بِمَ نبدأ ؟
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

لعل سؤال: بم نبدأ ؟ هو أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً في ظرفنا الراهن. ولابد أن الاجابة على هذا السؤال الخطير الشأن تتطلب، من بين أمور أخرى، تشخيص المهمات الأساسية وفقاً لأولويات مستلزمات كفاحنا ومتطلبات الواقع وآفاقه وضفاف آمالنا وغاياتنا الساميات.
وحتى لو اشتد أوار الصراع السياسي بين القوى المتنفذة، وشهدت أوضاع البلاد ولوحة الائتلافات تبدلات وتحولات حادة في اتجاهاتها، تبقى مهماتنا الأساسية، في الجوهر، ذاتها، ولكنها، بالطبع، تتكيف للجديد المختلف في الواقع، وتتبع الأساليب الملائمة لهذا الجديد.
ولكن بم نبدأ ؟ .. بالتقييم المتوازن لآخر تجاربنا، ونعني بها تجربة الانتخابات .. بنقد الذات، وتشخيص الواقع الموضوعي، وتدقيق سياستنا وأساليب عملنا وأوضاع منظماتنا وعمل رفاقنا، والمهمات الملموسة التي يقوم بها الجميع، ومتابعة التنفيذ المبدع لهذه المهمات.
ومن نافل القول إن المساعي الدؤوبة تتواصل على مختلف الصعد في إطار التقييم المتوازن لتجربتنا عبر التحليل النقدي لأسباب انتكاسنا، واستخلاص الدروس من تجربة غنية ومريرة، ورسم خطط التحدي عبر تشخيص وتطبيق المهمات الملموسة على نحو خلاق، في جولات الكفاح المقبلة، والسعي، بروح الاقتحام والأمل، الى تقييم القصور الذاتي والعائق الموضوعي.
وسنبقى، ونحن نسعى الى إعادة نظر دائمة في منهجنا النظري وسلوكنا التطبيقي، نعتبر "الخسارة" التي منينا بها "لحظة تحرير" من زاوية معينة، تعيدنا الى الينابيع، وتضع في أيادينا رايات جديدة تحملها أجيال جديدة لا نرتاب في أنها ستلتحق، على الدوام، بجيش الشيوعيين.
وفي سجالنا النقدي نتمسك بالموضوعية في التحليل، بعيداً عن الخشية من تشخيص إخفاقاتنا من ناحية، والمبالغة في جلد الذات من ناحية ثانية، حتى يمكننا هذا النمط من التفكير العقلاني من الوصول الى الحقيقة، وحتى يمكن لهذه الحقيقة أن توصلنا الى الناس، وهم سياجنا الحقيقي الذي به نحتمي، حيث نسعى الى اجتذابهم وتبصيرهم بواقعهم وتحفيزهم على المشاركة في تغيير هذا الواقع.
وفي غضون ذلك نعيد النظر، أيضاً، بسياستنا ومنهجنا الفكري والاعلامي والثقافي على النحو الذي يسهم إسهاماً فعالاً في معركتنا الاجتماعية.
ومادمنا نرى رؤية عميقة تلك الدروس المريرة والغنية التي قدمتها تجربة الانتخابات، فان هذا يعني أننا نرى حقيقة خسراننا شوطاً لا غير من أشواط تدعونا، على الدوام، لخوضها بروح التحدي والمسؤولية والأمل، ونحن ندرك واقعنا الجديد وإمكانياته المختلفة.
وفي هذا العمل يمارس المثال المضيء الذي يقدمه الشيوعي وسط الناس أعظم تأثير في تغييرهم وتغيير واقعهم. ولا ريب أن أسطع سمة من سمات هذا المثال واقعيته وقدرته، في الوقت ذاته، على الالهام لتغيير الواقع، عبر إقران القول بالفعل، وتجسيد القيم الأخلاقية الانسانية الرفيعة والثقافة الجمالية العميقة.
وفي هذه المهمات، وفي سواها، نعود، على الدوام، الى إرثنا الماركسي والتنويري الذي يقدم لنا خبرة حركتنا، فنطبقها على نحو واقعي مبدع. وتكتسب مقالة لينين اللامعة الموسومة (بم نبدأ ؟)، التي نشرها في صحيفة "إيسكرا" في أيار 1901، أهمية استثنائية في ظرفنا الراهن تستدعي منا دراستها واستيعاب الأفكار البرنامجية التي تضمنتها.
فقد قال لينين إن "الجماهير لن تتعلم ممارسة النضال السياسي ما لم نساعد على أن يربى قادة لهذا النضال ... وهؤلاء القادة لا يمكن أن يتربوا إلا على أساس تقديرهم، بصورة يومية منتظمة، لجميع وجوه حياتنا السياسية، لجميع محاولات الاحتجاج والنضال التي تقوم بها مختلف الطبقات في مختلف المناسبات".
ولعل من بين القضايا الأساسية التي عالجتها (بم نبدأ ؟) مسألة الدور الذي تمارسه الصحيفة في حياة الحزب، وهي "داعية ومعبيء ومنظم جماعي". فقد جاء في هذه المقالة أيضاً أنه "إذا ما استطعنا فعلاً أن نجعل اللجان والجماعات والحلقات المحلية جميعها أو بعضها أو معظمها تشترك اشتراكاً نشيطاً في العمل العام يصبح بامكاننا أن نصدر في المستقبل القريب جريدة أسبوعية توزع بصورة منتظمة في جميع أنحاء روسيا بعشرات الألوف من النسخ. وتصبح هذه الجريدة جزءاً من منفاخ حدادة هائل ينفخ في كل شرارات النضال الطبقي والسخط الشعبي ويجعل منها حريقاً هائلاً. وحول هذا العمل، الذي هو بريء جداً وصغير جداً بحد ذاته، ولكنه منتظم وعام بكل معنى الكلمة، يتعبأ بصورة منتظمة ويتعلم جيش دائم من مناضلين مجربين ... يقفون على رأس الجيش المعبأ ويستنهضون الشعب كله للاقتصاص من وصمة العار واللعنة الجاثمتين على صدر روسيا ... هذا ما ينبغي لنا أن نحلم به !".
* * *
يتعين علينا، إذن، ومن بين مهمات كثيرة وجليلة أخرى، أن نعود الى ينابيعنا، لنستلهم من هذا الارث معرفة وخبرة لا غنى عنهما. ولكننا إذ نمارس هذه العودة، نقوم، في الوقت ذاته، باعادة نظر نقدية دائمة، ونمضي، كذلك، في مهماتنا الملحة وبالأساليب المثمرة .. وإذا ما أغلقت أمامنا أبواب برلمان أو حكومة، فلا ينبغي لخسران "الكراسي" أن يعوقنا عن خوض التحدي، بل إن هذا التحدي يعطي ثماراً أعظم عندما يكون وسط الناس، والكادحين منهم على وجه الخصوص.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 10-05-2010     عدد القراء :  2064       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced