بالرغم من ندرة من يحاول ان يصبح حقا تدريسيا باحثا وعالما متميزا في هذه الايام بسبب هيمنة الفساد الاكاديمي والنشر السريع الذي تحتضنه مصانع الاوراق والسعي الحثيث للترقية العلمية باسرع واسهل الوسائل، لكني اعتقد بوجود شريحة من الاكاديميين لم تفسدهم الاغراءت المادية ولا الضغوطات الوزارية والجامعية وبقوا يحاولون بلوغ اعلى هرم الصرح العلمي النزيه. لهؤلاء اوجه لهم بعض النصائح.
وقد تبدو هذه النصائح مثالية وأحلاما بعيدة المنال في مجتمعنا الأكاديمي، لكنني اؤمن بأهمية التذكير بها لاصلاح ما افسده الدهر. التمسك بالمثل العليا يعزز نزاهة العملية الأكاديمية ويضمن مخرجات علمية ذات قيمة. رغم الصعوبات، يجب ان يبقى الأمل في التغيير حاضرا، لأن كل خطوة صغيرة نحو المثالية تساهم في بناء مجتمع أكاديمي أكثر شفافية وعدالة. التذكير بهذه القيم ضرورة ملحة لضمان بيئة اكاديمية صحية للأجيال القادمة.
لتصبح باحثا وعالماً بارزا، يمكنك اتباع مجموعة من الخطوات المهمة التالية:
اخلاص النية: اجعل هدفك الأساسي هو خدمة العلم والمجتمع، وليس فقط تحقيق الشهرة أو الترقية او الوظيفة. لا تشارك الاخرين بالفساد واهتم بطلابك واعمل على تحسين مستوياتهم العلمية واخلاقياتهم.
البحث العلمي: انخرط دائما في البحث العلمي الحقيقي وكن على مسافة كبيرة من الافساد الذي يمكن ان يمارسه اقرانك او تشجعه جامعتك كالمشاركة في ما يسمى بالتعاون العلمي العالمي والذي هو بالحقيقة الاسم البديل لمصانع الاوراق.
التخصص: ابق في مجال تخصصك واهتمامك البحثي في موضوع دقيق جدا ولا تحيد عنه لمجرد انك ترغب في نشر اكبر عدد من الاوراق، بل اجعل هدفك التعمق في الاختصاص لمصلحة طلابك وجامعتك.
التواصل مع العلماء: تواصل مع العلماء الاخرين خصوصا في الدول المتطورة وتعلم من تجاربهم. والتواصل هنا ليس بمعنى مجرد نشر الاوراق المشتركة.
النشر العلمي: انشر ابحاثك في مجلات علمية حقيقية مرموقة، مجانية بالاساس، واذا لم تستطع فاحجب عن النشر فالله لا يكلف نفسا الا وسعها.
التطوير المستمر: لا تتوقف عن التعلم والتطوير وتحسين مهاراتك وتقنياتك العلمية، سواء من خلال الدورات التدريبية أو القراءة المستمرة.
الأخلاق العلمية: التزم بالأخلاق العلمية وتجنب اي ممارسات غير اخلاقية مثل سرقة الأبحاث أو التلاعب بالبيانات، واضرب المثال بالاعمال النزيهة.
هذا هو السبيل لتقدم بلداننا وانتصارها في مسيرة العلم والتكنولوجيا. لقد اختبرنا هذا النهج بأنفسنا، وكذلك فعل معظم زملائنا من العلماء في الدول المتقدمة. ان الاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجي ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار. من خلال تعزيز الابتكار وتبني التقنيات الحديثة، يمكننا مواجهة التحديات المعاصرة وبناء مستقبل اكثر اشراقا لأجيالنا القادمة.