كما هو الحال في كل عام، يشهد العالم والعراق انطلاق حملات الـ16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على أساس التمييز ضد النساء والفتيات، وهي حملات عالمية تستهدف تُذكيّرنا بأن العنف ضد المرأة، قضيّة من قضايّا حقوق الإنسان. الاّ إن فترة ستة عشر يوماً لن تكون العصا السحرية، التي يمكن بها إنهاء العنف الموجه ضد النساء، لاسيما وإن المؤشرات تكشف لنا عن ظروف مخيفة تعيشها النساء والفتيات.
وقد بات معروفاً ازدياد العنف في زمن الأزمات، مما يستدعي تفعيل برامج التوعية ضد جميع أشكاله، والاهتمام بتقديم الخدمات لمساعدة الناجيات منه ودعمهن للوصول إلى حقوقهن، حتى يدركنّ بأنهّن لسّن وحيدات في المواجهة. وتبقى هذه الفعاليات في الحقيقة مرهونة بعدة عوامل، كتوفر الارادة السياسية وبناء شراكات فعالة، تعزز من مشاركة المرأة في تطوير الخطط والاستراتيجيات الداعمة للحماية من العنف وصولا للوقاية منه.
إن العنف ضدّ النساء مرض بل هو وباء منتشر في العالم وداخل مجتمعنا العراقي، وقد بلغ مستويات مدمرة، حيث تؤكد التقارير الدولية على أن 735 إلى 800 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم، يتعرضّن للعنف الجسدي والنفسي والاعتداء والتحرش الجنسي، وهذه الأشكال المختلفة من الإساءة، شديدة الضرر بالنساء.
ولما كان للجميع الحق في الحصول على المساعدة والدعم النفسي والاجتماعي والمأوى الآمن والدعم القانوني، فإن مشكلة أرتفاع معدلات العنف، تضعنا أمام مسؤولية إيجاد شراكات قوية وحقيقية وتشريع قوانين وتشريعات تجّرم وتحاسب مسبّبي العنف وتضع حداً له، وإتخاذ قرارات هامة واجراءات داعمة لأنشاء وتأهيل وتأمين المساحات الآمنة للمعنّفات ومراكز الخدمات، والتواصل والارشاد لهّن ولجميع افراد المجتمع.
إن القضاء على هذه الآفة أو على الأقل تحجيمها، يتطلب تعليم وتثقيف الأجيال القادمة أهمية الدفاع عن النساء والفتيات واحترامهّن، واعتبار ذلك أولوية في غاية الأهمية، فالتعليم المبكر الفعال يمكن أن يساهم في منع العنف، ويساعد جميع السلطات على تهيئة بيئة تحترم حرية التعبير وتكافح خطاب الكراهية والعنف ضد النساء والفتيات، ويلعب دوراً في مساهمة المجتمع بتقديم الخدمات الأساسية للضحايا والناجيات عبر قطاعات الشرطة والعدالة والصحة وغيرها، وإتاحة التمويل الكافي للجهود المبذولة في مجال حقوق المرأة، ليتسنى لها التعبير عن آرائها بشأن التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي تنتمي إليها، ويكون لها الدور الواضح في تحقيق العدالة والتنمية المستدامة.
طريق الشعب