ثلاثون عاما على غيابها
بقلم : احلام السعدي
العودة الى صفحة المقالات

15/8/1980
الشهيدة اكرام عواد سعدون السعدي
كان يوماً شتائياً قارص البرودة (اكتوبر 1980 ). جلست في غرفتي أطالع واجبي الدراسي، دخل أحد الرفاق حاملاً بيديه "طريق الشعب" ليسلمها لي. تركت ما في يدي وبدأت تصفح العدد الجديد وعناوينه الرئيسية، واذا بي وكأن اسم والدي قد خطف أمام ناظري، ولكنه غاب بعد لحظات، ولم أعد أعرف أين اختفى. رحت أبحث، دون جدوى، عن الاسم بين السطور. سرت في جسمي قشعريرة من نوع أشعر به أول مرة.
كان الألم يعتصر قلبي، وراح الحزن يخيم علي، وخمنت أن فاجعة ما قد ألّمت بالأهل في العراق ..
استنجدت بالرفاق للبحث في صفحات "طريق الشعب"، حيث أخذ كل رفيق بعض الصفحات للتفتيش عن الاسم، أما انا فقد كنت أتمنى أن لا وجود للاسم وأنه مجرد تشابه بالاسماء .
فوجئت بأحد الرفاق يتمتم "وجدت الاسم ولكنه ليس اسم والدك وانما أختك اكرام .. "
تجمدت في مكاني، لم أستطع أن أذرف دمعة لحظتها للمفاجئة التي صعقت بها، ولكنني بقيت على وضعي دون حراك، بينما راح الرفاق والأصدقاء يخففون عني صدمتي بكلماتهم المفعمة بالتعاطف والدفء والحنان.
وقع الخبر عليّ كصاعقة. استمرت هذه الحالة لساعات طويلة بعدها أجهشت بالبكاء المتواصل ليل نهار .. 
تذكرت اكرام، تلك الشابة الهادئة، الوديعة، القنوعة، المتواضعة، المحبوبة، التي لا تعرف معنى للحقد والكراهية، المتسامحة التي تشع ذكاء. تلك الفتاة التي أحبت حزبها حبا ليس له حدود، وأحبت العلم والمعرفة، وجعلت من الكتاب صديقها الدائم الذي لا يفارق ظلها .. تذكرتها  شجاعة لاتهاب الموت، كاتمة للأسرار سواء الحزبية او الشخصية أو العائلية.
أحبها الجميع وأحبتهم وتعاملت معهم ببساطة واصالة، حيث كانت مع الصغار صغيرة تقترب منهم، ومع الكبار كبيرة، متفهمة، ومقنعة.
غادرت اكرام وتركت حسرة في قلوبنا .
اكرام التي لم تكمل عامها الخامس والعشرين قدمت زهرة شبابها من اجل حلمها في أن ترى راية حزبنا "وطن حر وشعب سعيد" تخفق في سماء العراق .
في أحد الايام، وعند اشتداد الهجمة على حزبنا، نادت والدتها لتسلمها وريقات لفتها بطريقة
متقنة تقيها من الأضرار، وقالت لها إن حياتنا كلنا في هذه الأوراق، خبئيها في مكان لايعرف به أحد سواك.
خمنت الوالدة أن هذه الاوراق هي بطاقة عضويتها الحزبية، فدفنتها في حديقة الدار الخلفية ولم تبح بسر المكان لأحد الا بعد اعدام الطاغية .
خرجت اكرام ولم تعد،
فقد ذهبت الى حيث قدمت مثالها المضيء ومأثرتها الملهمة التي نستعيد ذكراها كل حين ..

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 17-08-2010     عدد القراء :  2056       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced