الامال الضائعة
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

هو معيار الفيصل بين الفشل والنجاح فبمقدار ما يحققه المرء من الامال يكون هو المقدار من النجاح والعكس صحيح فبالحجم من الامال والامنيات المتحققة يتضح حجم الفشل وبالطبع فالامال ليست واحدة عند الناس جميعا فهي تتحدد بدرجة الطموح وهذا يتحدد بالضروف، فبالضروف المواتية يكبر الطموح وكلما ساءت الضروف تقلصت الامال وانخفض مستوى الطموح كما ان الطموح يحدده المستوى الاجتماعي والثقافة العامة للانسان فآمال القروي وطموحاته ليست كطموح ابن المدينة فهي تختلف كما ً ونوعا ً 00 وقصة جبر الذى طلب الكتابة على قبره ( هذا جبر من بطن امه للقبر ) لهي دليل على فشل الانسان في تحقيق اماله في الحياة فعندما وجد جبر وقد وصل الى سن الشيخوخة ولم يحقق امنياته فقد احس بان السنين الطويلة التي قضاها من عمره كان ميتا فيها فالانسان الذى لايستطيع ان يحقق مايصبو اليه خلال سني حياته فلا يجب ان تحسب من عمره وطالما هو لم يحصل على اى شيء فكانه مات فور ولادته فان كل تلك السنين لاقيمة لها في نظره 00
فالانسان الذي لايستطيع ان يحقق جميع طموحاته فانه لم يعش الا فترة ما تحقق منها فقط اما السنين التى عاشها في الحرمان فلا يجوز ان تحسب من حياته فبقدر ما يتحقق من طموح الانسان تقاس درجة نجاحه او فشله وبما ان الاماني والطموح يختلف من انسان لاخر ومن مكان لاخر وبما ان طموحات ابن المدينة اضعاف طموحات القروي فبالمعادلة والقياس يكون ابن المدينة لايعش سوى جزء قليل من حياته ولربما سنين قليلة اوربما اشهر فقط حتى لو تجاوز عمره المائة سنة فسنين العذاب والحرمان لايجوز ان تحسب من عمر الانسان فالمرء الذى قضى في السجن عشرين سنة هل يمكن ان تحسب هذه المدة من عمره ابدا فكيف بالانسان الذي قضى حياته كلها في العذاب والحرمان فهل تحسب له حياة ابدا بل يجب ان يطبق عليه ماكتب على قبر جبر 00
ومن هذا المنطلق يجب ان تحسب الاعمار وليس بعدد السنين 00 وحيث ان الاماني تتغير كما ونوعا في نفس الانسان الواحد فاماني الطفل ليست هي نفس اماني الشباب واماني الشيوخ تختلف عن اماني الشباب كذلك فهي تتغير حتى بالنسبة للزمن فما كان يرغب في تحقيقه قبل ثلاثون عام يختلف عن ما يرغب في تحقيقه اليوم او ما يرغب في تحقيقه بعد عشرون اوثلاثون سنة قادمة فالطموح لايتوقف عند حجم معين اونوع معين وعليه فلا نجد في الدنيا من عاش حياته كلها ،والسعيد المحسود من استطاع ان يعيش نصفها فحاجات الانسان ليس لها حدود وطموحه يرتكز على حاجاته فكلما ظهر شيء واستجد رغب في الحصول عليه والعالم يتسارع بما يقدمه في كل يوم من اشياء يحتاج لها الانسان وهي في تنوع وازدياد مستمر مما غدت فوق قدرات السواد الاعظم من الناس مما يزيد من معاناتهم بسبب عجزهم عن الحصول عليها وهي اسباب مضافة لتقصير اعمارهم الافتراضية ونحن نعلم ان الانسان طماعا ً لايكتفي ولايشبع مهما جمع من مال او حصل على جاه فهو كنار جهنم يقول هل من مزيد وقيل في الامثال ( القناعة كنز لايفنى ) كلمة لاتوجد الا في بطون القواميس وفي عقول السذج من الناس وقالوا قديما ( طمعه قتله) فان لم يقتله فبالقليل سوف يجعله بعذاب دائم فكل الناس هم جبر وكم يتمنون ان يكتب على قبورهم ماكتبه جبر على قبره 0000
وكم من الناس من كان موضع غيرة وحسد من الاخرين ولكنه تجده في قرارة نفسه غير مرتاح لانه لم يحقق كل طموحه فان تزوج بامراة حسناء وصغيرة السن فسوف يبحث هنا وهناك عن غيرها في الوقت الذى لايستطيع غيره من التزوج لعدم توفر المال له وان استطاع ان يمتلك قصرا منيفا فسوف يبحث عن قصور اخرى يقتنيها وهكذا هو الانسان في طموح مستمر لايقتنع بما لديه وما يتمناه غيره فلا يصل الى يديه فالنجاح هو شعور داخلي قبل ان يكون تقييما اجتماعي فالناس تقيم غيرها بما تراه ولكن لاتستطيع ان تدخل عقولهم وتعرف كيف يفكرون وبماذا يشعرون فقد تكون هناك نقاط سوداء في حياتهم تؤرقهم وتقظ مضاجعهم وتجرح مشاعرهم واحاسيسهم وتجعلهم يعيشون في عذاب مستمر 00فقبل عدة سنوات اقدم شاب على الانتحار مع ماكان يملك من اطيان وعقارات وجاه واسع وثروة محترمة فحار الناس بسبب انتحاره فهل كان السبب هو شعور بالفشل والاحباط ام خوف من تهديد وملاحقة مستمرة من عدو او اكتشاف تفاهة الحياة ام كانت نقطة سوداء في حياته لم يستطع تجاوزها كل تلك الاحتمالات كانت واردة لدى الجميع ولكن بالتاكيد كان هو وحده يعرف السبب 00فالنجاح اذا لايقاس دائما بظواهرالامورولكن العجز عن تحقيق الطموح والفشل الذريع او الخسارة الكبيرة المفاجئة قد تدفع الانسان وهو في قمة ازمته الى الانتحار او على الاقل سيكتب على قبره ما كتبه جبر 00 فالشعور بالاحباط عبىء ثقيل ليس بمقدور كل انسان تحمله ولكن مع ذلك فقوة التحمل تختلف بين الاشخاص فهناك من تكون له القدرة العالية على تحمل الازمات مهما كانت درجة صعوبتها او خطورتها فلديهم الارادة القوية على اعادة المحاولة وقد تمكن البعض من تجاوز محنهم واستعادة اوضاعهم وتجاوزوا فشلهم وارتقوا الى نجاحات اكبر فقد يجدوا سعادتهم في الصراع مع الزمن والتغلب على الصعاب ومستعدين ان يبداوا من الصفر فالاختلاف في قوة الاحتمال قد تكون عوامل وراثية تجعل من البعض ضعاف امام الازمات ينهارون باول فشل واخرون يقفون صامدين امام الازمات ولا يعترفون بالهزيمة ويؤمنون بان الحياة اخذ وعطاء فيوم لك ويوم عليك، وتلعب عوامل الوراثة في بناء الشخصية كما قلنا فتدخل في جينات دمه فتخلق انا س لهم قدرة التحمل على الازمات أو لهم القدرة على الاقتحام والمناو رة والمثابرة وقد يكون للبيئة والتربية العائلية تأثيرها الكبير في بناء شخصية الفرد في نجاحه أو فشله فقد يكون فشله في ذاته وداخل كيانه وليس بسبب عوامل خارجية فقد نجد شخصا ً يشكو ويتذمر لانه لايجد له عملا ً ويعزو ذلك لعدم توفر الفرص أو انه لايملك المال لإقامة مشروع يدر عليه الربح الذي يؤدي الى نجاحه وتحقيق آماله ولكنه في الحقيقة انسان عاجز ،فالعمل موجود والفرص متاحة ولكن يجب على المرء أن يبحث عنها ويطرق الابواب فالعمل لايأتي للمرء بل عليه أن يذهب اليه ويفتش عنه بجهد دون كلل ثم ان المال ليس مشكلة فكثيرون من بدأ من الصفر بعمل بسيط أو أجر متواضع لكنهم إستطاعوا أن ينجحوا بجمع أموال كثيرة والحصول على أعمال جيدة والتدرج فيها خطوة بعد خطوة ، فالنجاح والفشل إذ ن يعتمد كما أسلفنا على شخصية الفرد والعوامل النفسية والوراثية قبل أن يكون للعوامل الخارجية تأثيرأ ً في إضاعة أماله فيصبح حاله كحال جبر 000
والامال الضائعة قد لاتقتصر على النشاط العام كالتجارة والتعا ملات الاجتماعية فقد تضيع الامال حتى في الامور الشخصية للانسان وفي حياته العائلية وهو امر لايقل اهمية عن حياته العامة بل قد يكون اهم منها ومرتكزها فكثيرا ما يؤدي فشل المرء في حياته العائلية الى فشله الذريع في حياته داخل مجتمعه ففشله في اختيار زوجة مناسبة له تنسجم معه وتشجعه في اعماله وانشطته قد تكون كارثة عليه فاعتماده على اهله في البحث عن زوجة له كثيرا مايسبب له احباطا وذلك اذا اختاروا له فتاة لاتتفق وميوله ولاتنسجم وطباعه وعقليته او ثقافته فتبدا المشاكل والمشاحنات وتظهر الخلافات بشكل واضح وجلي فتجعل حياته جحيما فتبدا العثرات في عمله ويصيبه الارتباك وتلازمه الانتكاسات فتتبخر احلامه واماله فطبيعة حياة الفرد داخل عائلته تلعب دورا مهما في جميع مجالات حياته فمن ولد ونشا على الانزواء والانطواء والعزلة وعدم الاختلاط معتمدا في قضاء حاجاته على اهله سوف ينشا ضعيف الشخصية لايستطيع ان يشق طريقه خلال زحمة الحياة ومتاعبها ويعيش عبئا ثقيلا على مجتمعه واهله وسوف يركبه الفشل لامحال وسوف لن يستطيع ان يحقق طموحه واماله فعلى الانسان ان يكون شجاعا وقويا ومغامرامعتمدا قول الشاعر( مافاز باللذات الا من كان جسورا ) وبعكسه فتضيع حياته هباءا وينطبق عليه قول جبر 000!!!

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-08-2010     عدد القراء :  2399       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced