اخطاء القادة أدت الى فشل ثورة 14 تموز
بقلم : سنا الجزائري
العودة الى صفحة المقالات

تحل علينا الذكرى الثانية والخمسون لثورة الرابع عشر من تموز الخالدة. حدث مر عليه وقت طويل لكننا نسعى أن نتذكره لما له من أهمية بالغة في تاريخ العراق الحديث، وما يحمل من دروس وعبر خصوصا لاجيالنا الشابة. فقد شهدت البلاد تغيرات كبيرة نتيجة للثورة تمثلت في إطلاق الحريات الديمقراطية، وظهور الأحزاب السياسية إلى العلانية وانتشار الصحف والمطبوعات. ان هذه الثورة كانت حصيلة تضافر القوى السياسية في العراق التي توصلت إلى إقامة جبهة أسمتها وقتها "جبهة الاتحاد الوطني" في شباط عام 1957، وكم نحن الان في حاجة للاستفادة من هذا الدرس تحديدا.

لا يمكننا أن نقلل من شان ثورة كهذه، نظرا لما حققته من منجزات كبيرة في فترة زمنية قصيرة، فقد وقفت ضد الحكم الملكي وضد الاستبداد والمواثيق الاستعمارية، ومثلت مطامح وتطلعات الشعب العراقي آنذاك على الرغم من التعثر الذي واجهته في مسارها. ولا ننكر أو نتناسى أن قيادتها وقعت في أخطاء جمة إلا أن هذا لا يعني أننا لا يجب أن نستحضرها ونتعلم منها حين نقلب صفحاتها، فللثورة تأثير واضح في تاريخ العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي فضلا عن أنها جزء لا يتجزأ من حركة التحرر الوطني في المنطقة العربية لا بل العالم الثالث.

قامت ثورة 14 تموز باخراج البلاد من حلف المعاهدة المركزية - المعروف بحلف بغداد- والذي كان يضم (إيران، تركيا وباكستان) وألغت القواعد العسكرية الأجنبية الموجودة في قاعدتي الشعيبة والحبانية، و حررت الدينار العراقي من العملة الإسترلينية وشرعت قانون الإصلاح الزراعي، الذي كان حلم جماهير الفلاحين وأصدرت قانون الأحوال الشخصية، و شرعت قوانين العمال لتضمن حقوقهم وقامت بإبرام اتفاقيات مهمة مع البلدان الاشتراكية آنذاك.

وحينما نذكر ثورة 14 تموز يتبادر إلى الذهن مباشرة زعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم، ودوره البارز، الذي حظي بدعم القوى السياسية، خصوصا الحزب الشيوعي العراقي وجماهيره، وايضا نذكر الأخطاء التي ارتكبها قاسم الذي تعرض الى ضغوط كثيرة من أطراف سياسية من داخل العراق كما انه كان محاربا من جهات خارجية أيضا. اخطأ قاسم بشكل كبير في سياسة "عفا الله عما سلف" و "فوق الميول والاتجاهات"، التي سمحت لقوى الردة بالنشاط، وايضا إطالة الفترة الانتقالية و عدم إجراء الانتخابات وتشريع الدستور الدائم. اخطأ قاسم أيضا في تقييمه لخطورة الصراع مع شركات النفط الغربية، واخطأ في تقييمه الصراع مع القوى المضادة للثورة. ومن ابرز اخطائه اعتماده على جهاز امن النظام الملكي، كما اخطأ في لجوئه الى القوة العسكرية لحل التناقض مع قيادة الحركة الكردية، ويمكن القول ان الثورة لم تنجح لان قاسم اعتمد بالدرجة الأساس على ذهنيته العسكرية ولم يكن ذا خبرة سياسية.

لقد قال برناد شو: "أن الوطنية هي القناعة بان هذا البلد هو أعلى منزلة من جميع البلدان الأخرى"، وعليه لا يختلف اثنان على وطنية ونزاهة وعراقية عبد الكريم قاسم وكيف عمل بجد من اجل تغيير صورة البلد. وفي الحقيقة إن العراقيين لم يشهدوا على مدى تاريخهم الطويل زعيما وطنيا كقاسم أحب الشعب والفقراء.

إن ثورة تموز كانت ناجحة وبامتياز لان الجماهير الواسعة قد احتضنتها، وقد دامت الثورة أربع سنوات ونصف السنة، وحققت منجزات كبيرة للشعب، ولكنها ذهبت ضحية مؤامرات وتعقيدات لأوضاع داخلية وخارجية اضافة الى اخطاء قادتها. فهي على الرغم من قصر عمرها كانت ثورة حقيقة هدفها وغايتها النهوض بواقع البلد وتحقيق التقدم والازدهار.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 13-07-2010     عدد القراء :  2043       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced