لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان ذلك جيل الاجتهاد والبناء والذمة والخوف من محاسبة الضمير، جيل آمن بأن العراق لوحة كريستال جميلة، إذا فقد جزءاً منه فقد مبرر وجوده وتناثر.
أتذكر الشبيبي وانا اشاهد رجل دين يطلب من الناس أن تصمت أمام الفساد وسرقة المال العام ، حيث خرج علينا السيد رشيد الحسيني في واحدة من خطبه ليقول بالحرف الواحد " أيهما أولى أن نعيش في فساد أم في الفوضى .. أيهما أولى الفساد خلي فساد ، اليسرق خلي يسرق ، بس آني أعرف وين أطلع وين أدخل ، كيف أتعامل " وأتمنى أن لا يعتقد البعض أنني أتجنى على السيد الحسيني فالخطبة موجودة على اليوتيوب .. إذن يريد منا السيد الحسيني أن نرضى بالفساد ، لأننا لو رفضنا ستحدث الفوضى ، وان نرضى بما مقسوم، ، فهذا وجسب راي الحسيني أفضل وأحسن من المجهول الذي لم يحذرنا منه .
هل اكتفى السيد رشيد الحسيني بذلك ، بالتأكيد لا ، فالرجل يشعر بالزهو عندما يقول إن زواج الشاب السني من الفتاة الشيعية لايجوز ،.. ولم يكتف بذلك بل أخبرنا أن حديثه هذا غير طائفي .
ولأن السيد رشيد الحسيني منذور لمهمة إهانة العراقيين والسخرية منهم فقد خرج يشتم المعترضين على تعديلات قانون الأحوال الشخصية ويصفهم بأنهم :" لا قيمة لهم ولا تاريخ لهم ، ولا دين لهم " والسيد الحسيني الذي يفترض به أن يختار ألفاظه بعناية وأن يكون نموذجاً للتسامج والمحبة ، أصر أن يصف المختلفين معه بأنهم كفرة " لا دينيين " ، وهم برأيه مجموعة من " الفاسدات والفاسدين " تخيل رجل دين يخوض بأعراض النساء . وذهب الامر بالسيد رشيد الحسيني الذي تصور نفسه حاكماً مطلقاً للعراق بأن هدد مجلس النواب : أما تقرّون التعديلات وإلا .
السيد الحسيني إن الخطاب الديني الحقيقي يفرض عليك أن تقرأ جيداً سيرة الإمام علي " ع " ، وتتوقف عند قصته هذا الامام العظيم مع الحق والعدل، فقد كان معارضوه يتجاوزون عليه إلى حدّ شتمه فلا يبطش بهم ولا يمنع عنهم المال، لأنه يرى أنّ الخلاف أمر شخصي بينه وبينهم، وما بيده من حكم ليس سلطة يقاضي بها مخالفيه في الرأي، ولكنه يقاضي بها أعداء الناس والفاسدين ، فمهمّته إقامة الحق ودفع الباطل، يقول لابن عباس: "هذه النعل أحب إلي من إمارتكم هذه، إلا أن أقيم حقًا أو أدفع باطلًا" .