القمع الوحشي لا يكسر أصحاب الحقوق
بقلم : جاسم الحلفي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تبقى سياسة قمع المتظاهرين السلميين تتوالى فصولاً، كاشفةً الوجه القاسي لطغمة الحكم التي تتعامل مع المطالب المشروعة وكأنها جرائم. ولعل أحدث فصول هذا القمع ما شهدته بغداد في خضم احتجاجات خريجي كليات طب الأسنان والصيدلة والمهن الصحية امس الاول الثلاثاء، 3 ايلول 2024، حين خرج هؤلاء الشباب مطالبين بحقهم المشروع في العمل، الذي يضمن لهم حياة كريمة.

المطلب الذي حملوه لم تكن غايته سوى تأمين فرصة تضمن لهم الكرامة، وهو مطلب أساسي في أي مجتمع سليم. لكن، وكما تجري الامور في عراق اليوم، جاءت ردة فعل الطغمة عنيفة، اذ استخدمت العنف المفرط لا لمجرد تفريقهم، بل وللتنكيل بهم. حيث لجأت القوات الأمنية إلى الضرب القاسي واستخدام خراطيم المياه الحارة. وهذا الأسلوب القمعي لم يكن أولا من نوعه، ولن يكون الأخير، وهو يؤكد لنا أن الطغمة تتعامل مع المطالب الشعبية بعنف الوحوش، بدلاً من تقديم حلول واقعية للشباب الخريجين، وانها تستمر في نهجٍ يزيد من حدة الاحتقان الشعبي.

البطالة في العراق ليست مجرد أزمة عابرة، إنها مشكلة هيكلية تفاقمت نتيجة الاعتماد على الاقتصاد الريعي. فبلدنا يعتمد اقتصاده بشكل شبه كامل على عائدات النفط، بينما يغيب الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية وبدعمها: الزراعة والصناعة اللتين يمكن أن توفرا فرص عمل للشباب. مقابل النموذج الاقتصادي الفاشل الذي تنتهجه طغمة الحكم، والذي لم يوفر للشباب العراقي أي أمل في مستقبل أفضل.

وعوضاً عن إصلاح النظام الاقتصادي تلجأ السلطة إلى أساليب القمع، وكأن البطالة ليست الشرارة التي يمكن ان تزعزع استقرار النظام بأسره.

إن حق العمل ليس ترفاً أو منحة، بل هو حق إنساني أساسي كفلته القوانين الدولية والدستور العراقي. وعندما تتجاهل السلطة هذا الحق، فإنها تضيف إلى مطالب الشعب تأمين الكرامة والحرية. ولا يمكن لأي نظام أن يستمر في قمع المطالب المشروعة دون أن يواجه غضباً شعبياً متزايداً. والشاب العراقي يدرك جيداً أن البطالة ليست مجرد مشكلة شخصية، بل هي نتيجة لسياسات فاشلة وممارسات قمعية.

وضمن هذا الصعيد يطفو نفاق السياسيين على السطح، عندما نسمعهم يتحدثون عن استحالة توفير فرص عمل للشباب الخريجين العاطلين، فيما هم يضمنون لأبنائهم وظائف مرموقة في أهم الوزارات والمؤسسات. وهذا الازدواج في المعايير يزيد من الشعور بالظلم في الشارع العراقي، ويغذي الغضب الذي يشتعل يوماً بعد يوم.

وكيف يمكن للشباب أن يثقوا في منظومة حكم  تكرس الولاءات والمحسوبيات، على حساب الكفاءة والجدارة؟

أبدا لن يكون القمع حلاً لهذه الأزمات المتراكمة، وفي كل مرة تستخدم فيها السلطة العنف لقمع احتجاجات سلمية، تقترب خطوة نحو مواجهة أكبر مع الشعب. فالبطالة أزمة حقيقية، والاقتصاد الريعي لن يستوعب المزيد من العاطلين عن العمل. إنما بناء اقتصاد عراقي قادر على استيعاب الشباب، هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة.

في نهاية المطاف، ستجد هذه السلطة نفسها محاصرة بأزمة البطالة المتفاقمة، وستواجه غضباً لا يمكن احتواؤه بالقمع. هؤلاء الشباب الذين خرجوا اليوم يطالبون بحقهم في العمل، سيطالبون غداً بتغيير النظام الذي يحرمهم من أبسط حقوقهم.

فالقمع لن يؤجل التغيير، بل سيكون واسطة لتقريب ساعته.

طريق الشعب

  كتب بتأريخ :  الخميس 05-09-2024     عدد القراء :  45       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced