلى السياسة.

9. أوجدت للأمة (أملاً) في التغيير والخلاص من تسلط مليشيات وأحزاب الإرهاب والجريمة عبر وحدة الشعب العراقي بعد أن كاد اليأس يسحق كل آمالها في التغيير.

10. أوجدت ثقافة وطنية جديدة وأحيت الكثير من المصطلحات الوطنية وأعدتها لموقع التأثير الاجتماعي والسياسي وسفهت وجرمت كثير من المصطلحات العنصرية والطائفية والرجعية المتخلفة.

11. نادت الانتفاضة بالعودة إلى (الدولة المدنية العادلة) بدلاً من الدولة (المقدسة الفاسدة).

12. لابد أن تكون للأنتفاضة دورها المهم في صناعة العملية السياسية القادمة .

وأخيراً تبقى الانتفاضة شعلة للخلاص وأملاً للانعتاق والتغيير والمدنية وطريقاً مهماً لتحقيق العدالة والرفاهية للشعب العراقي لن تنجح مالم يقف الشعب العراقي بغالبيته الممتنعة معها لينصر ذاته على أعدائه ويستأصل الفاسدين المتخلفين الطغات.و و ليعلم الجميع إذا ما فشلت الإنتفاضة في تحقيق أهدافها وإذا ما تمكن القتلة المجرمون من وأدها والإنتصار عليها (لن تتوقف محاولات قمعها والنيل منها وتشويهها وإختراقها) فأن الجالسون على التل والمنتقدون من بعيد يتحملون وزر ذلك بنفس القدر الذي يتحمله القتلة بل هم شركاؤهم بالجريمة!.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-12-2020     عدد القراء :  1056       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced