"الجماعة " كان اسم المسلسل الذي اختتم به الكاتب وحيد حامد حياته، لكنه بالمقابل فتح باب التساؤلات حول مستقبل جماعات الإسلام السياسي، ربما تكون الحكاية التي أعاد تقديمها وحيد حامد، دونتها جماعة " الاخوان المسلمين " التي تتخذ من الإسلام ستاراً لتنفيذ مشاريعها، والتي كان الهدف منها العيش في ظل مستقبل قاتم تتحلل فيه كل قيم الدولة المدنية.
بعد ربع قرن على ظهور "طيور الظلام" حيث تنبأ بحال هذه الجماعة وكيف أنها ستسعى إلى ابتلاع المجتمعات العربية من خلال نشر الفكر المتطرف، وكان ناجحاً في الفصل بين الدين كقوة اجتماعية خلاقة ، وبين جماعات التطرف الديني باعتبارها قوة هادمة للأوطان.. من ينسى الجملة التي وضعها وحيد حامد على لسان محامي الأخوان في طيور الظلام: "القانون زي ما بيخدم الحق بيخدم الباطل.. واحنا الباطل بتاعنا لازم يكون قانوني"؟.
عاش وحيد حامد يكتب عن الباطل الذي يريد أصحابه أن يجعلوه قانوناً حتى لو اقتضى الأمر بقوة السلاح والترهيب، وحين وجد نفسه أمام خيارين الأول أن يصمت في وجه جماعة الأخوان المسلمين وتطرفها، والثاني أن يتوجه إلى المشاهد ليضمه إلى الرافضين لهذه الجماعات التي لا تؤمن بالوطن، فكان أن أعاد حكاية "الجماعة" التي وقفت بوجه بناء دولة مدنية شعارها المواطنة، وأصر السيناريست الكبير أن يقف مع المواطن البسيط، وكانت أعماله تشكل صداعًا دائمًا للأخوان المسلمين الذين عجزوا عن مواجهته في حياته، فقرروا الانتقام منه وهو ميت، من خلال حملة شتائم تتشفى في الموت ، ولم تضع حرمة له .
هجوم الأخوان المسلمين على وحيد حامد بعد رحيله واعتباره كافرا لانه وقف بوجه مشاريعهم التخريبية ، أثبت أن المثقف يمكن أن يشكل صداعًا للتنظيمات المتطرفة، وأن يكون صوتًا لمن لا صوت لهم، وان يقف بصلابة في وجه جماعات تستغل الدين الإسلامي لمصالحها الشخصية .
وحيد حامد مثال مشرق لكاتب حر ناضل ضد الظلم والخرافة ودولة الفتاوى، ونبه بكل صدق من أن شريعة الإخوان لا تصلح إلا للقرون الوسطي وأنها منتهية الصلاحية فيها سم قاتل ، وان هذه الجماعة لاتزال تصر على احقيتها في إعادة الزمن الى الوراء ، وإشاعة مبدأ التشدد وتكفير الآخر وتخوينه ، بخطابات وشعارات واكاذيب يحصدون من ورائها المكاسب والمغانم والمناصب .
أقرأ بتعجب شتائم "الاخوان المسلمين " الى الراحل وحيد حامد، وأنظر إلى وجوه اصحابها فأجدها باهتة تفتقد الايمان الحقيقي بالوطن والمواطن ، وجوه تشعرنا بالحسرة كل يوم على وجودها بيننا، لكن من حسن حظ الناس أن حبل الخداع والانتهازية و"الاخوان " قصير.