الحرب في اوكرانيا . . و منطقتنا ! ـ 3 ـ
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

[email protected]

من جانب آخر يشهد العالم و منه منطقتنا حالة من اشتعال النزاعات و الحروب بأي وقت بسهولة، و بأية حجة . . في وقت تعيش فيه الملايين و منهم ملايين منطقتنا حالة كثيرة اللاستقرار و كثيرة الإضطراب، حالة لايمكن تفسيرها بسهولة او التكهن بما سيحصل غداً . . فلا يُعرف متى ستندلع حرب اهلية او انفجارات جياع تهدد الأنظمة الحاكمة بسب تزايد الفقر و البطالة و الجوع، و لاتُعرف قيمة العملة المحلية التي صار لا يمكنها التقييم الحقيقي للاطعمة و الغذاء و البضائع و لا كيف ستصبح غداً و لا لماذا ترتبط بالدولار و باسعار النفط ؟؟

و صار لايُفهم لماذا تقف الولايات المتحدة الرافعة لشعارات الحرية و حقوق الانسان، لماذا تقف عاجزة امام مايجري في حياة يومية صعبة كثيرة المخاطر، في بلدان هي التي اقامت فيها انظمتها الحاكمة او كانت السبب في قيامها، كما في اغلب بلدان الشرق الأوسط . . ثم، هل تسعى السياسة الاميركية لتحقيق اعلى المنافع لها وحدها سريعاً بكل انانية و تنسحب دون اتمام ما اعلنت انها جاءت من اجله ؟؟ كما حدث في الإنسحاب الأميركي المأساوي من افغانستان في العام الماضي، الذي حاول فيه عشرات الوف الافغان رجالاً و نساءً التعلق حتى باقدام الطائرات للفرار مع الجنود الاميركان، كما تناقلت العدسات الحيّة لوسائل الإعلام العالمية . .

و لماذا تقف الامم المتحدة و ما تتخذه من قرارات، عاجزة امام مايجري في العالم و في منطقتنا و ماتتسبب به الحروب المحلية بإسم الدين و الطائفة و الارهاب، التي ادّت الى اعداد هائلة من الضحايا و ادّت الى تضاعف حشود اللاجئين في العالم، حتى صاروا يشكّلون اجيالاً عملاقة تسعى للجوء الى دول الغرب للعيش بأمان، مجترحة انواع المخاطر في عبور البحار و المحيطات و الصحاري و الغابات و الجبال و حتى الإفلات من رصاص وحدات الحدود النظامية المتنوعة، بريّة و بحرية . .

و غيرها من موانع، جعلت حتى بابا الفاتيكان يخاطر بنفسه لإنقاذ آلاف اللاجئين المعلّقين في البحر المتوسط امام الوحدات البحرية للحدود بانواع اسلحتها مهددة بقتلهم ان تحرّكوا اكثر نحو الشاطئ الاوربي، من جهة . . فيما يُغَضّ النظر عن تزايد الاحزاب المعادية للاجانب و الحركات العنصرية و تزداد قوة في الغرب، رغم كونها احزباً و تجمعات ممنوعة او مفروض عليها قيود ثقيلة في الدساتير الحاكمة فعلاً هناك، من جهة اخرى .

و يلاحظ العديد من السياسيين ان الولايات المتحدة و بيوتاتها المالية ينتابها الغضب و السخط، لأن لا قدرة لها كما تدّعي بقدرتها و كما كانت، لإيقاف التمدد الروسي في منطقة البحر الابيض المتوسط و الشرق الاوسط، رغم سعيها هي و حلفائها لإيقافه، حيث ان روسيا بعد خسارة استثماراتها في العراق بفعل الاحتلال الاميركي الغربي للعراق، و خسارتها في ليبيا . . فإنها عادت بقوة اكبر الى سوريا بالاتفاق مع حكم الاسد، و تعود استثماراتها الى العراق و كردستان العراق، بل و صارت تتمتع بعلاقات تتسع وصلت الى الاتفاقات النووية للاغراض السلمية كما يُعلن مع ايران التي تعاني من الحصار الاميركي، و مع تركيا الناتو.

و يرى فريق من السياسيين و رجال الاعمال، ان اميركا ان لم تستطع التدخل اثر احتلال روسيا للقرم في 2014 لعدم قدرتها و لإنشغالها في مواجهة الارهاب كما ادّعت، الإرهاب الذي اسست هي له و بنت اسسه، و وصل الى ان اخافها و اخاف عموم الغرب في عقر الديار، منذ جريمة ايلول 2001 و تحطيم برجي التجارة العالميين، ثم تصاعده اثر عمليات و اعلان تنظيم داعش الارهابي عن قيام دولته، الاّ انها لاحظت تضررها من ذلك عسكرياً و اقتصادياً، امام روسيا الصاعدة، فعملت على زيادة ارباحها ببيع صفقات السلاح و التجهيزات العسكرية لأنواع النزاعات و تركّز الى اوكرانيا.

و يرى فريق آخر، ان اوكرانيا كانت فخّاً اميركياً لروسيا بهدف ايقاعها فيه و استنزافها و بهدف اكبر، كما حصل في افغانستان، خاصة و ان جهات متابعة للحرب في اوكرانيا، افادت بان الحرب ان لم تتوقف بالمفاوضات و الدبلوماسية . . فانها ستستمر الى حرب عصابات طويلة امد، حيث ان الاوساط الحاكمة في الولايات المتحدة بدلا من تخفيف الازمة و الحرب و السعي الى الطرق السلمية لإيقاف الحرب، صارت تسوق دول الغرب لإرسال اسلحة متطورة الى هناك . .

بعد ان قلبت بكل انواع وسائل الاعلام و بسرعة فائقة . . قلبت المناخ الاوروبي في ايام الى مناخ و حياة حرب و طرحت الرئيس الاوكراني كمخلّص لأوروبا، يخاطب برلماناتها يومياً طالباً العون و قبول اللاجئين الجدد من الاوربيين (من ذوي العيون الزرق و البشرة البيضاء . . انهم اهلنا)، على حدّ تحشيد وسائل اعلامها و مايجري من استقبالهم بالورود و بما لذّ و طاب من الطعام و الشراب، و مُدّدت خطوط النقل الاحدث لإستقبالهم ، التي كانت قبل اسابيع تدعو الى انشاء جدار عازل على حدود الإتحاد الاوروبي (خاصة بولونيا و دول البلطيق) لمنع ذهاب لاجئيي اسيا و افريقيا الهاربين من الحروب و الجوع، و تُركوا باطفالهم و مرضاهم في العراء و الثلوج . .

في عملية استباقية لإجهاض مايجري من تحول النظام العالمي عملياً الى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب لا ذي قطبية واحدة و لا ذي قطبيّتين، و هي تسوق دول الغرب الى الحرب بـ (دقة قانونية و انسانية)، رغم ما اشعلته و تشعله من ازمات الغذاء و الطاقة في العالم و في اميركا و في دولها ذاتها بسبب عقوباتها القاسية على روسيا و مايجري في اوكرانيا، عملاقا الغذاء و الطاقة . . بدلاً من جلوس الاقطاب الكبرى و التفاهم على صيغة جديدة للنظام العالمي، كنظام متعدد الاقطاب . .

و يشير علماء و باحثون الى جورنال و فيلم وثائقي علمي اقتصادي انكليزي ـ الماني ينتشر بسرعة الآن، معنوّن (فقاعة و تنفجر) ـ كانون اول 2021 " المضاربات المالية تؤدي الى فوضى هائلة" . . شارك في بياناته : الخبير الاقتصادي جوزيف شتيغليتس من جامعة كولومبيا الاميركية، يوناتان غولبيرغ من كبار تجار المواد الخام، الصحفية رانا فوروهار من الفينانشيال تايمز ـ بريطانيا، الصحفي الباحث في موضوعة (الفوضى) روبرت راسل، عالم الرياضيات الاميركي هنريك بايام الباحث في (الاسس العلمية للفوضى) . .

اشاروا الى ان البيوت المالية العالمية للاستثمار التي اسسها الغرب و سار على منهجها في التحديث منذ اواخر ثلاثينات القرن الماضي على اساس الضبط العالي لأسعار المواد الخام و الغذاء في العالم، و التي تفرض عقوبات كبيرة على الشركات و الاقطاب و كبار شخصيات رجال الاعمال في حال خرقها، و حددت اعلان الاسعار في بورصات دولية جرى تسميتها و ضبط اعمالها و اجازاتها باتفاقات قانونية للعمل و النشاط و كيفية تحقيق الارباح، بين الدول المنظمة لها بزعامة دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية . .

قرر الرئيس الاسبق الاميركي بيل كلينتون في عام 2000 في اجتماع مع محافظ البنك المركزي الاتحادي الاميركي (الن غرين بين) تقديم حزمة تعليمات اقتصادية الى الكونغرس الذي اقرّها على اساس انتصار الغرب بقيادة الولايات المتحدة على الاتحاد السوفيتي، تعليمات في اطلاق يد كبار شركات و اتحادات و تجار المواد الخام و الغذاء في الغرب بقيادة اميركا، في تحديد و تغيير الاسعار العالمية و تحقيق الارباح التي يسعون لها في زمان انفتاح العالم امامهم بالعولمة . . و قد مرّت تلك التعليمات التي غيّرت عالم الاعمال و التجارة تغييراً هائلاً . . مروراً هادئاً بلا ضجيج.

لتتحوّل مع ظروف و واقع العولمة الى سيادة البورصات العالمية للغذاء و المواد الاولية في الغرب، في تحديد الاسعار : شيكاغو ، اطلانطا، لندن . . القائمة على اساس سوق و مضاربات الاسهم و على اساس الرابح و الخاسر لتحقيق اعلى الأرباح، دون الإهتمام بمصائر الشعوب . . فلم تكن اسعار الطاقة الخيالية صعوداً و نزولاً، بسبب المستهلكين و زيادة اعدادهم او المنتجين كما ادّعوا و كذّبوا . . انما بسبب المضاربين الماليين الذين طمعوا و يطمعون بارباح انانية اعلى وفق التعليمات التي أُقرّت، و كانت هي السبب بحدوث ازمة 2008 الغذائية و التقلب المريع لأسعار المواد الخام و الطاقة، و مايجري من نزاعات و انفجارات شعبية بسبب الجوع و الطاقة . . (يتبع)

6 /4 / 2022 ، مهند البراك

  كتب بتأريخ :  السبت 09-04-2022     عدد القراء :  1191       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced