كان الظن الايجابي في المحكمة الدستورية يميل الى ان تعمل على اصدارصيغة حل للانسداد السياسي وذلك بحل البرلمان، نظراً لتوفرالاسباب الموجبة المتمثلة بتجاوزه على المدد الدستورية المعنية بتشكيل الحكومة، التي في ظلها تهدد الامن العام. غير ان المحكمة استعانت، كما يبدو ، بنظرية مسك العصا من الوسط وطوعتها لغاية ايجاد مخرج لها من التعامل مع 1036 دعوى قدمها التيار الصدري ومناصروه مطالبين بحل البرلمان.
مثل ذلك الجلوس على المدرّج لمشاهدة لعبة المصارعة مع الثورالهائج. فكان لها خيرعون للابتعاد عن هذا المنعطف المحفوف بالمخاطر السياسية الجسيمة الاثر، والتي كانت من شأنها ان تضع المحكمة في غير محلها الدستوري. خلاصة القول انها قد انقذت نفسها ولم تسهم بانقاذ البلاد من هذا الانسداد.
ومن الموجب ذكره في هذه الحومة القضائية هو ما انطوى عليه قرار المحكمة من صيّغ مهندسة باعتناء بالغ، عبرت فيها عن انصاف الحلول لكلا الطرفين. حيث اشارت بكل وضوح ولا يقبل اللبس عن تقصير البرلمان في مهامه الدستورية. مؤكدة على توفر اسباب حله. وهو ما مثل نصف الاستجابة لدعاوى الصدرين ومن يناصرهم من اوسع الجماهير المكتوية بنار نهج المحاصصة. ومن جانب اخر لم تتعامل مع عقدة الحل بدعوى ان ذلك ليس من اختصاصها. وفي ذات الوقت لم تخطئ الحل، بل اكتفت بالاشارة الى توفر اسبابه. وهذا ايضاً يشكل قرينة تبقي على عدم شرعية البرلمان. وبذلك لم تطعن ولم تزكي اي من مطالب المتخاصمين.
على اية حال كان قرار المحكمة قد شكل طعناً دستورياً مضافاً لطعون الدعاوى بشرعية بقاء البرلمان التي قدمت الى المحكمة والمنصبة على ضرورة حله. كما عكس القرار في ذات الوقت ذكاء القضاة وبراعة التخلص من المأزق. ومن المسلم به لم تتمكن المحكمة من التخلص من المسؤولية السياسية والتاريخية المتمثلة بالابقاء على مخاطر الانفجار كامنة في مربع عدم الحل.
الامر الذي يلقي على عاتقها اشد حالات اللوم والعتب الشعبي الذي عول عليها باعتبارها المرجع الاخير، لايجاد مخرج للانسداد السياسي اللعين الناتج عن ارادة القلة المدعية بوراثة {عرش المكوناتي } حفاظاً على سلامتها وسلامة مكتسباتها غير الشرعية في الاغلب الاعم.
في الحياة، عادة ما تثير حالة المحاصرة تساءل مرير مفاده " اين المفر.. ؟ " واليوم نسمعه يطلق على اطراف السن الناس، حيث تحاكي ضمائر المعنيين واصحاب القرار، الذين يمتلك كل منهم القدرة على الحل، عبر التنازل عن الذاتيات الانانية المقيتة، والركون الى مصالح الشعب والوطن، والذي من دونه تندفع بعض الانظار لترنو الى الحلول الخارجية المدفوعة الثمن على حساب سيادة الوطن، و لقمة عيش كادحي وشغيلة العراق المنهكة اصلاً.
وهنا اقتضى امر تفعيل شعار التغيير، واسناد قواه القائدة والمحركة لتاخذ زمام الحل. دون اهمال جانب الحذر من الابقاء على هذه الحالة طويلاً، لان المتربصين من اعداء الشعب العراقي سوف لن ينتظروا طويلاً ايضاً وهم يرون البلد ما زال لقمة سائغة سائبة دسمة يسيل لها لعابهم . وحينها لا ينفع الندم.