إحنا مو أحزاب إحنا المدنية
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تردد هذا الشعار الملتبس كأهزوجة في ساحات التظاهر منذ 2011، ورددته أصوات عالية بحماس في الاحتجاجات التي أعقبت ذلك. ودفع البعض به محاولين جعله بمستوى المطالب التي رُفعت. وكان في الواقع بمثابة الضد النوعي للفكرة التي تؤكد ضرورة تنظيم الشباب لأنفسهم، كمستلزم لا بد منه لتحقيق نصر على طغمة الحكم. فلن تحتاج السلطة وابواقها جهودا إعلامية للحيلولة دون تشكيل أحزاب بديلة من المحتجين، ما دام هذا الشعار يؤدي الدور نفسه، رغم حسن نية مردديه وعدم قصديتهم، إذْ لم يكن تأثيره السلبي في بال الأغلبية من الشباب الذين رددوه.

كان اللاوعي بالدور المحبط لهذا الشعار هو السائد، وقد أصبح مثل لازمة يعاد ترديدها مرارا وتكرارا في كل احتجاج، كما كانت عيون المتحمسين له ترصد بشك وارتياب كل مـن لا يشارك في ترديده، حتى اضطر بعض المدركين لسلبيته الى مسايرة المتعصبين له، حرصا منهم على وحدة الساحة وعدم انقسام المحتجين.

طبيعي ان النية الحسنة هي ما دفع الغالب الأعم من مرددي الشعار، الذين سئموا فساد أحزاب السلطة، وما رسخ من ظواهر سلبية في الحياة الحزبية الموروثة من الحزب الحاكم في حقبة الدكتاتورية، وعمق الصورة الكارثية لحزب السلطة ،المترسخة اصلا في اذهان المواطنين. بل ان طغمة الحكم زادته تشويها بدل إعادة البريق للحزب السياسي ودوره. بل وبلغ خراب العمل الحزبي الذروة حينما اصبح البعد الطائفي ركيزة للتنظيم ولتحالفات طغمة الحكم.

لذا جاء رفض الشباب للأحزاب كرد فعل على فساد أحزاب السلطة، وعلى سوء إدارتها للحكم وعلاقاتها الخارجية المشبوهة وفشلها في تقديم انجاز لصالح الشعب، الى جانب استحالة إيجاد مخرج لأزمة نظام الحكم تنتجه عقلية المتنفذين في أحزاب السلطة، واليأس من قدرة الأحزاب المتنفذة على أداء دور لصالح الشعب.

وسادت فكرة ازدراء الأحزاب بشكل عام، دون تمييز بين أحزاب السلطة والأحزاب الوطنية والديمقراطية التي تعارض نهج المحاصصة والفساد وتكافح من اجل التغيير، وأصبحت نظرة الشك والريبة في كل مواطن حزبيّ غالبة، بل وشملت كل منتمٍ لأحزاب المعارضة ومتواجد في ساحات الاحتجاج، للمشاركة في التصدى لسياسات أحزاب طغمة الحكم وممارساتها.

لقد فرض اللاوعي بأهمية التنظيم سطوته على مساحة واسعة من ساحات الاحتجاج، مزدريا التنظيم ورافضا له، ومستهجنا اطروحات من يدعو اليه، غير مدرك لأهمية العمل الحزبي الذي يعد من اساسيات النظام الديمقراطي، حيث لا تقوم ديمقراطية من دون أحزاب سياسية منظمة. فلم يعِ من يهتفون: "احنا مو أحزاب احنا المدنية" انهم بهذا يفسحون المجال لأحزاب السلطة ان تنفرد في تحكمها بالقرار السياسي، وهي أحزاب منظمة وقادرة على حشد امكانياتها وقواها، بل وتجاوزت نشاطها كأحزاب سياسية وشكلت مليشيات مسلحة ونظمتها بدقة متناهية.

واليوم نشهد تشكيل أحزاب ما بعد انتفاضة تشرين، ونحن نعد ذلك خطوة مهمة في اتجاه اطروحاتنا، رغم عدم رسوخ بعض هذه الأحزاب واضطراب بنيتها، والاشكالات التي ترافق ادارتها، وهذا يتطلب معالجة خاصة في مقالة منفصلة.

اما ما يجب التوقف عنده هنا، فهو عدم وجود ضرورة لهذا الكم من الأحزاب، وكان يمكن ان تنتظم الأحزاب الناشئة في حزب واحد او اثنين لا أكثر. فاتساع نطاق تشكيل الأحزاب واستسهال ادارتها، هما عامل ضعف لا عامل قوة، وهنا يصح القول ان "لا تفريط ولا افراط".

كما يجب الحذر من دور طغمة الحكم ودسائسها الخبيثة، سواء في اصطناع أحزاب بزيّ تشريني، او في اختراق بعضها المتشكلة فعلا، والعمل على تشويهها. إضافة للانتباه الى العراقيل التي تضعها، للحيلولة دون العمل المشترك للأحزاب التشرينية الحقيقية، في فضاء مدني ديمقراطي يتطلع الى التغيير الشامل كاولوية له.

#جاسم_الحلفي

  كتب بتأريخ :  الخميس 20-04-2023     عدد القراء :  591       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced