دارت في حقبات ماضية متفرقة مآسي لشعوب، تسبب بها حكّام جهلة و ظالمون بسبب اكاذيبهم التي وجّهوا بها شعوبهم و قادوها الى حروب مدمّرة و مآسي متنوعة، في محاولة لفرض اراداتهم على شعوبهم بدعوى مواجهة خصوم . .
و ترى اوساط شعبية تزداد اتساعاً، انه فيما ورث حكّام اليوم الفعليون، تركة ماضي حروب و ارهاب و دمار قامت بها الدكتاتورية المنهارة، و تسببت بالتشتت و الرعب و ضياع الأمل بقوى التغيير حينها بسبب الشعارات الديماغوجية الكاذبة بالإرهاب و التعذيب و الملاحقات التي شملت حتى اقارب الدرجة الرابعة للملاحقين الذي قامت به الدكتاتورية، و ادّت الى توجّه الناس في خلق الأمل بالتغيير و مواصلة الحياة في البحث عن مخلّص في الدين و الطائفة . .
الأمر الذي ادىّ بغالبية حكام اليوم الى توظيف ذلك الأمل منذ ثمانية عشر عاماً، ليس بالسير الى جعل ذلك الأمل واقعاً، و انما توظيفه توظيفاً يحقق اطماعهم الشخصية بجعل ايقونة الأمل خرافة ساروا عليها لتبرير جهلهم و عدم آهليتهم . . حتى وصلت بوزير الى ان يوصف افتتاح مطار متواضع في الناصرية بكونه وريثاً لمطارات السومريين لانهم طاروا في وقتهم، و لكون ( السومريين هم اول من طاروا في الجو !)، و جعل من حاله و حال كتلته مسخرة اوصلت كتلته الى سحبه و اعلانها عن كونه يعاني من مرض نفسي ؟؟
و يفسّر قسم هذا الكذب بكونه محاولة بائسة للحصول على شعبية لكتل و احزاب لاشعبية لها او فقدت شعبيتها او لتلك التي تسعى لتمرير حكّام قاصري الكفاءة و المعرفة لكونهم من اتباعها، او لأخرى تغازل وعي شعبي متدني لمرحلة ما، من غير تصوّر ما سيحصل ان تصاعد الوعي الشعبي و كَشف الكذب، الوعي المتصاعد بفعل تزايد صعوبات الحياة للاوساط الواسعة وسط تزايد غنى و تسلّط الافراد التابعين لدوائر الحاكمين، غنى لاينم عن قابلية او كفاءة او مكافأة على تضحية في سبيل الشعب . . او كما تصاعد الوعي الشعبي الواسع بسبب انتفاضة تشرين الباسلة على سبيل المثال .
و فيما يدين و يسخر قسم من الحاكمين من مقولة وزير دعاية هتلر الذي قال : " اكذب اكذب اكذب حتى يصدّقك الناس " ، يسير قسم هام من سياسيين اسلامويين متنفذين عليها، غير مبالين بآيات القرآن الذي اقسموا عليه، الآيات التي تحرّم الكذب، بل طوّروا الكذب في الاقوال، الى كذب في الاقوال و في الافعال و الإجراءات، حيث بقى عديد من مسؤولين كبار في مواقعهم رغم ادانتهم و معاقبتهم بتنحيتهم من مسؤولياتهم وفق الاصول القانونية، و كما حدث و يحدث في وزارة الصحة التي كشفت مأساة مستشفى " ابن الخطيب " جانباً مما يحصل فيها.
و فيما يشير متخصصون اجتماعيون الى الفرق الهائل بين اللباقة في عرض الامور واقعاً و برنامجاً للحلول، و كيفية تبيان الحقائق . . و الكذب المتكرر الذي لايعني الاصرار عليه رغم انكشافه، لايعني الاّ ضعف الضمير و ضعف المسؤولية تجاه الشعب، و انعدام الآهلية للحكم . . و لايعني الاّ الغباء المفرط .
لأنه ليس كذباً على فرد، بل كذباً على شعب بكل طاقاته و علومه و ثقافاته و ان كانت اوساطه الواسعة تعاني الآن الذل و الفقر و الجوع و البطالة، بل و زادت الانترنت و مواقع التواصل الاجتماعي من سرعة و سهولة كشف الكذب . . الانترنت التي وصفها المالكي رئيس الوزراء السابق بتحديّ و (بشجاعة) بكونها ليست الاّ مكب نفايات و انه لايهتم بما يُنشر و ما ينتشر عبرها.
فأنهم يشيرون الى مأساة و مهازل كبرى عندما يصدّق الحكام بانفسهم اكاذيبهم هم، كما حدث مع الدكتاتور الإسباني فرانكو الذي صار يحيي الجماهير المحتفلة بقرب وفاته للخلاص منه، متصوراً انها تحيي انتصارات الأمة على يديه، و كما حصل مع الدكتاتور صدام و وزير دعايته حينها الصحاف الذي كان يذيع على الهواء بكل غباء كيف تنتصر قواته على قوات الاحتلال و (علوجها) و دبابات الاحتلال تتقدم و تظهر على الكاميرات و هي خلفه مباشرة.
و يشيرون الى الغباء الكبير للحكام الذين يعتمدون الكذب طريقاً للحكم، لأنهم لا يعون ماذا سيحدث لحكمهم و لهم عندما ينكشف مدى الدمار الذي حصل و يحصل بسبب الكذب و خاصة كذب كبار الحكام الذي ان تسبب باندلاع انتفاضة تشرين البطولية، فإنه سيتسبب بانفجار هائل للشعب بمكوناته منتفضاً بما لايُبقي و لايُذرّ . .