الأسباب التي استندت إليها ثورة ١٤ تموز
بقلم : زهير كاظم عبود
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تراكمت المواقف والسياسات التي انتهجتها حكومات العهد الملكي، وتوسعت المعاناة التي كانت تعانيها الطبقات المسحوقة في المجتمع العراقي، وتم تضييق الخناق على الحركات السياسية الوطنية، وبالتالي اغلاق وتعطيل منافذ الحرية واسس وقواعد المجتمع المدني التي نص عليها الدستور، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الخانق الذي كان يعاني منه الفلاحون والعمال بشكل خاص، والطبقة المتوسطة بشكل عام، بالتزامن مع حالة التذمر التي كانت تعاني منها القوات المسلحة والشرطة والموظفون، مع عوامل أخرى أدت بالنتيجة إلى تأجيج حالة المعارضة والتطلع إلى وسائل وسبل التغيير الشامل الذي يعتمد على النضوج السياسي والفكري لعدد من الأحزاب الوطنية وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي، للاندفاع إلى تحقيق الرغبة العارمة التي يتطلع لها المواطن العراقي مهما اختلفت قوميته او ديانته او فكره السياسي، لتصبح حالة المطالبة بالتغيير موقفا وطنيا ملحا، وما جعل هذا الهدف متينا وراسخا المواقف التي انسجمت بها بعض الأحزاب التي شكلت تحالفاتها في اطار جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت في العام ١٩٥٧ والتي شكلتها ٤ أحزاب وطنية (الحزب الشيوعي وحزب البعث وحزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي) دليلا على توحد الهدف الاسمى وتقارب المواقف السياسية.

كانت الأجهزة الأمنية والمحاكم العرفية والاحكام الجائرة والقوانين الرجعية تدل على انحسار الحريات وعدم الاستماع لصوت الشعب، والاستخفاف بالحركات السياسية، كما ان إصرار الطبقة الحاكمة على تقييد العراق بمعاهدات مع الدول الاستعمارية تخل بمفهوم السيادة والمصلحة الوطنية، واتساع فجوة الفوارق الطبقية وخصوصا بين الاقطاعيين والفلاحين، وانتشار البطالة والفقر والعوز نتيجة السياسة الاقتصادية الفاشلة، وكانت حالة الرفض التي يعبر عنها الشارع العراق بالتظاهر السلمي يواجه بأساليب همجية وجائرة وقمعية، وبين الحكام في العهد الملكي بشكل عام تمسكهم بتجاوز الفصل بين السلطات والتعدي على القضاء، واللجوء إلى المحاكم الاستثنائية والخاصة لإصدار قرارات الحكم التي لا سند لها في القانون.

إن حالة الاستبداد واللجوء إلى العنف واستعمال أساليب غير قانونية في تعذيب المواطنين، واطلاق يد التحقيقات الجنائية لتمارس دورا بشعا وغاية في الخسة في ملاحقة الوطنيين وسلوك وسيلة النفي إلى مناطق نائية وبعيدة، واسقاط الجنسية كرد فعل لمواقف سياسية وطنية عن بعض الشخصيات، وتلك الاحكام الجائرة والبعيدة عن التطبيق القانوني السليم التي يصدرها بعض العسكريين المقربين من النظام ودون ان يتم توفير جميع الفرص التي يلزم القانون توفيرها للمتهم، واستعمال الأسلحة النارية في معالجة التظاهرات واصابة عدد من المواطنين واستشهاد بعض منهم.

العوامل الأساسية التي دفعت الشعب للتفكير بالثورة او التمكن من تغيير نظام الحكم دفعت بعض الشخصيات الوطنية من أبناء القوات المسلحة لتنفيذ هذا التغيير، والقوات المسلحة لم تكن بعيدة عن الاحداث والمعاناة التي يعانيها الشعب، وما تشكيل خلايا الضباط الاحرار الا تعبير أكيد عن تلك المواقف التي انحاز بها ضباط الجيش العراقي إلى صفوف أبناء العراق المدنيين، من الذين عقدوا العزم على اجراء التغيير الجذري لنظام الحكم الملكي، ومن ثم تحويل تلك الانتفاضة العسكرية إلى ثورة اجتماعية تتناسب مع الواقع العراقي وقيام الجمهورية الأولى.

اعتمدت أجهزة النظام الملكي بشكل عام على دور أجهزة التحريات الجنائية والاستخبارات، وعلى قوة وقسوة وقابلية الاقطاع في القمع، وعلى إثر ذلك توضحت للمتابع تلك الفجوة التي توسعت بين السلطة الملكية وبين الشعب، اعتمادا على مبدأ عدم مسؤولية الملك والوصي التي ينص عليها الدستور، إلا ان حالة الوعي والمتابعة الدقيقة للقوى السياسية الوطنية خلق هذا النهج الذي قلب المعادلة وأسقط بيد النظام الملكي، ملبيا الحاجة التي كان الشعب يتطلع اليها ويؤيدها ويحميها. ابتعد النظام الملكي عن نصوص القانون الأساس (الدستور) فلجأ إلى القوانين والتشريعات التي تقمع الحرية وتلغي الديمقراطية، معتمدا على هياكل كارتونية متمثلة بمجلس النواب دون أي اعتبار لإرادة الناس، ولا يمكن للمتابع ان ينسى دور النظام الملكي في تزييف وتزوير الانتخابات، وتعطيل عمل الأحزاب الوطنية المعارضة للسلطة، وغلق الصحف الوطنية المعارضة، والقيام بحملات الاعتقال وانتهاك حرمة المساكن، وابتكار سجون ومعتقلات تحت ظروف مناخية وجغرافية معقدة، واللجوء إلى الفصل والطرد من الوظائف والاعمال،واعتماد المجالس العرفية بديلا عن المحاكم لإصدار الاحكام القاسية بحق العراقيين،و استمرار الحملات الإعلامية التي تحارب الأنظمة الوطنية في المنطقة، والارتباط مع بريطانيا بمعاهدات تقيد سيادة وحرية العراق.

وبقي النظام الملكي معتمدا على المؤسسة القمعية، ومعتقدا ان تحالفاته مع بريطانيا كفيلة بحمايته، دون ان تدرك ان تلك الممارسات تدفع بها إلى الهاوية وتضعف من موقفها وتحقق بالتالي مطلب العراقيين بأحداث التغيير الجذري الذي يلبي مصالح المجتمع العراقي عموما ويتجاوز السلبيات التي نهجها النظام الملكي، واعتماد الديمقراطية والحريات التي تتناسب مع واقع حال العراق، وتدفع بالحياة السياسية إلى التمسك بمنهج الدولة المدنية.

  كتب بتأريخ :  السبت 15-07-2023     عدد القراء :  474       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced