قانون الانتخابات ونهج طغمة الحكم
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا يوجد دليل على تمسك طغمة الحكم بالسلطة، أبلغ من لجوئها الى تغيير قانون الانتخابات قبل كل عملية انتخابية، كي تضمن استمرار هيمنتها على السلطة. لكن عدم ثبات قانون الانتخابات يؤشر عدم استقرار النظام السياسي، ويجعل المشاركة في الانتخابات غير مجدية، خاصة حينما تكون مخارج الانتخابات مجرد تدوير للاولغارشية في السلطة، وترسيخ للمحاصصة بما يحفظ توازن القوى بين المتنفذين، ويضمن ان لا غالب بينهم ولا مغلوب.  ويبرز هذا خصوصا بعد ان اقصي من الصدارة الفائز الأكبر في انتخابات عام 2021، وهو القائمة الصدرية. ولم يكن هذا الاقصاء هو الوحيد، فقد سبق ان سُلبت القائمة العراقية حق تشكيل الحكومة، رغم تصدرها نتائج انتخابات 2010.

ولم يكن تغيير القوانين وفقا لمصالح المتنفذين عيب العمليات الانتخابية الوحيد، فقد رافقتها جميعا انتهاكات وتزوير وشراء للأصوات وبذخ في انفاق المال السياسي وفي الشحن الطائفي، فيما لم تسلم نتائجها من الطعون حتى من طرف المتنفذين انفسهم. وهكذا غدت الانتخابات بلا معنى، وكأن هدفها اصبح في احسن الاحول رصد المتغيرات في نسب القوى المتنفذة في السلطة، كمعيار لتقاسم المغانم وفق منهج المحاصصة.  

يتضح جليا من هذا ان سعي طغمة الحكم غير الحميد الى تغيير قانون الانتخابات، ينطلق من  حسابات حزبوية تضمن لها مقاعد برلمانية. وهذا ما يشوه العملية الانتخابية، وينال من صدقيتها كآلية دستورية لإحداث التغيير المنشود. ولعل الهدف الأكبر المرسوم لذلك هو إشاعة اليأس من الديمقراطية، بعد ان اختزلها المتنفذون في الانتخابات لا غير. نعم، أجادوا التبجح بالديمقراطية التي لم تكن يوما هدفا من اهدافهم، ولا احد يجهل ان لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين.

ولم تكن طغمة الحكم في العراق فريدة وهي تتصنع الديمقراطية، فقد عرف التاريخ المعاصر عديدا من الطغاة، أمثال زيناوي في اثيوبيا ومشرّف في باكستان، وموغابي في زيمبابوي، ومعمر القذافي في ليبيا، ومبارك في مصر، وغيرهم الكثير من المستبدين الذين سعوا لإضفاء صبغة الديمقراطية على أنظمة حكمهم، ليتمكن أي مستبد أن ُيعلن نفسه “ديمقراطيًا!  ما دامت هناك إمكانيات تنظيم انتخابات صورية. فالمتنفذ هو من يشرّع قانونها ليديرها بعد ذلك اتباعه، والمهم ان تسفر المسرحية المملة في نهاية المطاف عن تزيين صورته وتضفي الشرعية على حكمه. حتى غدا من المضحكات المبكيات سهولة ركوب الاولغارشية موجة الديمقراطية!

إن تشريع قانون انتخابي لا تسهم فيه قوى المعارضة الحقيقية، قوى الإصلاح والتغيير، ليس مجرد تشويه للانتخابات وحرفٍ لهدفها كآلية حساب لتوازن القوى السياسية بمعيار عادل ومنصف، بل هو فوق هذا اعتداء على الديمقراطية وقيمها. ما يتطلب من قوى التغيير التصدي للاولغارشية المتلهفة على إضفاء الشرعية مرة أخرى على نفسها، عبر قانون تفصله على مقياسها. كما يتطلب التحلي باليقظة، وبالاستعداد لطرح مسودة قانون انتخابي يتضمن الشروط الأساسية للعدالة والانصاف والنزاهة، قانون يجرّم استخدام المال السياسي ويحرّم مشاركة الجهات ذات الأذرع المسلحة.

وختاما نقول ان من بين متطلبات تعزيز الديمقراطية الحقيقية، الضغط بكل الاشكال السلمية لإيجاد بيئة انتخابية مناسبة، توفر للناخبين خيارات سياسية متنوعة، ولقوى التغيير فرصا حقيقية لتحقيق تمثيل يناسب حجمها ودورها.

  كتب بتأريخ :  الخميس 23-02-2023     عدد القراء :  639       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced