إيران الصديقة والمتهمة
بقلم : طالب عبد العزيز
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هل من مبرر لتشفّي بعضُ العرب- دولاً وشعوباً- بإيران، جراء ما تقوم به أمريكا واسرائيل من ممارسات سياسية وحربية ضدها؟ أليست هي دولة مسلمة؟ أليست هي النصير شبه الوحيد لحماس والفسلطينيين؟ ألم تقف بجنودها بوجه أمريكا، والدولة الاسلامية(داعش) في العراق وسوريا؟ ألا يحمل علمها كلمة الله وتتبنى الاسلام دينا وشرعة ومنهاجاً؟ترى، لماذا يصاعد حنين الدول العربية الى سنوات حكم الشاه محمد رضا بهلوي، مع يقينهم بانه رجل أمريكا في الشرق وشرطي الخليج والمقرب من اسرائيل؟

ترى، أليس من صالح دول المنطقة العربية المسلمة القوية والضعيفة على حد سواء، وجود دولة صديقة ومسلمة، قوية الى جانبها، وبجيش حديث وكبير، واسلحة متطورة، وبذراع نووي تقف بوجه أمريكا المستعمِرة، واسرائيل الصهيونية، العدو التقليدي للعرب؟ بعد خذلان الاتحاد السوفيتي لهم، أو بعد تفككه؟ أيكون التشيّع سبباً لذلك كله؟ أيكون شعار تصدير الثورة الذي تبناه الامام الخميني وراء ذلك ايضاً؟ وهل كانت إيران دولة شيعية بالمعنى الذي نعرفه للتشيع؟

بقدر ما تحمل الاسئلة هذه من منطق وقوة تحمل بين طياتها استحالات الاجابة بنعم!! ذلك لأنَّ الصورة التي عليها نظام الحكم هناك ملتبسة جداً، ولا تتيح لنا قول الحقيقة كاملةً، فالمشهد المأساوي في غالبية دول المنطقة ويد إيران الطولى فيه يشهد على انها لعبت الدور الرئيس في تأليب الشعوب على حكامها، وساهمت بنشر الفوضى بين طبقات مجتمعاتها، وعملت على تفكك أنظمتها، وكانت وراء تراجع اقتصادها واضطرارها الى شراء المزيد من الاسلحة، وعقد التحالفات مع الدول القوية، وجررتها الى حروب جانبية داخلية واقليمية، ولنا في ما نشهده بالعراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن الدليل والبرهان.

كما أننا سنعثر على الكثير من الاجوبة غير المنطقية، إذا علمنا بأنَّ الشعب الايراني واحد من الشعوب المتحضرة في المنطقة، وأنَّ الحياة في بعض المدن الايرانية هي الافضل بين الكثير من المدن العربية، وأن فضاء الحريات المتاح هناك أوسع مما نجده في المدن الشيعية بالعراق مثلاً، وأنَّ الحكومة تحكم قبضتها على إدارة البلاد بشكل عصري وحضاري، وأنَّ المراة في المجتمع الايراني هي غيرها في العراق واليمن، وأنَّ الاقتصاد والصناعة والزراعة والتعليم والطب والهندسة والثقافة وعموم مفردات القوة الصلبة والناعمة قائمة بشكل صحيح هناك، فهي بلاد تخطو خطوات واثقة لكي تصبح دولة قوية، وفاعلة في المنطقة، تتحدى أمريكا، فتضطرها الى تنازلات ومفاوضات متكافئة.

كم ستكون إيران قريبة من شعوب المنطقة العربية، مقنعة بأنها الداعم القوي لقضيتها في فلسطين، والسند المسلم والقوي لو أنها لم ترفع شعار تصدير الثورة، ولم تعمل على التدخل في شؤون الدول العربية، ولم تنشئ أحزابا وجماعات مرتبطة بها تعمل على زعزعة أنظمتها، لو أنها ساهمت ببناء الدولة العراقية الفتية، المقربة منها، لو أنها أسست لصلح اجتماعي بين مكوناته، لو عملت على إعادة تشغيل مصانعه وتطوير زراعته، لو لم تقطع المياه على انهاره، لو لم تتهم بقتل طياريه وعلمائه وأطبائه، لو لم تسرق نفطه، ولو لم تسمح بمرور آلاف الاطنان من المخدرات اليه، ولو فتحت جامعاتها الرصينة للطلبة العرب والعراقيين بخاصة بدلاً عن تشجيعها الدراسات الدينية والحوزوية، التي لم يجن العراق منها إلا التفرقة، لو نسخت تجربتها في صناعة السينما داخل العراق في أقل تقدير.

  كتب بتأريخ :  الخميس 02-02-2023     عدد القراء :  762       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced