مبجل اديب بابان الرائدة النسوية العراقية
بقلم : د. خيال الجواهري
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

فجعت الأوساط النسائية صباح الجمعة المصادف 3 شباط الحالي برحيل الرائدة النسوية مبجل بابان بعد رحلة طويلة حافلة بالنضال والعطاء من اجل المرأة والمجتمع.

هي من مواليد 1933 ومن ابويين كرديين. كان والدها يعمل في سلك الشرطة وممن لا يميز بين الأبناء والبنات. ومن هنا نشأت في أجواء عائلية تقدمية اتاحت لها الرعاية والاهتمام والسعي لتحقيق ما تحلم به.

درست الابتدائية في الموصل، ثم انتقلت مع العائلة الى بغداد لتواصل اكمال دراستها المتوسطة والثانوية استأثرت باحترام وتقدير الآخرين اثر مواقفها الشجاعة يوم اعتلت احدى الدبابات القادمة لقمع المتظاهرين من طلبة الكليات والمعاهد ممن شاركوا في وثبة كانون الثاني عام 1948.

كانت المناضلة ثمينة ناجي يوسف زوجة الشهيد سلام عادل في مقدمة المتظاهرين تندد بالمآرب الدنيئة لمعاهدة بورتسموث. الشرطة لم تقف مكتوفة الايدي وهاجمت المتظاهرين وتسببت في قتل احد المدنيين مما دفع بعميد كلية الطب د. هاشم الوتري الى تقديم استقالته.

دوامة الغضب والاحتجاج كانت تكبر يوماً بعد يوم وكان الشارع العراقي يغلي والشعب يزداد استياءً وتذمراً ولعل أولى مطالبه كانت اسقاط الحكومة التي يقودها صالح جبر باعتباره المسؤول عن توقيع معاهدة بورتسموث. وفي خضم المواجهات استشهد كل من بهيجة – فتاة الجسر – وجعفر الجواهري وقيس الألوسي.

نشطت مبجل في رابطة المرأة العراقية عام 1949 يوم كان اسمها “رابطة الدفاع عن حقوق المرأة”. ذات يوم شعرت بوعكة صحية فلجأت الى عيادة الدكتورة نزيهة الدليمي برفقة اخيها حامد حينما كان يدرس الطب. وعندما تعرفت عليها الدكتورة نزيهة وعلمت انها في صفوف اتحاد الطلبة العام في الثانوية دعتها لحضور اجتماع الرابطة، وشجعتها على التواصل وحضور الاجتماعات. وحضر الاجتماع مجموعة من المناضلات نذكر منهن: سعدية الرحال شقيقة حسين الرحال، وفية أبو قلام، حياة النهر، فخرية أبو قلام، واخريات.

في هذا الاجتماع تشكلت هيئة تنظيمية منحت د. نزيهة الدليمي رئيسة وسكرتيرة الرابطة ومبجل بابان امينة الصندوق ومسؤولة اللجنة المالية وحياة النهر مسؤولة لجنة بغداد.

وفي اعقاب ثورة 14 تموز عام 1958، تم تغيير اسمها الى “رابطة المرأة العراقية” على اثر مقترح قدمه الزعيم عبد الكريم قاسم، وتم منحها الاجازة الرسمية بتاريخ 8 آذار 1959.

ساهمت الرائدة مبجل بابان في اعقاب ثورة تموز عام 1958 مع غيرها من الرائدات في العمل بين النساء والدفاع عن حقوقهن وحرياتهن وزيادة وعيهن، ولا ننسى دورها في الاتصال بالمحاميات والشخصيات الوطنية من اجل اصدار قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، حيث اعتبر اول قانون للأحوال الشخصية في العراق والوطن العربي، الذي انصف شريحة النساء في مجتمعنا العراقي. وتقول عن هذه الفترة التي عاشتها بأنها كانت ذهبية ومثمرة.

شاركت الرائدة مبجل بابان في التهيئة للمؤتمر الثاني بتشكيل لجان تحضيرية للانتخابات ووضع النظام الداخلي كمسودة لإقراره في المؤتمر بعد اجراء التعديلات عليه. اضطرت الى الاختفاء في اعقاب انقلاب شباط الدموي عام 1963.

عام 1967 قررت السفر الى الكويت بعدما تعرضت للملاحقة. عادت الى العراق بعد اسقاط حكومة عارف في تموز 1968 زاولت وظيفتها ثانية بعنوان “مدققة” علماً إنها كانت بدرجة مدير عام.

وعن كيفية تعيينها في البنك الوطني سابقاً، تذكر بانها في أحد الأيام اقترح عليها زميلها فوزي القيسي أن تقدم طلباً للتعيين في البنك (بعد ظهور إعلان في الصحف عن حاجة البنك لموظفين.

في البداية ترددت بسبب عدم تعيين النساء في حينها لكن القيسي أصر والح في ان تذهب معه الى البنك وتقديم الطلب الى مدير الذاتية وكان يومها اسمه محسن زلزلة، وقد تنافس اكثر من 250 طالباً للتعيين على عدد محدود من الدرجات.

المفاجأة وبعد الامتحان ان اسم مبجل كان الاسم الثاني بعد جعفر اللبان.

عندها اختارها المدير ان تكون معاونة له لتمكنها من اللغة الإنكليزية.

عام 1978 قررت السفر مع عائلتها الى لندن.

وقد كرمت مؤخراً من قبل البنك المركزي العراقي الحالي بورقة نقدية مذهبة كونها اول امرأة عملت في البنك فئة 50 ألف دينار.

وشغلت عدة مناصب في المنتدى الثقافي منذ عام 1987 وتدرجت ادارياً من عضوة الى معاون الى رئيسة المنتدى، وساهمت مع الرائدة بشرى برتو في اعداد مسودة استبيان وزع على المواطنين، من اجل اعداد كتاب عن المنتدى بمساعدة سوزان مناف، حتى وصل الى 25 مواطن. ساهمت المناضلة بكل ما تملك من طاقة في العمل الطوعي لمساعدة المواطن العراقي وبالأخص الأطفال باجراء نشاط لهم وهو معرض للرسوم والمشاركة به عام 1991، وبحضور الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وتوزيع الهدايا لهم.

كانت المناضلة على علاقات اجتماعية وثقافية واسعة حيث وكما ذكرت لها صلة عائلية بالفنان المعروف محمود صبري وكذلك القصاب وابراهيم شيخ نوري، وحضور الكثير من النشاطات الأدبية والفنية. كان ذلك خلال وجودها في بغداد عام 2012 وفرصة طيبة ان نلتقي ونتحدث طويلاً عن نشاطها وذكرياتها.

لا نقول وداعاً للمناضلة الراحلة.

وعهداً ان نواصل الدرب من اجل عراق حر ومزدهر وموحد تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة.

طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 01-03-2023     عدد القراء :  870       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced