تنتظر البلاد الانتخابات القادمة، بقلق و عدم وضوح امام استمرار و تصاعد المخاطر الامنية و الاغتيالات و الاختطافات و تزايد الانسحابات و عدم الثقة بالانتخابات لإحداث التغيير و انتشال البلاد من ازماتها المدمرة، و امام متغيرات سريعة ذات صلة دولياً و اقليمياً.
و تطرح شخصيات برلمانية و حكومية متزايدة عدم ثقتها بدور البرلمان و اخرى عدم ثقتها بالحكومة لإحداث التغيير، في وقت سارعت فيه كتل حاكمة لإعلان تمسكها باجراء الانتخابات في موعدها بعد سكوتها المريب، و تكاد تجمع اوسع الاوساط على ان السلاح المنفلت و الميليشيات و المال السياسي الفلكي المنهوب يشكّلان اكبر العقبات للقيام بانتخابات ناجحة تفتح ابواب التغيير و الاستقرار و تحقيق الحقوق المشروعة للشعب العراقي بمكوناته و تحقيق الأمن.
و فيما تدور نقاشات متنوعة عن دور دكتاتورية صدام في تحطيم الوجوه و البدائل الوطنية لكونها يمكن ان تهدد حكمه، حتى خلت الساحات من غالبية الوجوه قتلا و اغتيالاً و تغييباً و هروب كثير منها ليقعوا في فخ هيمنة دول الجوار . . حتى وصل قسم من اصحاب النقاشات الى ان هذا هو الموجود و لا يوجد غيره رغم مرور ثمانية عشر عاماً من حكم كتل انفضح فسادها و زيف ادّعاءاتها رغم جهود بعض الخيّرين للغيير فيها . .
ناسين و متناسين ظهور مئات الوجوه الشابة المتنوعة الجديدة بانواع كفاءاتها، التي قادت و برزت في انتفاضة تشرين 2020 الباسلة و نادت بالتغيير الاساسي للعملية السياسية، رغم استشهاد العشرات منها في ساحات الإحتجاجات السلمية . . برزت في امكاناتها لتغيير بنية العملية السياسية و تخليصها من المحاصصة الكريهة التي عطّلت الدستور و افرغته من محتواه و من روحه . .
من جهة اخرى، لابدّ من التذكير ان من تم اختيارهم ليمثلوا مكونات الشعب العراقي منذ ثمانية عشر عاماً بانتخابات ساد فيها التزوير و الخداع، التذكير بانهم ان كانوا مثّلوا الشعب حينها و هو في حالة ضياع و توهان، و بإرادات خارجية، فإنهم لا و لن يستطيعوا تمثيله الآن بعد ان سرقوه و انفضحوا و حطّموا حياته بحياة بلا كهرباء و لا ماء و لاعمل و لا و لا . .
بل و ظهرت في تشرين ممثلية شرعية حقيقية صنعتها الملايين السلمية التي انبثقت من صفوف الشعب بمكوناته و طبقاته و فئاته الاجتماعية رجالاً و نساءً و من معاناة الشعب و اثبتت شرعيتها الوطنية و امكاناتها باسقاط حكومة قائمة، و استطاعت فرض ارادتها عملياً في تغيير قانون الانتخابات و مفوضية الانتخابات (رغم تشويه المطالبات في ذلك)، و بتقديمها مئات الشهداء و عشرات آلاف الجرحى و المعوقين على مذبح حرية الشعب، اضافة الى مئات المختفين و الهاربين لاحقاً بسبب الإرهاب . .
و اثبتت عملياً بأن الشعب هو مصدر السلطات . . . ممثلية شرعية تجسدت في حراكات شباب العراق و مكونات انتفاضة تشرين التي ايقظت الوعي العراقي و روحه الوطنية التي كانت ضائعة ، بشعارات جامعة " نريد وطن " و " باسم الدين باكونا الحرامية "، و نالت تأييد المرجعية العليا للسيد علي السيستاني.
و فيما يحصر البعض تغيير حال حكم البلاد بكونه لن يحصل بدون خوض الانتخابات مهما سيطر عليها السلاح المنفلت و المال الحرام و الاّ فان البلاد ستدخل في فوضى و كأنها ليست في فوضى الآن، و البعض الآخر تائه بسبب عدم وجود طريقة دستورية للتغيير كما يعبّرون . .
يرى مراقبون خبيرون و مجرّبون مستقلون بأنه بالامكان دستورياً اعلان قيام "مرحلة انتقالية " تُحدد فترتها و تستمر فيها حكومة الكاظمي في اعمالها و لضبط تنفيذ المطلوب منها كسلطة تنفيذية للتغيير، و تشكيل هيئة عليا تكون هي صاحبة السلطة العليا الانتقالية و للقوات المسلحة النظامية في المرحلة، يقودها السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني لرجاحة تجاربه الوطنية بتقدير اوساط سياسية و اجتماعية واسعة، يساعده بالتساوي فريق يختاره هو و فريق يمثّل الوجوه المنتخبة من حراكات انتفاضة تشرين، لإجراء التغيير وفق فتاوى السيد السيستاني بنصرة الفقير و ضرب الفساد بيد من حديد، و وفق روح الدستور بالتبادل السلمي للسلطة و بعدم مشاركة الاحزاب ذات الاجنحة المسلحة في الحكم، و محاسبة كبار الفاسدين و تقديمهم للعدالة، و يستند الى " قوانين المرحلة الإنتقالية" الدستورية في 2005 ، الحيّة.
في وقت يشهد تزايد تلاحم سلطات و شعب كردستان بعموم العراق، و في وقت تُطرح فيه مشاريع متنوعة منها تشكيل حكومة عسكرية، و منها تشكيل جبهة حكم عراقية من : التيار الصدري ،الحزب الديمقراطي الكردستاني، الكتلة (السنيّه) التي تفوز، و غيرها.