تأملات في تأملات الكاتب رضا الظاهر
بقلم : هادي الخزاعي
العودة الى صفحة المقالات

في "حرية النقد " وتدقيق الخطاب السياسي )

ما له علاقة بالوعي وتطوره لدى الأنسان ، يرتبط أولا بالتأمل والأستقراء للظواهر ـ سواء كانت أجتماعية أو سياسية أو طبيعية أو أي ظاهرة أخرى ـ ومن ثم يأتي دور الأستنتاج ثانيا .
وعلى ضوء ذلك الأستنتاج يرسم الأنسان ـ او الحزب السياسي أو الحلقة المتأملة لهذه الظاهرة او تلك ـ خارطة ما يجب عمله ليتوائم مع صيرورة الجديد الذي يتشكل في رحم الظاهرة لتلده كينونة تتمتع ، إما بالقبول او عدمه ، وفي كلتا الحالتين فأن التأمل وما يترتب عليه ، فأنما هي من الظواهر الصحية في مسيرة الوعي الأنساني ، سيما إذا كان مطبوعا بالأختلاف وليس الخلاف في حضرة الرأي والرأي الآخر .

وقد تأملت في التأملات الأخيرة للعزيز رضا الظاهر (في حرية النقد وتدقيق الخطاب السياسي ) التي يكتبها اسبوعيا في جريدة طريق الشعب الغراء كي أخرج بخلاصة او استنتاج يعينني على ما يتوجب عليَ ان أقبله أو أرفضه من ظاهرة الكتابات أو الملاحظات النقدية للحزب الشيوعي العراقي ، تلك التي يتوجه بها البعض ـ كثروا ام قلوا ، وبحسن نية أو بِغِل ـ ولكنها تبقى في إطار الرأي والرأي الآخر الذي يجب ان يحترم .

ومن نافلة القول أني لا أخفي انحيازي لما يكتبه العزيز الظاهر سواءاً تأملاته السياسية (طبعتها دار الرواد المزدهرة في أربعة أجزاء) او كتاباته الأخرى غير السياسية ، وذلك لتمتعه برجاحة فكرية معمدة بتأريخ مهني طويل في مجال الثقافة والكتابة الصحفية ، وأيضا لما يوجد من مقتربات عديده تربطني به ، فكرية كانت ام ذات صلة بالتأريخ والمعرفة الشخصية . لذا فأني لا احس بالحرج عندما أعلن أنحيازي له ولكتاباته المتنوعة التي لم يفتني من قراءتها شيء تقريبا .

لقد استوقفتني في تأمل الظاهر العزيز (في حرية النقد وتدقيق الخطاب السياسي) تلك المقدمة أو المدخل الذي خص به موقفه من حرية النقد . أو بالأحرى موقفه الرافض والشاتم لأصحاب حرية النقد ـ وهي ممارسه مكفولة الحق أفتراضا ـ حين تتوجه ملاحظاتهم او كتاباتهم النقدية الى الحزب الشيوعي العراقي .
فبلا أي مقدمه مجزية كما هو عهدنا في كتابات الظاهر ، نطالع بخلطة اوصاف تستهتر بكل أصحاب من كتبوا ملاحظاتهم عن أداء الحزب الشيوعي العراقي ، خصوصا بعد فشل قائمة إتحاد الشعب في الأنتخابات الأخيره وما قبلها ، دون ان يضع سقفا او فاصلا بين من كتب بغل على الحزب وقيادته كأفراد ، وبين من كتب بحسن نية عن الحزب وقيادته كجماعة . فحين يفتقد السياسي او المفكر للأداة التي تفلتر ما يقوله كي يبدو ما يقوله ، او يكتبه خاليا من تعميم يجرح الآخر ، يكون هذا السياسي او المفكر مصابا بعطب في بوصلته . وأنتهز الفرصة لأتمنى لبوصلة الظاهر ان تبقى سليمة دوما كما عهدتها وعهدته .

أقلب الأوراق لأعود الى تأملات سابقة للعزيز الظاهر ( في مديح الذات ) التي كتبها قبل ثلاثة اشهر . فقد قال في جزء من مقدمة تلك التأملات :
".... نحن نساجل أنفسنا ، ونساجل الحريصين المختلفين معنا ، والمتسمين ، مثلنا ، بالأنفتاح وروح الحوار وتقبل النقد .. نساجل اولئك الذين تصب نواياهم ومنطلقاتهم في مجرى مسيرة الحزب ، ولكننا او بعضنا ، نضيق ب " ليبراليتهم "، فنلجأ الى إطلاق توصيفات تبسيطية عليهم ، معتبرينهم مرة من ذوي " الأكتاف الرخوة "، وأخرى من ذوي " الأفكار الغريبة "، وهم ، في الغالب ، ساخطون على ظواهرنا السلبية وقصورنا الذاتي ، وحريصون على حزبنا.. علينا التخلص من " الحساسية " من الرأي الآخر المنتقد لسلوكنا ومواقفنا السياسية والفكرية ، وعدم الخوف من الأنفتاح على الآراء الأخرى ،والترحيب بها وفسح المجال لنشرها في صحافتنا في إطار تبادل الرأي المتحضر وقواعد النشر السليمة .. نساجل كماركسيين ، من أجل أن يتحول الفكر الى قوة مادية تسهم في التغيير الأجتماعي ."
في مقدمة ( في مديح الذات ) تلك ، حرص الظاهر على ان يضع الحد الفاصل ، بين من يكتب على ، وبين من يكتب عن ، وأشرَ بوجوب المساجلة مع من يكتب عن . مسجلا في ذلك عنوان أفتراضي لسمات تلك المساجلة المفترضه حيث كتب :
" ومن بين سمات هذا السجال أن يكون سجالا نبتعد فيه عن المواقف العصبوية المسبقة، والتزمت والأنغلاق والتفكير الرغائبي و" الأوهام " وننأى فيه عن ردود الأفعال المنفعلة في الموقف من الآراء المعارضة او المختلفة ."

وهنا أسأل العزيز الظاهر هل استجاب لخطابك السليم هذا احد في الحزب أو إعلامه كقناة توصل بين الحزب ومتابعي سياسته ، فنشر أي من الكتابات أو الآراء العامة المتعلقة بنقد الحزب على قصور أدائه أو تجاهل خطابه السياسي للأزمات الداخلية التي مر بها العراق كوطن ، ومعاناة المواطن العراقي المترتبة عن تلك الأزمات كشعب ، حتى بات الشعار السرمدي " وطن حر وشعب سعيد " ، لايعدو غير شعار تعتقله الخطابات الخجولة وصفحات إعلام الحزب الأكثر خجلا .
وأذا كانت لديك أية أجابة عن نشر ولو موضوع واحد على كثرتها فسأنزل عن بغلتي وأعترف بغفلتي ، إلا اللهم تأملاتك التي زخرت بالشتيمة على من يكتب أو يلاحظ في سياسة الحزب هفواتها الى جانب ما تنصح به ليكون الحزب مسيجا ضد النقد ، فهي الكتابة النقدية اليتيمة التي تنشر في الجريده .
ولا يفوتني هنا أن أٌذكِر بصرامة سياسة الجريدة ـ طريق الشعب وموقع الحزب الشيوعي العراقي الأكتروني ـ ومسطرتهما التي لآ تحتمل أي نقد أو تقييم ، إلا تأملاتك يا عزيزي رضا ! " وأرتباطا بسيادة ثقافة التخلف وتدني الوعي لابد من إعادة النظر بمحتوى وأسلوب عملنا الفكري والأعلامي والثقافي ..." تلك كانت واحدة من أفكارك الطموحه والتي جاءت ضمن كتابتك المتأملة (في "حرية النقد"وتدقيق الخطاب السياسي) . والله لو كتبها غيرك يا رضا لما وجدت لها طريقا للنشر حتى ـ لو بالواسطه ـ فالأبواب موصده بوجه اي كتابة نقدية عن الحزب او إعلامه في أعلام الحزب الشيوعي العراقي .
رب قائل يقول ـ وأنا كنت واحد منهم ـ : فليسلك الكاتب او الذي لديه ملاحظات نقدية ، الطرق التنظيمية في إيصال أفكاره . ولكن ماذا عن الذين ليس لديهم صلة بالتنظيم وكانت ملاحظاتهم أو كتاباتهم من النوع الذي اسميه اصطلاحا ( يكتب عن ) . أين يتجه حين لا يجد أي استجابة أو أذن تصغي لما يكتب عن الحزب ؟! ومساحات النشر الليبرالية ـ مع الأعتذار من العزيز رضا على المصطلح ـ مغرية وقد اصبحت في متناول الجميع !

