ليكن قرار محكمة التحكيم الدولية دافعاً للحوار الداخلي
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لم تتضح بشكل جلي حتى الان، حيثيات القرار الذي اصدرته محكمة التحكيم التجاري الدولية في باريس يوم 23 آذار 2023، بصدد الدعوى التي رفعها العراق على تركيا، منذ العام 2014 لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في العام 1973، والتي تنص على (وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي بما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر من العراق الى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية). حيث تفاوتت المعلومات التي تضمنتها البيانات الرسمية لكلتا الحكومتين العراقية والتركية؛ ففي الوقت الذي أشادت فيه وزارة النفط العراقية بالقرار الذي دان انتهاك تركيا الاتفاقية بمجال شحن النفط فقط، باعتبار ان شركة سومو التابعة لوزارة النفط العراقية صاحبة الحق الحصري في طلب شحن النفط، بينما كان الشحن يتم بتوجيه وطلب من حكومة الإقليم. وقد حمّل القرار تركيا ـ بموجبه ـ ان تدفع للعراق تعويضاً مالياً قدره 1.4 مليار دولار، وهو مبلغ زهيد قياسا بالتعويضات التي طالب بها العراق، وقدرها 33 مليار دولار، سرعان ما رفعتها لتصل الى مبلغ قدره 58 مليار دولار عن كل النفط المصدر حتى العام 2022.

كما قررت المحكمة أن على العراق تحمل مناصفة مع تركيا الضرر الناجم عن تخفيض سعر النفط، وذلك باعتبار ان الجهة التي قامت بتخفيض السعر لصالح تركيا، هي حكومة الإقليم التي هي جزء من الحكومة العراقية. وحيث لم يشر البيان الرسمي العراقي الى الشكوى المضادة التي سجلتها تركيا على العراق لعدم شحن كميات النفط المتفق عليها، حيث تم تسجيل نقص في كميات النفط المنقولة عبر الأنابيب حسب الاتفاق المبرم بين البلدين، وعدم دفع أجور النقل لعشرات السنوات السابقة، ما حمل العراق على دفع تعويض لتركيا قدره 600 مليون دولار، وحسب بيان وزارة الطاقة التركية يوم 28 آذار 2023، أكدت فيه أنه من بين خمسة أقسام تألفت منها شكوى العراق، حكمت المحكمة لصالح العراق في قسم واحد فقط. بينما حكمت في الأقسام الأربعة الأخرى لصالح تركيا، وهذا ما لم يوضحه بيان وزارة النفط العراقية.

لم يحمل قرار الحكم وضوحا كافيا للتعرف إلى فقراته، حيث ان كل طرف يفسره كما تقتضي مصالحه، وهذا مفهوم ضمن الصراع الدولي وإراداته، لكن الواضح جدا أن اساس الخلاف بين البلدين ووصوله الى المحاكم الدولية، هو نفط الإقليم وعائداته.

ومن اجل إبعاد العراق كساحة لمصالح الآخرين على حساب مصالح شعبه، وكي لا يبقى العامل الخارجي له اليد الطولى في التحكم بالقرار العراقي، يتطلب التوقف عند ذلك، واستثمار الجو الإيجابي بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، واعتبار الاتفاق الذي جرى بين السيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء والسيد مسرور البارزاني رئيس حكومة الإقليم، يوم 4 نيسان 2023، أساسا لحوار منتج، يضع تحت العين التجربة المريرة للأزمة وتداعياتها، منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة، الى يومنا هذا؛ اذ لم تشهد العلاقة استقرارا الا لفترات محدودة جدا، بينما شابها التوتر وعدم الاستقرار وحصار ومعارك كلفتها البشرية والمادية كانت باهظة، وقد اثبتت عدم جدواها في إيجاد حل شامل مقبول يرضي الأطراف.

الحاجة ماسة الى إيجاد حل يستند الى المصالح بالأساس، وتشريع قانون النفط والغاز، واعتبارهما (النفط والغاز) موارد للتنمية والبناء وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس عوامل انقسام ومصدرا للأطماع الخارجية.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 05-04-2023     عدد القراء :  576       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced