هل يمكن أن تكون البصرة قبلة سياحية ؟ كثيرون يقولون: نعم. والمدينة تصرح بأكثر من عنوان في ذلك، على الرغم من خروجها من كونها قرية زراعية، بعد قشط الأراضي الخضر وطمر الانهار في ابي الخصيب والمدينة والتنومة وغيرها.
منذ افتتاح معرض الزهور في المدينة الرياضية وآلاف الاسر البصرية ما زالت تحج كل صباح ومساء يوم الى هناك، في كرنفال غير مسبوق، وجدت الأسر فيه متنفساً سياحياً جميلاً بعد أن اتسعت فكرة المعرض الى أن تقوم كل بلدية من بلديات أقضية المدينة بفعل خاص بها، حتى غطت الحدائق الملونة والمشغولة بعناية جميلة الساحات العريضة في المدينة الرياضية، التي فتحت إدارتها الأبواب للزائرين، فيما اضاف النشطاء في الحرف اليدوية وباعة العطور والمخللات والأطعمة البصرية والحلوايات وسواهم معنى آخر من معاني التعريف بالمدينة. إدارة المعرض تقول بأنّ المعرض بفعالياته هذه سيبقى الى رمضان، حيث ستجد الاسر هنا ما يطيب ويحلو لها بعد الافطار.
الحلة الجديدة التي سيظهر بها القاطع الشمالي من شارع الكورنيش، بعد الجهود الاخيرة، التي تبذل حثيثةً ومشجعة وتعمل على أن يكون شط العرب الخالد، صورة البصرة وعنوانها متنفساً كبيراً. هناك نقلة نوعية في آلية العمل، وحرص واضح، من الجهات المسؤولة والشركة المنفذة، تعززها رقابة المواطن، عبر وسائل التواصل، التي جعلت من القائمين عليه أكثر حيطة من الوقوع في الاخطاء والفشل.. ولعل افتتاحه في عيد الفطر سيجعل منه قبلة سياحية فريدة، فقد شاهدنا مرتسمات غاية في الجمال، نتطلع الى أن تكون على الوصف ذاك، وأن يستبعد القائمون على العمل فكرة الربح أولاً، فالمدينة بحاجة الى الشرفاء، قبل كل شيء، بعد سنوات مريرة من الفساد والفشل.
الذين دخلوا فندق المليينوم، الواقع عند تقاطع ساحة الطيران، والذي بدت صورته ترى من المارة ومستعملي الطريق يتحدثون عن تحفة معمارية، وفندق(خمس نجوم) قد يجعل من فندق الشيراتون مبنى صغيراً، فحدائقه الداخلية وغرفه وصالاته وقاعاته ومرافقه الأخرى أمر جديد في البصرة. ويبدو انه صمم ليكون قبلة سياحية مضافة، فحجم المال الذي تتسع دائرته، من خلال وجود أثرياء المدينة وعشرات الشركات النفطية والتجارية بحاجة الى الامتصاص والتداول محلياً بحسب منطوق الاقتصاد. أما إذا اتسعت فكرة (البصرة مدينة سياحية) فهناك عشرات الامكنة التي يمكن استثمارها، وكنت شاهدتُ ذات يوم مصب نهر البصرة باتجاه البحر عند خور الزبير، فكان ساحراً، يبحث عن مستثمر لا غير.
تبقى قضية الامن واحدة من المشاكل المستعصية، لكنَّ التفكير بحلها ليس مستحيلاً، فالاستقرار السياسي والحكمة الادارية والسعي الى نزع اسلحة الفصائل والاحزاب المسلحة والعشائر، والعمل على منح المواطن الحرية في ممارسة حياته، على وفق المعايير والقوانين المعمول بها، سبل كفيلة بجعل المدينة وجهة سياحية، ففي ذلك مردود وطني كبير، وتنشيط لحركة العمل واتاحة فرص جديدة من شانها تخفيف العبء على المواطن في الاخير.