يتحفنا رسام الكاريكاتير الكبير خضير الحميري صباح كل يوم بلوحة مذهلة تقرأ ما يجري في هذه البلاد العجيبة والغريبة، مستنداً في ذلك إلى المهازل التي تحيط بنا من كل جانب والتي حولت العراق إلى بلاد يستبيحها اللصوص.
ولأننا نعيش عصر الكاريكاتير بامتياز، فقد قدم لنا خضير الحميري لوحة معبرة عن واقعنا وهو يناقش التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية حول محاسبة أصحاب المحتوى الهابط.. ففي وسط اللوحة نشاهد سياسياً من زمن التحاصص البغيض، يسأل هل اسمه موجود في قائمة التبليغات عن اصحاب المحتوى الهابط ؟ في عبارة مضحكة : "آني اسمي موجود؟" . لعلها أذكى جملة تعبر عن الواقع الذي وصلنا إليه، تصريحات أقرب للهلوسة، وخطاب إعلامى وسياسي أشبه بصيحات تصدر عن مسرحية هزلية ، تكرار ممل لخطابات ممجوجة واحاديث مستهلكة، فقدت صلاحيتها.
منذ ان اخترع جهابذة السياسة في العراق مسمى ديمقراطية التوافق الوطني أصبح الفساد في بلاد الرافدين محمياً بقوة القانون والسلاح، وأصبح الفاسد والمرتشي مدللاً ونجماً، تفتح له الفضائيات أبوابها ليقدم دروساً في الوطنية والنزاهة حتى أننا فتحنا أبواب لجنة النزاهة البرلمانية ليدخلها النائب مثنى السامرائي صاحب ملفات فساد المناهج الدراسية ، ولم يُعرف عن نظامنا السياسي الديمقراطي أنّه ضد الفساد، بل على العكس من ذلك، هو نظام يتيح أحسن الفرص للسراق والانتهازيين والمتلونين، ليتحولوا بين ليلة وضحاها إلى أصحاب قنوات فضائية ومشاريع تجارية ومولات وجامعات وأرصدة في بنوك الخارج والنماذج موجودة داخل قبة البرلمان وبمختلف الاطياف والشعارات .
لوحة السياسي هو يسأل عن اسمه ، ليس غريبا على بيئتنا السياسية ، فنحن نعبش في ظل ساسة محصنون ضد النزاهة .
من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كاريكاتير خضير الحميري ، ويتابعون اخبار بلدان وشعوب كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، فالمواطن العراقي يعرف جيدا ان مهمة السياسي في دول العالم التي لا يمثل فيها النائب دورا كوميديا ، هي أن يرتقي بالعمل السياسي، ويضع هموم الناس تحت المجهر، ، لكننا في هذه البلاد نعيش مع سياسيين ومسؤولين يمارسون " فرهودا " منظما ، وهم يعرفون جيدا أن لا أحد سيحاسبهم .
في كل يوم نشاهد على الفضائيات مقاطع مضحكة لسياسيين تتميز بسوء التعبير والخلوّ من أي جملة نافعة ، لكنها في المقابل تجلب المنفعة لرسام " مشاغب " وعبقري مثل خضير الحميري ، مطلوب منه ان يرفع يديه الى السماء يشكر الله ليلاً ونهاراً على أن رزقه بهذا النوع من السساسة الظرفاء .