وداعا معلمتي وصديقتي احسان الملائكة
بقلم : وقار هاشم
العودة الى صفحة المقالات

في وقت يغرق فيه العراق دما ، وتنحسر الحياة الثقافية فيه الى ابعد الحدود.. ينطفيء فيه نجم طالما اضاء سماءه الثقافية والعلمية بهدوء وصمت لسنوات طوال.فقد رحلت عن عالمنا يوم الجمعة الماضي 23 نيسان، الاديبة،الكاتبة والمربية الفاضلة السيدة احسان الملائكة التي عاشت زاهدة في الشهرة والاضواء، باحثة ابدا عن كل ما هو جديد في العلم والادب على حد سواء.لقد عانت الحصار الثقافي بمرارة وكانت هديتها المفضلة والتي تسعدها لابعد الحدود هي حصولها على مطبوع او كتاب جديد.وعندما لم اجد وسيلة لمساعدتها في الحصول على مبتغاها صرت اقص لها المقالات المهمة من المجلات المختلفة باللغة الانجليزية وابعثها لها على شكل رسائل ، وكانت تعلق على ذلك بمقولتها الشهيرة لي :”انك تعرفين كيف تدخلين السعادة الى قلبي”، اتمنى فعلا انني فعلت ذلك.
كانت الاديبة الراحلة موسوعية الثقافة ، فمعلوماتها لا تقتصر على الادب والشعر وانما هي مترجمة من اللغتين الانجليزية والتركية ،لها معلومات غزيرة في الفن والرسم والموسيقى،كتبت النقد الفني والادبي،قرأت كل ما من شأنه زيادة معرفتها بالعالم.
وربما يعتقد البعض انها كغالبية عائلة الملائكة ، محافظة في فكرها . لقد كانت السيدة احسان متفتحة الذهن والفكر وداعية عنيدة من اجل حرية ومساواة المرأة.انها لم تنتم الى اي حزب سياسي غير انهاكانت تقدمية في نظرتها للعالم والمجتمع وما يحصل فيهما من متغيرات.كما كانت نموذجا ساطعا للنضال من اجل العلم والتعلم فبالرغم من تفوقها في دار المعلمين العالية ونجاحها المهني كمدرسة نموذجية في ارقى مدارس بغداد حتي تقاعدها، الاّ انها ظلت تطمح للدراسة فقد تقدمت بعد تقاعدها بطلب الدراسة في جامعة ادنبرة الاّ ان قطع العلاقات زمن النظام الصدامي مع انجلترا حال دون تحقيق حلمها مما دفعها للسفر الى استانبول والدراسة هناك والتعرف على تفاصيل الادب والشعر التركيين الامر الذي ساعدها على ترجمته للعربية.
ربطتني بالراحلة علاقة دامت ما يقارب الاربعين عاما. فبعد ان كانت مدرستي في المدرسة الاعدادية ، صارت صديقتي المفضلة التي الجأ اليها في كل صغيرة وكبيرة لحين رحيلها. فتحت لي بيتها ومكتبتها العامرة بالكتب القديمة والحديثة وبكل الاختصاصات. كنت اتحدث معها عن كل شيء. كنت اكتب لها ملخصا للكتب التي اقرأها وكل نشاط ثقافي او فني او موسيقي احضره.كنت ابعث لها صورا من كل سفرة اقوم بها لتشعر انها معي ، وكان ذلك يسعدها جدا. كنا نتحدث ونناقش احوال واوضاع الوطن، وبالرغم من اعتكافها في البيت وعدم خروجها منه لسنوات عديدة (الاّ عند الضرورة) الاّ انها كانت متابعة جيدة لكل ما يحدث فيه.
صديقتي الراحلة،لم تكن تكتب من اجل الشهرة ، كانت دؤبة ومتواصلة مع رسالتها بصمت . فقد ظلت تكتب الى أواخر ايامها وقبل مرضهاولعل القاريء يتذكر سلسلة كتابتها في صحيفة المدى واعدادها لمذكرات ويوميات شقيقتها الراحلة الشاعرة الكبيرة ، نازك الملائكة.ولها مؤلفات لم تطبع ولم تنشر بعد.
لم يلتفت اليها القائمون على الثقافة زمن نظام صدام ولا زمن ما بعده لان نوعيتها الفريدة لا تصلح للتطبيل ولا لطم الخدود ولا ان تكون داعية للتجهيل الذي صار منهجا في عراق اليوم.
لا اريد ان تكون سطوري هذه مرثية للفقيدة لانها لم تمت،فمؤلفاتهاتعيد الحياة فيها. ولانها ستبقى تعيش في داخلي ابدا....
وعزائي انها ستكون معي دائما.......

  كتب بتأريخ :  الإثنين 26-04-2010     عدد القراء :  2189       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced