لاتحظى حضارات وادي الرافدين للأسف بنفس القدر من التقدير عالميا كالحضارة المصرية واليونانية، علما أن ماقدمته هذه الحضارات للبشرية من اختراعات كالكتابة والأعداد والرياضيات والدولاب والمنشار والرمح والتقويم والحرث والزراعة والري والنقود والبيرة وغيرها تضاهي كثيرا ماقدمته الحضارات القديمة الأخرى. ولكن عددا من علماء الآثار والحوسبة أولى اهتماما كبيرا بنشأة الرياضيات والحوسبة على يد السومريين والبابلين حيث ولدت الأرقام والحوسبة اليدوية على أيدي العراقيين القدماء الذين أنشأوا اولى الحضارات البشرية في حضارات وادي الرافدين. كان سكان الحضارة الأولى المعروفة في سومر (حوالي 5000 سنة قبل الميلاد) أول من احتفظ بسجلات المعاملات التجارية على الواح الطين المفخور. وفي الواقع قد يكون المحاسب السومري الذي عاش في الجزء الأسفل من بلاد وادي ما بين النهرين حوالي 3200 قبل الميلاد أول إنسان يقوم بتسجيل الأرقام كوسيلة للتخزين، حيث استخدم النظام الرقمي الستيني الذي يستند إلى القواعد 6 و 10. لقد جلب اكتشاف الحساب الفوائد الملموسة للحضارة السومرية بما في ذلك القدرة على تحديد منتجات اقتصادهم عدديا، وساهم في نمو تجارة بلاد ما بين النهرين، وأستفادت الحضارات الأخرى من ذلك لاحقا.
النظم الرقمية
بدأت المفاهيم الأساسية للأرقام في الظهور عندما أرسخت أول حضارة في العالم وهي الحضارة السومرية جذورها في بلاد ما بين النهرين منذ اكثر من 5000 سنة. واستخدم النظام الرقمي هذا خاصية الموضعية لأول مرة (اي أن قيمة الرمز المستعمل تعتمد على موضعه في الرقم). وكان للسومريين تشكيلة معقدة من النظم العددية وكان لكل مدينة طريقتها المحلية الخاصة في كتابة الارقام . في مدينة اوروك، حوالي 3100 قبل الميلاد ، كان هناك أكثر من عشرة أنظمة رقمية مختلفة ، فعلى سبيل المثال استُخدم نظام ارقام لحساب أشياء مختلفة مثل الحيوانات ، والأدوات، والحاويات. وكان هناك نظام مختلف لحساب الجبن و منتجات الحبوب . وتم استخدام نظام آخر لحساب كميات الحبوب و آخر لمكونات البيرة وآخر للأوزان وآخرلمناطق اليابسة وللوحدات الزمنية ووحدات التقويم، و تغيرت هذه الأنظمة على مر السنين. وتغيرت الأرقام لحساب كميات الحبوب كلما تغير حجم السلال. كان الناس يتعاملون بكميات من الحبوب كل يوم واستخدموا مهاراتهم الحسابية لحساب غيرها من الأمور التي كانت غير ذات صلة بقياسات الحجم. اخترع السومريون الحساب وبضمنه الضرب والقسمة وكانت جداول الضرب تكتب على الألواح الطينية بالقلم المدور .
وقد تطورت هذه الرموز في نظم معقدة من الأرقام حوالي 3000 قبل الميلاد، لتكون قادرة على تسجيل كميات كبيرة جدا من البضائع. ويستخدم الكاتب مجموعات مختلفة من الرموز لتسجيل كميات الأغنام أو الحبوب. ومن المعروف أن أكثر من دزينة من مختلف هذه الأنظمة كانت موجودة. ولم يكن هناك أي قاعدة موحدة ، تماما كما في الوقت الحاضر حيث لا يوجد لدينا أي قاعدة موحدة لجميع الوحدات المختلفة من الأوزان والمقاييس خارج النظام المتري .