[email protected]
من جانب آخر تلاعبت الكتل (الشيعية) الحاكمة على الدستور بسلوكها الاستبدادي، تلاعبت بالتداول السلمي للسلطة، موظفة لذلك انواع مختلفة من الجماعات و الميليشيات الارهابية بدعوى حماية الطائفة و محاربة الإرهاب . . بدفع و تخطيط من دوائر ايرانية، كما صرّح اكثر من برلماني و سياسي على الفضائيات، و الاهم ما عرفته و تعرفه اوساط جماهيرية واسعة في محلات السكن و من ضحايا عنف تلك الجماعات، و خاصة جماعات المقرات و الفصائل الولائية، ضد التشرينيين . .
الجماعات و الفصائل التي استغلت اسم " حشد السواتر " ذي التضحيات الكبيرة في مواجهة و تحطيم دولة داعش الاجرامية، و جعلته غطاءً لتكريس الطائفية التحاصصية و لأعمالها العنيفة ضد الإحتجاجات الشعبية السلمية المطالبة بالتغيير، في محاولة لمنع اي تغيير لصالح الشعب بمكوناته و لتكون قوات خاصة للكتل الحاكمة و مَصَداً لمحاولة منع التداول السلمي للسلطة بالانتخابات و تنفيذ شعار (ماننطيها) . .
و رغم ادخال الشعب باسره و بمكوناته كلها في نظام متنوع للارهاب على سكّة التعذيب و الاغتيالات و التفرقة الطائفية و العرقية لم يمرّ به في السابق، رغم ماذاقه من انواع الالام و العذاب في زمان الدكتاتورية . . اعادت انتفاضة تشرين البطولية بشاباتها و شبابها الابطال من كل الاطياف و تضحياتهم الجسيمة، اعادت للشعب تلاحمه و وحدة شعوره الوطني اساس وحدة العراق، و كانت الرافعة الكبيرة لحقيقة تصاعد وعيه، الذي تصاعد بسبب تفاقم صعوبات العيش في البلاد و بحثه الدؤوب طيلة ثمانية عشر عاماً عن اسباب ذلك، فكشف من هم الفاسدين و المتلاعبين بمصير الشعب و الدولة . .
و كشفت الانتفاضة مايدور، برفعها شعارات " بإسم الدين و الطائفة باكونا الحرامية " و أن قادة الكتل (الشيعية) الحاكمة لم يهتموا الاّ بجمع الاموال باسم (المظلومية)، و باقامة مشاريع مالية مصرفية و فرض ضرائب و اتاوات ريعها لهم خارج اطار الدولة ، و بطرق تشابه طرق داعش الإجرامية . . و اهملوا ابناء و شباب طائفتهم و كل الطوائف و المكوّنات و حاولوا الايقاع بينهم بانواع المذابح و الادوات، بطرق تشبه طرق صدام في تشتيت الشعب، حتى صار الشعب و شبابه يئنوّن من الفقر و البطالة و المرض و صعوبة الحصول حتى على الماء الصافي و الحرمان من الكهرباء.
و ترى اوساط مجرّبة و برلمانيون و وجوه اجتماعية، ان فشل المحاصصة و حكم المكونات السائب في الاستجابة حتى للحاجات الانسانية الاساسية للحياة طيلة ثمانية عشر عاماً، اثبت بكونه نظام حكم لايستطيع الاستمرار . . لذا فإنه يستمر في الضغط على الاوساط الفقيرة التي تتفجر و تتنوع تظاهراتها ليواجهها بالرصاص الحيّ ، اضافة الى استمرار الضغط و اهمال المحافظات المحررة حديثاً (السنيّة) . .
قد يجر البلاد الى حرب طائفية اهلية تزيد احتراقها و تشعل عموم المنطقة، و تؤدي الى تدخلات اقليمية متنوعة تقسّم البلاد فعلياً . . بدلا من نشوء دولة فدرالية او كونفدرالية تحقق عدالة و تقدم و عيشة انسانية، تحافظ على وحدة البلاد بالاستجابة الى مطالب ثوّارها السلميين في وطن وفق الدستور. و تطالب اوساط تتسع بتدخل التحالف الدولي و الولايات المتحدة التي اسقطت صدام على اساس قيام بديل دمقراطي تعددي يضمن التغيير و التبادل السلمي للسلطة و وفق المعاهدات كمعاهدة الاطار الستراتيجي و الاتفاقات التي ابرمت بضمانة مجلس الامن الدولي مع الكتل (الشيعية) الحاكمة، التي عبّرت عن امتنانها للاميركان بتسليم الحاكم الاميركي السابق سيف الامام علي، كعربون للثقة !! و للتأكيد على السير في ذلك الطريق . .
و تأتي تلك المطالبات على اساس القوانين الدولية و قرارات مجلس الامن و اتفاق الاطراف ذات العلاقة، و حفاظاً على مصداقية قرارات مجلس الامن و التحالف الدولي و الولايات المتحدة، و الاّ فإن اسقاط الدكتاتورية لصالح الشعب العراقي كان خداعاً، لأنه لم يأت بما وعد به و انما ادىّ الى تسليم البلاد بغباء و على طبق من ذهب الى نظام ولاية الفقيه الايراني بلا مبالاة بالخسائر الهائلة للشعب العراقي و لا حتى بالخسائر الاميركية بالارواح و المعدّات، وفق كبريات الصحف الاميركية، و الى تحول البلاد الى ساحة حرب و تمزّق و عصابات مسلحة عابثة متنوعة و بلا حدود، في حين دولة ذلك النظام تنعم بالامن و السلام.
و ترى تلك الاوساط ان مايزيد تلك المخاوف، هو اقتراب موعد الانتخابات المبكرة القادمة التي قيل انها للتغيير، الاّ ان ظروف اجرائها لم تحقق الى الآن الشروط الاساسية لذلك، اثر تصاعد اغتيالات الناشطين التشرينيين و تزايد الاعمال الاجرامية و التهديدات للسلاح المنفلت و لأموال الفساد الهائلة التي تصب الزيت على نار انفلات الامن و تزايد الخوف.
و يطالبون باية اجراءات عاجلة دستورية او قانونية معمول بها دولياً لـ : تقديم قتلة المتظاهرين السلميين الى العدالة علناً، الغاء المحاصصة و اعتماد المواطنة و الهوية الوطنية المتساوية، سحب و منع السلاح المنفلت عن رقابة القانون (شراءً او بالقوة او باي طريقة اخرى و الاستفادة من تجارب البلدان التي مرّت بظروف مشابهة : المانيا، روسيا، يوغسلافيا، جنوب افريقيا . .)، نزع سلاح الميليشيات باسمائها المتنوعة التي لاتزال تستلم الاموال من الخزانة الاميركية باعتبارها (تقاتل ضد داعش و الارهاب) و قطع الأموال عنها . .
تطبيق قانون الاحزاب و وفق الدستور، بعدم السماح للاحزاب ذات الاجنحة المسلحة بالترشيح او المشاركة بالانتخابات، محاربة بعد بدء متواضع كبار الفاسدين و اعلان عقوباتهم بالاسماء وعلناً، رفع يد الدوائر الايرانية و دول الجوار عن التدخل بالانتخابات، و عن اية نشاطات مسلحة داخل البلاد و بخلافه يعرّضها الى عقوبات دولية . .
و تعبّر اوساط ليست قليلة عن قلقها و خوفها من انفجار الاوضاع نحو فوضى هائلة مع البدء باجراء الانتخابات بمحيطها القاصر آنف الذكر، خاصة مع رعب الكتل الحاكمة من خسارة كل شئ فيها، و مع وصول السخط و معاناة اوسع الاوساط العراقية و خاصة الاكثر فقراً منها مداه الاعلى، حتى لم تعد تستطيع العيش، في وقت تصاعد فيه الوعي الشعبي للشعب بمكوناته و تضامن مكوّناته معاً ، لأنها لم تعد تحتمل استمرار نظام الحكم القائم !! (انتهى)