و ما يثير السخرية و الألم، انه فيما تطمح اوساط شعبية غير قليلة باستمرار تأجيل الانتخابات للحصول على الخدمات الاساسية من كهرباء و ماء و تبليط شوارع . . و الحصول على تعيينات و على مجالات عمل، يجريها و يعد بها مرشحون من الكتل الحاكمة او مسيّرون منها . .
يحذّر مراقبون و خبراء مستقلون من زيادة توجه الاحزاب ذات القوى المسلحة الى ترشيح افرادها و الى العمل بكل الطرق ! لإعلان فوزهم فيها في محاولة محمومة للسيطرة على البرلمان القادم و فرض ارادتها بالقوة على تسيير الدولة وفق منظورها الاسلاموي مهما تنوّع، في خروج شنيع على الدستور الذي يحرّم الانفراد بالسلطة و يحرّم التبادل العنيف للسلطة و زيادة عسكرة المجتمع، في محاولات تتصادم بينها على الزعامة . .
و تلاحظ اوسع الاوساط مدى حدة الصراعات الكلامية بينها في وسائل الاعلام المتنوعة و في مواقع التواصل الاجتماعي، و الانتخابات لم تجرِ بعد، فكيف ان لم يفز الحزب (الشيعي) الذي يعلن فوزه من الآن بالزعامة . . و يصفوه بكونه قد يكون سعي للتحضير لصدامات مسلحة بين ابناء الطائفة الواحدة يجري التهديد بها من الآن، ناسين الدستور و التغيير و مطالب ابناء جلدتهم الذين يشكّلون غالبية الناشطين في حراكات انتفاضة تشرين، و خاصة ابناء و اخوان ـ نساءً و رجالاً ـ و مقاتلي "حشد السواتر" ذوي التضحيات الكبيرة.
صراعات تسير على وقع سير العلاقات الايرانية ـ الاميركية، و يصل قسم من المراقبين و المحللين الى ان ذلك قد يصل الى، اطلاق يد ايران اكثر في العراق مقابل التزامها بوقف البرنامج النووي الايراني العسكري و الصواريخ البالستية . . وسط تزايد الحساسية العربية ـ الفارسية الموجودة تأريخياً بين المرجعيات الشيعية المتنوعة الدرجات من جهة، و بين الجماهير من جهة اخرى . . بسبب التزايد اللامعقول للدور الايراني في البلاد، و بوجود ميليشيات ولائية لم تعد تطيع اوامر الدوائر الايرانية، لإستغنائها عن تمويلها و عن دعمها اللوجستي لها، اثر ثرائها الفاحش و مواردها الفلكية، من الفساد و من اهمال حاجات الشعب الضرورية للحياة الإنسانية، على حد تعبيرهم.
يأتي ذلك بسبب رعب الكتل الحاكمة من الفشل في الانتخابات و مما احدثته و تحدثه انتفاضة تشرين المتواصلة، الذي خلق و يخلق اجواءً متوترة و اشاعات و انواع الاكاذيب التي صارت تنشر اجواء خوف بين فئات واسعة من الجماهير من جهة، و تخلق اجواءً يمكن استغلالها لحرف الكفاح من اجل الخبز و الحرية، الى تصعيد الروح العسكرية للمواجهات العنفية و بعث الطائفية و الاحقيّة بين ابناء المكوّن الواحد، و بعث النزعة الدكتاتورية الاوليغارشية (العائلية) . .
بعد ان وصلت الخلافات الى حد التعبير عن : استخدام حتى داعش الإجرامية و مرتزقتها (مقابل دفع مالي) للإيقاع بالطرف الآخر و مؤيديه، كما عبّرت اكثر من شخصية عائدة لكتلة سائرون، حول ما حدث في التفجير الإرهابي الأخير في مدينة الصدر و الأحداث المأساوية في حرق المستشفيات و مرضى كورونا في بغداد و الناصرية . .
من جانب آخر، يتصاعد السؤال الكبير، ماذا سيحدث بعد الانتخابات بعد ان قررت غالبية الجهات الرسمية المعنية الداخلية و الخارجية و بدأ التهيؤ العملي لإجرائها في 10/10 تشرين اول . . . ماذا سيحدث و التزوير جار، ان كانت النتائج لاترضي ميليشيات الكتل الحاكمة المتنازعة التي تعلن فوزها من الآن بل و تعلن عمّن سيكون رئيساً للوزراء و الإنتخابات لم تبدأ بعد ؟؟ في تكرار اسوء و اغبى مما كان يجري في الإنتخابات السابقة منذ 2003 ، بعد انكشاف انواع الحيل و تعرّت بانتفاضة تشرين و شهدائها و جرحاها و معوّقيها و ناشطيها المختفين و الهاربين من محاولات الاغتيال.
يطرح البعض من السياسيين و البرلمانيين حولها طروحات لاتخلو من سذاجة او تصطنعها بقولهم . . (ستحدث تحشيدات مسلحة و تهديدات و زعل ثم حلول و تراضي باعادة تقسيم الحصص و العودة لبعضهم البعض)، التي ترى فيها اوساط شعبية متزايدة و من قواعد و مؤيدي تلك الكتل من المحرومين، بكونها طروحات لاترى الاّ بعين واحدة، لاترى ان حال الشعب وصل الى الأكل من المزابل و الى مصائب الكهرباء و الماء غير الصالح للاستهلاك البشري و غيره و غيره . . المرعب و المهين في البلاد الثرية، و ان اوسع الاوساط الشعبية لا تنتظر تغييراً ما من انتخابات لم تتغيّر قواعدها الأساسية و لا وعودها و لم يتغيّر مناخها المخيف بشعب وصل الى هذا الحال . . و ان الحال سينفجر بلا حدود !! خاصة و ان الذكرى السنوية الثانية لإنتفاضة تشرين تقترب.
و يطرح ممثلو اوسع حراكات تشرين المقاطعة للانتخابات، انه لضمان مشاركة شعبية و مشاركة اوسع في الإنتخابات و لإستعادة ثقة الشعب، على الحكومة و كل الجهات و الكتل الحاكمة، البدء على الاقل منذ الآن، بتنفيذ المطالب الستة لها، المذكورة في صدر المقال و التي قد لاتتطلب اكثر من شهر واحد لبدء الإنتخابات بعد شهر من الموعد المقرر . . و الاّ فان البلاد مقبلة على صراعات عنف و فصول دامية و تدخلات جديدة تكون فيها الكتل الحاكمة الحالية اكبر الخاسرين، في وقت يزداد فيه نشاط داعش الاجرامية . . (انتهى)