وبالعودة الى مقدمة ( في حرية النقد ) يضع الظاهر كل من كتب عن الحزب في سلة واحدة مع من كتب عليه دون مراعاة لما أصرعليه ( في نقد الذات ) :
" نحن نساجل انفسنا ، ونساجل الحريصين المختلفين معنا ........إلخ إلخ"
فالظاهر حين فقست افكار الظاهر بشأن المساجلة قد شطب منها ، وجوب مع من يساجل الآنفة الذكر ، فرمى بطلقة الرحمة على الذين تأملوا أن يساجلوا من قبل الحزب أو إعلامه فقال ( في حرية النقد ) :
" بينما نمضي في المسيرنجد ، أحيانا ،ومن بين مجموعات متنوعة ، بعضا من " اصحاب الدكاكين " أو الصخابين ، من ضحايا الجزع واليأس
، المصابين بعمى الألوان ، والمولعين بالتشويش على حزب الشيوعيين، والأيحاء المغرض ، احادي النظرة ،بأنه عاجز عن تحريك الجماهير ، وقد اعتاد هؤلاء الحافضون ما نظم سلفا في ذاكرة معطوبة ، على أن يخرجوا ، كالساحر، من جعبتهم النصائح والأرشادات حول ما يجب على الحركة الجماهيرية فعله ، متوهمين وهم يتجاهلون الواقع وأمكانياته ، إن بوسعهم التأثيرفي الحركة الجماهيرية ، وإنما ما يتعين على الحركة نفسها أن تتبعه ."
أليس في ذلك كثير من الغرابة حين وضعت الجميع في سلة واحدة من جهة ومن جهة ثانية التناقض البين عن حديثك حول حركة الجماهير ( في مديح الذات ) الذي طلبت فيه من الحزب ونفسك اعادة النظر بأساليب العمل مع الجماهير ، وهذا يعني ان هناك خلل ما قد مارسه الحزب في فهم وأستيعاب وضع الجماهير إذ قلت :
" ... وأرتباطا بسيادة التخلف وتدني الوعي لابد من اعادة النظر بمحتوى وأسلوب عملنا الفكري والأعلامي والثقافي ، وهو عمل أساس في معركتنا الأجتماعية ....ألخ "
كيف نحتكم يا عزيزي رضا ، وانت تقر هنا بجهلك والحزب للواقع الذي تعيشه الجماهير فتطالب بأعادة النظر بمحتوى وأسلوب العمل الفكري والأعلامي والثقافي !
ومثلما تشتم الآخرين وتتهمهم بالمتوهمين ، يجدر بك أن تقول للحزب ذلك ، لأنه حسب توصيفك أعلاه ، إنه كان متوهما أيضا .

يوجد في الجعبة الكثير مما يمكن أقرع به الناقوس للعزيز الظاهر بعد تأملي لتأملاته الطموحه الشاتمه تلك ، ولكني أكتفي ، فقد نفضت عني ريش المثقف ، لأتخلص مما حفظت من كليشيات طيلة اربع عقود مديدة . ويطيب لي هنا أن أأوكد على اني لست من الشامتين ولامن الوعاض الذين يقدمون " الدروس " تحت أي عنوان ، ومن بينها ( حرية النقد ) .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-06-2010     عدد القراء :  2519       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced