|
|
|
|
حمى الانتخابات ونسيان مشكلات الطفولة في العراق.. وتقرير بيع الأطفال
|
|
|
في فترة الانتخابات يفترض أن يزداد اهتمام المرشحين بمشكلات الشعب والفئات المنتجة والكادحة والفقيرة والعاطلة عن العمل , إذ أن هذه الفئات تشكل الغالبية العظمى من سكان العراق, ليكسبوا ودهم ويدفعوا بقضاياهم إلى المقدمة لتوعية الناس بواقع تلك المشكلات وسبل معالجتها. ثم يواصلوا ذلك في الدورة النيابية.
ولكن خلاف هذه القاعدة العامة ما يجري اليوم في العراق, فالكثير من القوى والأحزاب السياسية والقوائم الكبيرة التي تخوض الانتخابات تخلت عن هذه القاعدة وراح البعض الغني منهم أو من اغتنى بأموال الدولة أو دول الجوار أو غيرهم ممن يوزع الهدايا الثمينة ابتداء من المسدسات والساعات الثمينة ومروراً بالمدفئات والبطانيات والملابس النسائية الداخلية والعباءات أو غيرها بأمل كسب أو شراء أصوات الناس وليس بالتزام قضاياهم العادلة والدفاع عنها والنضال من أجل تحقيقها وتعبئة الناس حولها وزيادة الوعي بها.
ومنهم من ندر ووجد في مجلس النواب حتى وصل غياب البعض أكثر من 75% من مجموع جلسات مجلس النواب في الدورة التي ستنتهي قريباً. ولكن هذا لا يعني أن الجميع يمارس ذلك أو تغيب بهذه الصورة البشعة, بل هناك حقاً من حمل ويحمل على عاتقه طرح هذه المشكلات والتنوير بها لحمل الناس على النضال من اجل معالجتها, رغم أنه لا يملك المال الكافي للدعاية الانتخابية.
واحدة من تلك المشاكل الكبيرة التي تواجه الدولة والمجتمع العراقي وكل حكومة راهنة أو قادمة هي مشكلة الطفولة العراقية. حرم الطفل من العناية, عانى الأمرين في فترات الحروب المنصرمة ومن الحصار الاقتصادي ومن سياسات النظام الدكتاتوري المغرقة في العداء للإنسان. غاب عن الصفوف الدراسية والتسكع في الشوارع يجمع أعقاب السجاير أو يبيع العلكة وقناني الماء أو يمتص السم من الأكياس البلاستيكية. من بين تلك المشكلات اختطاف الأطفال وابتزاز عائلاتهم للحصول على المال, أو قتلهم وأخذ الأجزاء المناسبة منهم ودفنهم , أو بيع الأطفال في سوق النخاسة أو استخدامهم في الاغتصاب الجنسي.
لم يكن العراق خال من هذه الحالات على امتداد تاريخ العراق الحديث, أي منذ تشكيل الدولة العراقية الملكية. كان يحصل هذا وكانت العائلات تنبه أطفالها من احتمال الاختطاف واستخدامهم لأغراض مختلفة. وحصل هذا في الفترات اللاحقة وخاصة في فترة الحصار التي استمرت قرابة 13 عاماً كانت عجافاً حقاً, فحصل فيها ما حصل للأطفال الأبرياء من مرض وموت بسبب نقص المعالجة الطبية أو سوء الأوضاع الصحية أو نقص التغذية والمناعة ,,,الخ.
وبعد سقوط النظام تمنى الإنسان الذي ناضل ضد نظام البعث والدكتاتورية أن تنتهي تلك الفترة وتبدأ فترة جديدة تتطور تدريجاً لصالح الإنسان والأيتام والأرامل والمرضى والذين عانوا من اضطهاد وقهر النظام. ولكن وبعد مرور سبع سنوات عجاف جديدة, أضع أمام أنظار المسؤولين في العراق نص الخبر الذي وصلني بتاريخ 20/2/2010 عبر الإنترنيت:
"التلفاز السويدي يعرض تحقيقا حول سوق لبيع الاطفال العراقيين وسط بغداد
معلومات عن اطفال العراق
اثار التحقيق الصحفي الذي نشر على ست صفحات من اوسع واكبر الصحف السويدية انتشارا ووكالة الاخبار العالميه اكسبريس والذي ترجم الى اكثر من ١٢ لغه عالمية خلال الاربع والعشرين ساعه الماضية ضجة كبيرة في السويد.
واوضح التحقيق ان الصحفية السويدية (تيريس كرستينسون) وزميلها (توربيورن انديرسون) تخفيا في سيارة فولكس واكن برازيلية مهترئة ليتابعان عن كثب بالصورة والصوت السوق الكبير لبيع الاطفال الرضع والمراهقين وسط بغداد وهو الامر الذي أبكى القراء والمشاهدين من المجتمع السويدي لحظة نشره في الصحف والتلفاز السويدي!
واشار الصحفي ( انديرسون ) في تحقيقه ان فتاة عراقية ذات أربعة أعوام تباع وسط بغداد بمبلغ 500 دولار ، وهو المبلغ الذي لا يساوي قيمة الزهور الصناعية التي يضعها رئيس الجمهورية الحالي جلال الطلباني ا! . ثم يسترسل الصحفي وهو يقول " ان أطفال العراق تباع في سوق النخاسة ، وأرقام مخيفه عن عدد القتلى اليومي ، وأحزاب تنهب ما فوق الارض وتحتها وتقدم لشعب العراق رصاصة الموت تحت رغيف الديمقراطية .. جوع ووباء وسوء تغذية وتلوث بيئي وفوضى سياسية .. ويُقتل الإنسان بمبلغ لا يساوي قيمة قسيمة ملء الهاتف النقال " .
وأكد الصحفي السويدي في ختام تحقيقه ان تداعيات هذه القضية ستأخذ مداها على أفق مختلفة في الأيام القليلة المقبلة ، إذ أعلنت السويد فوراً عن فتح استقبال الأطفال العراقيين ممن يتعرضون لسوء المعاملة ومنحهم اللجوء مباشرة ، حيث يحق للطفل بعد الإقامة لم شمل ولي أمره". (انتهى الخبر ك. حبيب).
وجهت هذه الخبر إلى أكثر من صديق في العراق للتيقن من صحة الأمر. ومنهم الأخت الفاضلة المهندسة ميسون الدملوجي. قيل لي من أكثر من صديق أن الظاهرة موجودة ولكن ليس هناك سوق بهذا المعنى, وأنها ظاهرة كانت موجودة قبل ذاك وتفاقمت. ولكن هناك ما يكفي من القوانين الجيدة التي تحمي الطفولة العراقية حقاً, ولكن لا توجد آليات لتطبيق هذه القوانين!
أجزم بوجود قوانين جيدة ومطلع عليها عبر الدستور الجديد, ولكن ما فائدة الدستور الجيد والقوانين الجيدة حين لا توجد آليات للتنفيذ والرقابة على سبل تطبيق القوانين وحماية الطفولة من كل المجرمين الذين يتاجرون بالطفولة العراقية.
ولكن أليس من واجبنا أن نطالب الحكومة وهي المسؤولة عن الطفولة المعذبة في العراق أن تمارس دورها في هذا الصدد, أليس من حقنا أن نطالب جميع المرشحين للانتخابات بأن يضعوا بنوداً خاصة حول حقوق المرأة والطفولة في برامجهم الانتخابية, إن كانت للكثير منهم برامج انتخابية.
علينا أن لا نكتفي ببرنامج اتحاد الشعب أو برنامج السيدة المهندسة ميسون الدملوجي ومواقفها الممتازة في مجلة نون وفي البرلمان وخارجه, أو نشاط منظمة الأمل ورئيستها هناء أدور أو منظمة رعاية الأرامل في العراق ورئيستها سلمى جبو, أو السيدة الوزيرة نرمين عثمان أو المرشحة في قائمة اتحاد الشعب السيدة شميران مروكل, بل أن نجعل الجميع, نساء ورجالاً, يطالب بها ويلتزم بوضع آليات تنفيذ تلك القوانين حين يفوز بالانتخابات ويراقب سير التنفيذ.
إن أطفالنا اليوم هو شباب المستقبل, وحين ينمو الأطفال في الأجواء الراهنة في العراق وما يواجهونه من مشكلات سوف لن يكونوا قادرين على النهوض بمهمات العراق الثقيلة القادمة. علينا أن نضع هذه الحقيقة أمام أعيننا حين نتوجه إلى صناديق الاقتراع لنتعرف من خلال البرامج على من وضع مشكلات وقضايا الشعب نصب عينيه, سواء أكان قائمة أم مرشحة أم مرشحاً للانتخابات, علينا أن نحكّم ضميرنا لصالح شعبنا, لصالح أطفال هذا الشعب ومستقبلهم ومستقبل العراق..
|
كتب بتأريخ : الإثنين 01-03-2010
عدد القراء : 2261
عدد التعليقات : 0 |
|
|
|
|
|
|
|
|
|