نصف براءة من الأحزاب الدينية
بقلم : عدنان حسين
العودة الى صفحة المقالات

في إثر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، مشت بقية المراجع في النجف، معلنين أنهم أيضا أغلقوا أبوابهم أمام الزوار السياسيين جميعا، إلى أن تنتهي انتخابات البرلمان العراقي، التي ستجرى الأحد المقبل، منعا لمساعي هؤلاء السياسيين، الشيعة خصوصا، من الظهور أمام الناخبين في صورة المرشح المقرّب الى المرجعية، والمنتخب منها سلفا.
هذا الموقف الصحيح الذي جاء متأخرا، هو في الواقع نصف إعلان من المرجعية بالبراءة من الأحزاب الدينية، والسياسيين الذين جعلوا من الدين مطية لأغراضهم الشخصية.
هذه البراءة المواربة ما كانت ستحصل لو لم تدرك المرجعيات الشيعية أنها قد أخطأت في السابق بإسباغها، في صورة من الصور، تلك القوى تبريكاتها، أو السكوت عن ادعائها بأنها قد نالت منها التبريك.
في انتخابات العام 2005 (للجمعية الوطنية في مطلع العام ولمجلس النواب في نهاية العام) انحازت مرجعيات النجف وكربلاء والكاظمية من دون حق إلى الأحزاب والائتلافات الشيعية التي مكّنها ذلك الانحياز من فرض هيمنتها على البرلمان والحكومة طيلة السنوات الخمس الماضية. وعلى مدى هذه السنوات لم تحقق هاتان المؤسستان اللتان توافرت لهما موارد مالية كبيرة، ما كان مطلوبا منهما وتعهّدا به، فالحكومة كان أداؤها متواضعا، إلا في مجال الفساد المالي والإداري، لسبب أساس هو أنها تشكلت وأدارت أعمالها على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية، وليس على أسس المهنية والكفاءة والوطنية. والبرلمان كان أداؤه أكثر تواضعا، فقد كان منبرا للمناكفات والمناكدات والمنابزات، ووسيلة للإثراء والحصول على المكاسب والامتيازات المالية أكثر منه مؤسسة تشرع القوانين التي يحتاجها المجتمع وتراقب الأداء الحكومي.
لم يحقق البرلمان والحكومة الاختراقات التي تعهدا بها على صعيد الحاجات الأساسية للشعب العراقي: الأمن والخدمات والإعمار والمساواة ومكافحة الفساد المالي والإداري. ولأن أغلب أعضاء البرلمان والحكومة حرصوا على أن يتصرفوا، باعتبارهم الأبناء الشرعيين للمرجعية، فقد حُمّلت المرجعية عن حق بعض المسؤولية عما ارتكبه الأبناء غير الشرعيين.
ومن تحت عباءة المرجعية أيضا خرجت الميليشيات الطائفية (جيش المهدي وأمثاله) التي أشعلت نار حرب أهلية كان للقوات الأميركية وحدها الفضل في إخمادها.
في اختصار لم تنل المرجعية الشيعية من الأحزاب والميليشيات والسياسيين الذين اندسوا تحت عباءتها إلا ما يسيء إليها وينال من سمعتها ومكانتها.
الوزارات والمؤسسات التي تولاها قياديون وعناصر من الأحزاب الدينية، شيعية وسنية، هي الأقل إنجازا والأكثر فسادا طيلة السنوات الأربع المنصرمة.. المرجعية تعرف هذا جيدا، فهي مثلنا لديها عيون ترى وآذان تسمع، وقد نطق بعضها أخيرا بما رأى وسمع (آية الله بشير النجفي على وجه التحديد)، معبّرا عن المرارة التي يشعر بها الشعب العراقي تجاه حكم الأحزاب الدينية، ومنددا بفسادها وطائفيتها.
في السياسة أوساخ كثيرة، والمنخرطون فيها، لا بد أن تتسخ قمصانهم ودشاديشهم وجببهم.. وأنفسهم أيضا بعض الأحيان. والدين إذا اقترب من السياسة، أو زُجّ به في خضمها، لا بد أن تلحق به الأدران.
تسييس الدين ليس في مصلحة الدين، ولا في مصلحة السياسة.. والأهم أنه ليس في مصلحة الناس. وخيرا تفعل المرجعية الشيعية في العراق، إذا نأت بنفسها وبدينها عن السياسة وأوساخها، فهذا في مصلحتها وفي مصلحة الدين والسياسة.. وفي مصلحة الناس.
حسنا فعلت المرجعية بإغلاق أبوابها أمام السياسيين خلال فترة الحملة الانتخابية.. والأحسن أن تُبقي هذه الأبواب موصدة إلى الأبد في وجوه السياسيين الانتهازيين المتملقين الفَسَدة.

  كتب بتأريخ :  الخميس 04-03-2010     عدد القراء :  2057       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced