منذ أسابيع وعدد من النواب ومعهم مجموعة من الخطباء ورجال الدين مشغولون بتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي سيضع العراق على قائمة الدول المتقدمة صناعياً واقتصادياً .. في الوقت نفسه صمت الجميع على قرار مجلس النواب بزيادة رواتبه أعضائه ومخصصاتهم ..فالأمر لا يستحق كل هذه الضجة .. والنواب مساكين يعانون من تكاليف العيش ، ويحتاجون إلى " تاهوات " جديدة .. ولأننا جميعاً غارقون في تهديدات السيد رشيد الحسيني ، والسر الخطير الذي سيعلنه مشعان الجبوري قريباً .. والبعض مهموم بالدفاع عن الفاسدين .. لم يتوقف الكثير من النواب أمام المشاكل التي يتعرض لها العراقيون كل يوم .. والأخطر من ذلك أن الناس لم تغضب .. وكأننا جميعاً أصابنا عطب مزمن بالضمير والأخلاق والأهم بمسؤوليتنا تجاه هذا الوطن .. اليوم نرى من يعتقد أن إقرار تعديلات قانون الأحوال الشخصية أهم من معالجة البطالة والفقر في المحافظات والمخدرات التي تنتشر بسرعة الصاروخ .. واستشراء الفساد ..وتفشي المحسوبية والانتهازية واللصوصية .
يدفعنا السياسيون في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب، هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس؟.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم أو حتى الأمل؟.. قال ديغول لوزير ثقافته مالرو "هل تذكر جملة البابا الشهيرة؟ الفرنسيون لا يحبون فرنسا" لا يمكن بناء وطن لا يؤمن أهله به ولا يثقون بغده، أو بغد أبنائهم.. وهذه الثقة لا يمنحها سوى سياسيين نزهاء وصالحين.في بلاد الرافدين قتلت دكتورة شابة اسمها رهام يعقوب ذنبها الوحيد أنها شاركت في احتجاجات ضد الفساد المالي والإداري ، وبعد مقتلها خرجت علينا بعض الصفحات الممولة لتنهش في سمعتها .
منذ أيام وبلاد السيخ الهند تغلي ليس من أجل عيون النواب أو المسؤولين ولا دفاعاً عن قوانين طائفية ، وإنما دفاعاً عن طبيبة قتلت بطريقة وحشية .. ففي آخر الأخبار أعلن مليون طبيب هندي حالة الإضراب العام ، مطالبين بإجراءات حكومية لجعل النساء يعشن بمجتمع آمن.. في بلاد الهند لايزال رئيس الوزراء يقدم كل يوم اعتذاراً رسمياً للمتظاهرين، وفي بلاد الخطباء وامتيازات النواب خرج رجل دين ليطالب برجم نساء وشباب جريمتهم أنهم اختلفوا معه في الرأي،
في بلاد الهند الحكومة تتحمل المسؤولية الأخلاقية عن ما تعرضت له الطبيبة .. بينما في بلاد الشراكة الوطنية نقرأ عن عشرات حالات القتل لأطباء ، فيما تنتشر الفيديوهات العشائرية التي يعلن أصحابها تهديداً علنياً للأطباء .
وهكذا هي صحوة الضمير في بلاد " السيخ الهند " أما في بلاد العشائر والطوائف .. فقد شاهدنا كيف تحول تحول وزراء الى اصحاب امبراطوؤيات مالية .